كانت جدتي دائما تردد عبارتها اللازمة : سأعيش شامخة كالنخلة الوحيدة في قلب الصحراء، وكانت تمر كلمة جدتي مرور الكرام، وهاهي جدتي قد ودعتنا إلى غير رجعة سنوات التسعينيات ولم تتوقف عن ترديد عبارتها، لم نكن هذه المرة قبيل وفاتها لنفهم العبارة حتى أفقت على حقيقة مرة، وعرفت أن لجدتي أقارب وأقارب ولكنهم لا يزورونها إلا نادرا بينما هي ولطيبتها وصلتها للرًحم كانت تتنقل من قريب لآخر تسأل عن صحة هذا وهذه وتلك، وكانت شغوفة بالسؤال عليهم وعلى أولادهم لكنهم لم يكونوا ليبالوا بها، الأمر في غاية البساطة، لأنّ جدتي كانت فقيرة، وكان معظم أقاربها إمّا مسؤولون أو يملكون من المال مايجعلهم يترفعون عنها وعن غيرها ...
الحقيقة أنّ الأمر مؤسف حقا بل ومؤلم، ولكن هذا هو حال الدنيا ...
ماتت جدتي لتترك عبارتها المشهورة دون أن تعلم أنها بعبارتها رسمت أجمل لوحة في صحرائنا الجميلة وهي لوحة النخلة الشامخة، فرحمك اللًه جدتي، وسامح اللًه أقاربك فالدنيا لاتقاس بالمال وأنما مانتركه وراءنا من ذكر وإنطباع جميل في قلوب الناس وتبقى قصة جدتي شامخة كشموخ النخلة الباسقة..