أم أوفى في غزة وحيفا

مبروك بالنوي

يا أم أوفـــــــــــى رؤاي تنــــــــــــــتزف
أتيت حومــــــانتي  على وجـــــــــــــعي
مـنـــــها المـــــــآسي عــــــــليَّ ترتصف
أقــتات من رطب نخــل  محـنـــــــتـــــنا
ليلا وللرقـــــــــــــــمتــــين أزدلــــــــف
مهـــــــــلا قــــفي لحـــــــــــظة نخــاتلها
ولملـــــــــــــمي حــــــــقـــبة هي الأسف
ليتك لو تشجــــــــــــرين ذاكـــــــــــرتي
كي يسبر الجـــــرح ظـــــــــــلَك الورف
كابرت فيك اللغـــــــــات أجمــــــــــــعها
نحو رمــــــــــــاد الرؤى فـمــــــــا تكف
لم تحاك انكـــــــسار أغنــــــــــــــــيتـــي
على جـــــــــــــدار الغــــــــــثاء إذ تهف
فالعـمر غابت هــــــــنا أهلَّــــــــــــــــــته
قـبـــــــــل المحـــــــاق انتشت به السدف
كم أطفأ الوهــــــــــــم في دمـي شفــــــقا
يا أمَّ أوفـــــــى وهـــــــــى تعلّـلـــــــــــنا
بالحلم فالجــــــــــرح فـــــــوق ما أصفُ
خبأتـــــــه عنـــــد كهــــف غربـــتـــــــنا
من بعد مـــــا قـــــــد وشت بنا الغــــرف
ستّــــــون عاما مضت بغــــــصتـــــــــنا
أجـــــــــــترُّ مـــــــأساتــــها وأرتــــشف
ســـــــــتون عـــــــــاما أعــــدّهــــا أزلا
كأن صلصــــــــــالنا بهــــــــــا خــــزف
ما أبلــــحت في الحجاز نخـــــــــلتـــــــنا
إلاّ تــــولّــــــى رطيــــــــــــــبَها الحشف
ســــــــتون عامــــــا تـضـجّ أحــرفــــــنا
في وصــــــــــلها قـــــــــــد تأسف الألف
والريح إذ تستـــــــــــــــــعـــــير أوردتي
فتـــــــنفــــخ الزيـــــــف في يرتجــــــف
مـــــــــــدائني في الوصال توقــــــــــظنا
هـــــلّ زمـــــان الرغيــــــــف يلـتــقــف
هات العشاء الأخـــــــــير يصـــــــلبــــنا
من بعــــــــده كـــــــــلُّ مَــــن رنا يجف
يا أمّ أوفـــــــى بمــــــــــا يحــــــدثـــــني
هـــــذا الذي مِــــــــن رؤاي ينخــــــطف
من بالحجاز العــــــــــريق قبلـــــــــــــته
عنها تـــــــــــــــولّــى وعنك ينــــصرف
حــــتّـــى زهــــــــير نشت قــصائـــــــده
عن وجهك الطـــــــــلق فهــــــي تنحرف
قد حــــــــــــــــــرفـــوها وفي رؤى دمنا
دسّوا سواهــــــــــــــا بمنـــــــــطق يرف
حتّى هفــــــــــــــت بالرحيل أغنـــــــيتي
خاطت تجاعــــــــــــــــــــيدها التي تكف
لا توقـــــــدي في الظلال أخيلــــــــــــتي
يا أمّ أوفــــــــــــــى كــفاك مــــــا الهدف
بالرقمـــــــــــــــــــتين اللتين لم تلــــــــفا
دفنتِ عــــــــــــــرس العــــــراق ينزلف
ما عـــــــــاد للنخل رطب أزمنــــــــــتي
تستمــــــــطر الغــــــــــــيم حين تنغطف
وضيّع الطـــــــــــور فيك حكمــــــــــــته
حــــين تـــهـــــــــجّى دمـــــــاءنا الجنف
يا غــــــــــــــربة الذات في مـــــــواسمنا
أبعـــــــــــــــــــد عـــــــشرين حجة أقف
أبعــــــــــــــد عـــــــشرين حجة انطفأت
فيك ســـــــــــــــراج انتـــــــــفاضة تلف
يا أول العـــــــمر كـــــــان يحــــــــــملنا
للمنــــــــــــــــتهى في وصــــالك الشغف
أضــــــــــــعتُ فـــــي العشق حلم أندلس
وبعــــــــــــــــــــدها القدس بات ينخسف
يا أم أوفـــــــــى هناك متّـــــــــــــــــــسع
من وقــــــــــــتنا من جــــــــــراحنا يهف
توســـــــــــــدي أضــــــلع القصيد عسى
تفضي الذي في كهــــــــــــــــوفه القطف
