على رؤانا تمرُّ الرّيحُ أغنيةً
ويركضُ الضّوء مهرا في المدى انفلتَا
كأوّلِ اللّوز بالشُّباك ينبئنا
برعشةِ القطر في الأنفاس مذْ نبتَا
وما التفتُ لنهر في يديهِ جرى
يلاحقُ العشْب في كفيّ فالتفتَا
يجاذبُ اللّيل من أثوابه قمرٌ
فكان فوق انكسارِ الماء ملحمةً
تمْشي النّجوم ظباءً فوق سمرتهِ
فأستعيرُ لعينيهِ النّدى لغةً
فتَحتُ دونه للأشجارِ نافذتي
حتّى تمرّ طيور الشّعرِ زقزقةً
وحين دارتْ طواحين الغيوم بكت
على يديّ أغاني الماء واكفةً
لمّا هممنا نقدّ الشّمس من دُبرٍ
مدّ الضّياء إلى الأنهارِ أقمصةً
تفتّش الدّمن السمراء أعيننا
ففزّ دمعكَ بالأطلالِ صومعةً
لنشربِ الآن نخب الجرحِ ليس لنا
غير الشرود على أقداحهِ شفة
إنا هبطنا لسفح الرّوح من تعبٍ
وذنبنا ثمر لم يستدِرْ ثقةً
سنستظِلُ بشكِّ الغصن يربكنا
صوتٌ قديم يربي الحدْسَ أسئلةً
فما أتاحتْ ظِلال الوحي حكمتها
ولا بنينا بأقصى الغيبِ مملكةً
وحيثما هبَّ رجع الرّيح يرجعنا
دربٌ يخبئُ في شهْقاته جهةً.