بالنسبة إلينا نحن رواد المقهى ، فقد كان لنا مخلوف أولاً وأخيراً هو مخلوف! لقد كانت له أخلاقه وهو متمسك بها ولا يرغبُ في تغييرها ! كنا نُبدي له الاحترام لكن نحتقره بيننا وين أنفسنا، وبالأخص في شلتنا الصغيرة في زوايا المقاهي، أو تحت أعمدة الإنارة في الصيف...
غير أن ما رواه لنا بوحركات الحارس في مؤسسة التنمية العقارية جعلنا نُغير رأينا فيه ظاهراً وفي مجالسنا الحميمة ...
بوحركات عرفناه كثير البكاء ، شاكياً من صعوبة تدمير لقمة العيش ، والبطالة وأولاده الثلاثة فطلباتهم لا تنتهي أبدا...
وجده في الطريق فأركبه معه في سيارته الفاخرة، وقد كان يحمل معه مبلغاً كبيراً من المال، فخاف مخلوف من أن يسرقه أو يُفكر في أذيته ، فالفقراء بطبعهم يكرهون الأغنياء الناجحين ...
ويبدو أنه ندم أشدّ الندم على أخذه معه...
لكن بوحركات انطلق كعادته يبكي ويشتكي ، وأنه محتار في تدبير الأكل واللباس لأولاده ، وقد مل من البكاء والتذلل للناس الذين يتجاهلونه دائما ً...
دخل بوحركات قلب مخلوب لطريقته في التشكي فأخذ عنوانه ووعده ...
و بالفعل تدبر ّ له عملاً؛ حارساً في مؤسسة يديرها أحد أصدقائه المقربين...
قال لنا بوحركات : ـــــــ لا يخلو عالم الأغنياء من ناس طيبين ...
هل سيتوقف بوحركات عن البكاء أم أنه سيكتشفُ أن عالم الموظفين أيضا ملئ بالناس الباكين ؟...