واستـنــــــطقي الجـــرح عند غربتـــــــنا
يضـــــــــــيء مــــا قـد سخت به الكشف
تلعثــــــــــــــــــمت عـــــــــنده دقائــــقنا
ترنّحـــــــــــتْ عــــــــــن دجاك تنحرف
لا تــــــــــــــوسديني جــراح أزمنــــــتي
تزاحمــــــــــتْ في غيــــــــــوبها الجيف
تشوي غنائي عــــــــــــــــــلى مشارقــها
وباسمها يعــــــــــــــــــرج الهوى الزلف
فاستـــــــعذبتْ في هياكـــــــلي ألـــــــمي
حين تـقــــــــــرّى مغيـــــــــــبها الشظف
راحت تحـــــــــــاكي شتات ذاكـــــــرتي
لعلها تجـــــــــــــمع الذي حـــــــــــــذفوا
تستــــــــــــــقرأ النخل في رؤى وطــــن
يروي كــــــــــــــــــوابيـــسه لها السعف
فتــــــــــــــــنفخ الريح نايه وجــــــــــــعا
وغــــــــــربتي لحنه الذي عـــــــــــزفوا
أهــــــــــــــرقتُ فيه رِواءَ خابيــــــــــتي
فـــــــراح مــن مقــــــــلتـــــــــيَّ يغترف
يا أمَّ أوفـــــــــى كفاكِ تعــــــــــــــــــرية
لجرحــــــــــــــــــــــنا لـــم يعد لنا صلف
من يســـــــــــــــــتردّ الذي تمــــلّـــــــكه
برُغْــــــــــــــــــــــمنا سامــــــريّنا التلف
ألـــــــــــــــــــــــواح موسى رميت أولها
للعجـــــل تيــــــــها  عــــــــــليه نعتكف
فكـــــــــــم أضعنا بباب مقــــــــــــــدسنا
كـــم جبة فـــــــــــــــــي الفصول نستلف
كـــــــــم جبة تســــــــــــــتر الذي كشفوا
من جـــــــــــــــــــرحنا حين روحنا تلف
ما شوهوا فــــــــــي ربى انتفاضتــــــــنا
وحلــــــــمنا صار إخــــــــــــــوة اختلفوا
تقاتلـــــــــــــــوا باسم كل مـــــــــــرتزق
تحت لـــــــواء التمـــــــــــــــزق ازدلفوا
كم غــــــــــــــــزة في دمـــــــاءنا غسلوا
كـــــم دمعة فــــــــــــــــي عيوننا رشفوا
كــــــــــــــم مسجد فــــــي صلاتنا وأدوا
كــم سجدة فــــــــي جــــــــــراحنا نطفوا
كـــم صيحة مــــــــــــــن ضميرنا كتموا
كــــــــــم روضة فـــــي قلــــــوبنا نسفوا
هـــــــــــمُ الأشقاء في عـــــــــــــــداوتهم
قــــــــد أينــــــــــع الحقد بيـــــــنهم يهف
أرجـــــــــــوك لا تسألي عـــــروبتــــــنا
صفاتـــــــــها في رفـــــــــــــــوفنا تحف
يا أمَّ أوفـــــــــــــى سخت سياســــــــتــنا
يا أنتِ مــــــن أيـــــــن تــــأكــــل الكتف
أين الــــــذي أبـــــلــــحت مبادئـــــــــــنا
أم رطـــــــــــــــبها في نخيــــــلها حشف
من بعــــــــــــــــد عشرين حجة نضجت
أشواقـــــــــــــــــــنا بالسلام تــــــتصف
أين السلام الـــــــــذي هفت خريطـــــــته
وغـــــــــــــــــــــزة الجرح عنه تنحرف
فكـــــــــم قـتـــــــــلنا ضمـــير أمـتـــــــنا
واغــــــتال فينا رمــــــــــــــوزها الهيف
ماذا رسمـــــــــــنا. طريق محنــــــــــتنا
كــــــم استشاطت دروبــــــــــــه الجَوَفُ
هل أنكــــــــــــــــرت أمتي أمــــومــــتها
لو مسًّــــــها الحيف مسَّــــــــــــــني لهف
ضيــــــــــعتُ عند الطريق بوصـــــــلتي
شمال كــــــــــــــــــــــلّ الجهات ينعطف
يا أمَّ أوفــــــــــــــــــــى كفاكِ فلســـــــفة
في العشق مَـــــــــــــــن للجراح ينتصف
مـــــــن ترتجــــــــــيه يعــــــيد ذاكــــرة
ولهى تلاشى بهــــــــــــــــا الهوى الدنف
من تـنتـــــــــــــــــــــــــقيه لكي يناصحنا
وهـــــــــــــــا زهـــــــــــير أتاك يعترف
أين ابنُ عــــــــوف يعـــــــــــــيرنا رشدا
