الساعة السادسة

د. محمد ضباشه

تنظر عيناه إلى السماء والدموع تنهمر منها تبل الأرض تحت قدميه علها تلمح فى الأفق البعيد بصيص من نور، وشريط ثلاث عقود خلت يمر أمامه مليء بالمآسي والعقبات التي ظلت تلازمه منذ صغره وحتى الآن.
صارع أمواج الفقر وسهر الليالي حتى حصل على دبلوم فنى متوسط اعتقد انه سينجيه وعائلته من ضيق الحال، إلا أن الرياح لا تأتى بما تشتهى السفن،  ظل يتخبّط هنا وهناك بحثا عن عمل يجني منه قوت يومه هو ووالدته وأخواته حتى أرشده الشيخ إبراهيم إمام المسجد بعد صلاة الجمعة للعمل بائع فى محل ملابس وعلى الفور ذهب واستلم العمل ومرت الأيام والشهور وعينيه على فردوس زميلته فى العمل وعلى ما تعرضه على زبائن المحل من ملابس وتمنى أن يرتبط بها فى يوم من الأيام.
وذات يوم عاد من عمله منهكا يفكر وينبش فى سراديب الأماني حتى دخل منزله طرح نفسه على الفراش وصورة فردوس تتراقص أمامه على جدران غرفته، مرت ساعات وهو يغوص فى تفكير عميق بحثا عن حل يقربه من فتاة أحلامه ويحقق ما يتمناه فى تكوين أسره ومر ما مر من الوقت..  
رن جرس التليفون نهض فجأة أمسك به وإذا بها ذات الصوت الملائكي تطلب منه انتظارها فهى فى طريقها إليه، امسك زجاجة العطر سكب منها كمية كبيرة على ملابسه، وأعد كوبا من الشاى يلطف به برودة الجو وبعد لحظات دقات متتالية كدقات قلب مجهد اظنته الليالي تدق على باب منزله، فتح الباب فإذا بها فتاة جميلة بيضاء جذابة الملامح ذات فتنة طاغية وقوام رشيق وجهها كالبدر وأنفها كأنف الأطفال مدت يدا صغيرة ملونة الأظافر فصافحه وهى تصلح من وضع شعرها الذى بدا له كآية من نور..  فتحت والدته باب الغرفة واقتربت منه، جلست بجواره انهض يا بنى أستيقظ الساعة الآن السادسة ميعاد عملك، نهض أحمد مفزوعا من نومه وعيناه تتجول في كل أركان  الغرفة بحثا عنها، صمت قليلا من الوقت ثم ضحك ضحكات هستيرية وقال اللهم اجعله خير اليوم أجازة يا أمى وعاد للحلم من جديد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024