اختنق المساء فجأة ! صوت النحيب يملأ البيت العتيق، يشي بروح مغادرة، الخوف ينبئ بلحظة قادمة مجهولة الهوية .. وهي ..تقف مذهولة، تحاصرها الأسئلة، والبرد يغتال ذكريات دافئة زرعتها في أصيص العمر لأبيها الذي يغادرها اليوم إلى غير رجعة سخونة الدمع على خدها حملتها إلى شريط صور طافح بالألوان، لتلك اللحظات التي كانت تحسّ بالأمان في حضن عينيه، حين رغباتها تأتي دونما أن يقال لها كلمة لا لا ..التي كانت حاضرة أمامها بعيد زواجها الذي كان إحدى تلك الرغبات التي منحت لها دون قناعة من أبيها .. لم تتسع الأرض لفرحتها حين قبل والدها، كذلك لم تتسع الأرض لحيرتها بتغيّر زوجها وتحوله من الحمل الوديع إلى الرجل الذكوري التصرفات، إثر عرسها بشهر بدأت تسمع رفضا لرغباتها وتسأل نفسها بحيرة وحزن عما فقدته بهذا الزواج إثر قصة حب هزّت استقرار أسرتها .. عزاؤها الوحيد كان وجود أبيها الذي لم تقدر الأيام أن تسرق زهو ضحكتها الطفولية من حياته، ولم تقدر الشمس أن تحرق وريقات شجرتها الندية في فصول الحب كله.
قلبها يخفق بين تمردها على قبول هذا الموت الذي ماتت به أيامها الآتية، ورضاها بمستقبل غامض لا تدري كيف سيكون، وعواصف دمعها تثير أمامها صورا متزاحمة لهذا النبي الذي يرحل فجأة أمام الجسد المسجى وقفت ملتاعة، لامست أصابعه وتذكرت حين كان يمشط بهم شعرها وإن كبرت على ذلك، فانهمرت دموعها أنهارا وحيدة هي أمام الفقد الذي أحسته بزواجها، ووحيدة أمام نفسها وبكت ..كما لم تبك من قبل بكت الفصل الأخير من حياتها ووالدها الذي علمها كيف تكون الأنثى أنثى.
الفصــــــل الأخــــــير
بقلم: ايمان شرباتي/ سوريا
شوهد:949 مرة