وابنُ سنان
يا أروع السيـــــدين فــــــي زمـــــــــن
تغـــــــــــــــــار منه دهــــــــورنا النُشَف
هــــــــلاّ تــداركـــــتما دمــــــــــــا سربا
لإخــــــــــوة بالدسائس انجــــــرفـــــــوا
عــــــادوا بجاهــــــــــــلية وعـــــــــــلى
أصنامــــــــهم بالدمــــــــاء قد عكــــــفوا
العـــــــــرب مـــــاتت أجـــــــل وأولـــها
مـــن كان للغـــرب قـــيـــــــــــــنة تجف
يا أعــــــــظـــم السيــــــــدين لو تـــقــــفا
عــــــــــــلى منافي مخيــــــــــــــــّم يلف
ضعنا فـــــــــــلا خيمة هنا رفـــــــــــعت
ولا شــــــــــــــــريد يؤوب.. يــــــزدلف
تنازلــــــــــوا عن حقوق إخــــــــــــوتهم
هـــــــــــــلاّ انتفــــــــــضنا نعود.. نأتلف
أيــــــــن الإباء الذي به عـــــــــــــــرفوا
في صـــــــــلبنا كــم تـصوغـــــه النطف
يا أمّ أوفــــــــــــى لـــــــــنا قصـــــــائدنا
يعلـــــــــو مــــــرايا حـــــــروفها الكلف
هـــــــــــــلاّ أعــــــــــدنا رؤى انتفاضتنا
تجــــــــلو المــــــــــــرايا فيبرق الشرف
نعـــــــــــــــيدك الآن مــــــــــن حجارتنا
دمـــــــــــــــا أبــــــــيا يثــــور.. ينعطف
كــــــفى احتراقا عـــــــــــــــــلى مسافتنا
تحـــــــــوي الذي ظـــــــــلّ فيك يحترف
حتى تبــــــــــين الذي هـــــــــــــنا كتموا
وسرَّ كــــــــــــــــــــــل الغــــلاة ينكشف
يا أمّ أوفـــــــــى كـــــــــــــفاك قد سئمت
مــــــــــن جرحـــــــــــــنا نيّراتنا الذُرُفُ
و حوصـــــرت بالشجون ذاكـــــــــــرتي
حتى تراخــــــــــــى بـــــها الذي اقترفوا
حاشاكِ ما أخطأت مــــــــــــواجــــــــدنا
أو حـــــــلّ في ليل ربــــــــــــعها القرف
أو أبــــــــــــــــــرقت للــــوصال غيمتها
أو جـــــــــــــــــــــرّها للمــــواخر القلف
هي التسابيح حصـــــــــــّنت مكارمـــــها
كالماس قد لـــــــــــــــــــفّ دره الصدف
ما كان لقياكِ فــــــــــــــــــــرصة سنحت
لكنه مـــــــــــــــــــــــا سخت به الصُدَفُ
فربّـــــــــــــــما يهـــــــــــــتدي لها زمن
و تزدهينا بنـــــــــــــشرها الصـــــــحفُ
لم تنـــــــــــس يـــــــــــوما زهير دمنتكم
فبعـــــــــــــــــــــد عشـــــرين حجة يقف
وما نسيــــــــــــــــــــــنا هناك غــــــزتنا
ولا خياما غـــــــــــــــــــــــفا بها الوطف
وهل تناسى الــــــــورى عـــــــــــروبتنا
لم ننـــــــــــــــــــــــسها فيك إنها الشرف
فرتلي آية انتـــــــــــــــفاضــــــــــــــــتنا
وباركيها هــــــــــــــــــــــــي الدم الزلف
وجــــــــــــــــرّمي كل حكمة غــــــربت
هلت يحاكي بروقـــــــــــــــــــــها الترف
وعطــــــــــــــــــــــــلي مبدأ الذين رجوا
تعطــــــــــيل ما قــــــــــد سخا به السلف
هـــــــــزّي نخيلي إليك. لا رطــــبا
إلا الـــــــــــــــــــــذي بالإبــــــاء يلتحف
وحـــــرري الفجر في ضــــــمائـــــــرنا
أنت الضياء الـــــــــذي سينــــــــــتصف
وعلّمــــــينا هــــــــــواك ما غــــــــربت
شمس المعـــــــــاني التي هــــــــــنا تلف
وكســــــــّري قــــــــيد محـــنة نــــــزلت
بـــــــنـــــا فأنت الهـــــــــــــوى إذا يكف
وردّدي مــــــا زهـــــير يــنـــــــــــــشده
في حلــــــــم كـــــــــل انتـــــفاضة ترف

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024