ذَهبتَ بعيداً يا صاحبي
في الوجع،
وأسْرجت خيولَ الليلِ، والطيرُ في وكناتها،
ذَهبتَ بعيداً
وأدرتَ ظهركَ للطريقِ،
وزرعتَ عندَ الغيبِ وردةً
سليمان
لستُ أدري كيفَ تَأتي المواجعُ
ولا كيف يكونُ الانتظارُ موغلاً
في الصمتِ،
ولا كيفَ يكتبُ الجسدُ انهيارهُ
وكيف تسكنهُ الهواجسُ
ويفتحُ أبوابَهُ مُكرهاً لذاكَ القادمِ
سليمان
جاءَني صوتُكَ من بعيدٍ مطرزاً بالحناءِ
والزعفرانِ
كانتْ الروحُ تَبحثُ عن مُستقرها،
وتلبسُ البياضَ في الرواقِ،
سليمان
انتظرتُك عند منعطفِ القلبِ،
لعلَّكَ تَأتي من الغيابِ،
كنتُ أرسمُ مجيئكَ على جدارِ الترقبِ،
كنتُ أكتبُ صمتَكَ قصيدةً
وغيابكَ صلاةْ،
سليمان
هذه الشّمسُ تأتي من مغربها،
وعرباتُ الموتِ تحرثُ الأرضَ،
تُبعثرُ حُزني من طولِ الرحيلِ،
وكان الترابُ يُهاجرُ إليكَ
كي يستظلَ بكْ،
ضَاعَ الحلمُ منا،
كان يجبُ أنْ نَراكَ
قَبْلَ أنْ يَنْضُجَ الموتُ،
كُنْتَ تعرفُ أنكَ صِرتَ وَحْدَكَ،
كُنتَ تَمضي وحيداً في عُتمةِ الحلمِ،
كُنتَ تَحلمُ بالغدِ،
وكانت «حَفْصيّة» في خُلوتِها تَقرأُ آياتَ الصبرِ،
تُصلي وتُلملمُ شتاتَ الحزنِ،
وتَزْرعُ نَخْلةً للعابرين،
وكان «أحمد» ينسجُ الفجرَ من اليقينِ،
ويفْتحُ البحرَ على الصحراءِ،
ويقولُ في النفس: لماذا تأخرَ الرّبيعُ؟
هو الموتُ إذنْ يتسللُ إلى حُلمٍ
يقودُ خُطاهُ،
يَتعَثّرُ يُمسكُ الألمَ
يرمي به في سلّة المهملاتِ،
بداخلي غربةٌ ومنفى،
يتوغّلُ السّردُ في المعنى ويتمدّدُ في الضبابِ،
أطلبُ الضوءَ حتى أقولُ القصيدةَ،
وأصرخُ في الظلامِ
سليمانُ طِبتَ وطابَ الغرباءُ،