أمضيت الليل وأنا أحملق في شجرة عيد الميلاد البالية تلك. كانت المصابيح الملونة تضيئ بألوان خافة هذا ليس بالشيء الغريب فوالدي قد ابتاعها بثمن بخس، يعادل ثمن ذاك الجورب المعلق في غصن الشجرة.
كان الضجر قد تملكني ولا أزال أنتظر «سانتا كروز» ليأتي.. وكلي خذلان فنحن لا نمتلك مدخنة ليتسلل من خلاها «سانتا» ويترك الهدايا. حتى وإن دخل من النافذة فلا أمل في أن يترك لي هدية، فأنا لم أعد له الكعك هذا ليس كوني بخيلا بل لا طحين لتحضير كعك ولا أم لتساعدني في الطهي، لو كانت معي الآن لملأت رائحة زكية أرجاء هذا المنزل. فقد كانت أناملها تبدع في خبز الكعك...كنت هذه هي محادثتي لنفسي قبل أن أغط في النوم...
فجأة، استيقظت على واقع طرق الباب بشكل عنيف، يتبعه صرخات متتالية.. وأخيرا «سانتا كروز» قد أتى ياله من يوم جميل. هرعت في فتح الباب ليكون أول ما رأيته هو قرن الأيل الخاص بـ «سانتا»، لكن فجأة تقدم إلي ذاك القرن بشكل مباغة. من شدة شعوري بالفزع سقطت أرضا ليدخل رجلان للبيت وكانا يصيحان «هيا يا علي فلتخرج إلى هنا».. ليتبين لي فيما بعد أن ذلك لم يكن قرنا بل سلاح...
اخذوا والدي وأخرجوه وأنا أتوسل إليهم كي يتركوه: «لا لا أرجوكما أتركا أبي..»
ليقفل أحدهم الباب، نهضت لأطل من النافذة وقبل أن ألمح شيئا سمعت صوت ثلاث رصاصات متتالية... حتى رأيت أبي ملقى أرضا والدماء تغطيه...
كانت هذه هي الهدية.. لكنها لم تكن كما توقعتها.. فالزائر لم يكن «سانتا»، بل جنود الإحتلال..