عجـيـب أمـر الإنـسان ذلـك الكائن الذي خلـقه الله وسـوَّاه وفـضله على كـثـيـر من مخـلوقـاتـه وسخـر له كل ما في الأرض من بر وبحر.. هـو ذلك المؤمـن الـذاكـر الـشاكـر الـمُـطـيـع لله الذي خلقه.. وهو نفسه الكافر الجاحد المتغـطرس الـظالـم لـنـفـسه ولغـيـره.. تجتـمِع فيه كل الأضداد.. فهو القوي الضعيف.. وهو الـشجـاع الجـبـان.. الصادق الكـاذب.. الـبخـيـل الكـريـم.. العالـم الجاهـل.. الحكـيم الأحـمـق.. الألـيـف المتوحش.. الرحيم القاسي.. هو في كل أحواله تمثال من طين إمتزجَ بالروح ليصير هيكلا متحركا من لحم ودم سـوَّاهُ الله وعَـدَّله وجعـله في أحـسـن تـقـويـم.. والنفس والـقـلب والغـرائز التي في داخله تجعل طباعَهُ مُـتـقلِبة وتحلق به المشاعر في عوالِم مُتواتْرَةُ الأبعاد.. من حُبٍ وكُرهٍ.. وأفراح وأحزان والـظـروف الـتي تحـيـط بـه تُـوَلْـد فـي داخِـلـه أحـاسـيـسـا وهـمـوما من واقِعِ الحـاضـر.. تـنـبع مـن ريـاح الأنـانـيـة والعـداوات.. وخوفا من المستقبل.. ذلك المجهـول الـذي لا يعـلمه إلا خـالـق الإنـسان.. والعـقـل ذلـكالجـوهـر الذي وهب للإنسان قوة السيطرَة هو غير كافٍ لعطيه السعادة والرشاد من دون التـمَـسُـك بحبل السماء النوراني المنهج.