(مرفوعة إلى روح الفقيد الأستاذ محمد تين)
أخا اليراع وداعا أيّها الْعَلَمُ
يا مَن أنار الدُّنى فكرا لمَنْ فَهِموا
يا مَن أعاد علينا في جواحظهِ
فكراً فراحت نوادي الفكر تزدحمُ
من أيّ نبعٍ أخذتَ الفكر فانتُظمتْ
أَفكارُهُ ومضى، بالخلد يلتحمُ،
يا مرشداً رافَقَتْهُ الشمسُ في زمنٍ
غاب الضياء به واستكثرت سُدُمُ
طاوعتُ شعري ورحتُ اليوم أرفعُهُ
لكوكب الفكر حيث الحِلْمُ والقيمُ
كم كان ينشر في هذا الوجود رؤًى
قُصَّادُها الخَلْقُ والأوغارُ والأكَمُ
رؤًى تفيد جميع الخلْق قاطبةً
مدى السنين، تُفيقُ الناسَ كلَّهُمُو
يا مرشداً كان للمستمطرين هَمًى
أَلْبِشْرُ يصحبُه والصدقُ والهِمَمُ
ماذا أُكلِّمُ عن قُطْبٍ وعن أَرِبٍ
وعن رشيدٍ بحبل الله يعتصمُ
أزال بالفكر أوهاما وبدّدها
وحرَّر العقلَ، وهْوَ القادرُ العَلَمُ
إضاءةٌ قد غزتْ عمقَ الظلال هُدًى
أين منها صلاحُ الناس والحِكَمُ؟
ومذهبٌ من جمال الروح أنشأهُ
إلى الأنام ليقوى العزْمُ والذمَمُ
يا حاضراً كحضور البدر في سَهَري
يا خاصما حين ساد الظلْمُ والظُّلَمُ
يا ناشرا خيرَ فكرٍ من قناعتِه،
يا ناصراً كلَّ الأقوام إذ حُرِمُوا
أخا المكارم، يا بدراً لصُحبتنا
بمثله تفخر الأسياد والخَدَمُ
أنت الذي عرفتْ نفسي فضائلَهُ
نَهْرَ النضال الذي اهتزّتْ به القِمَمُ
يستكبر الناس من فخرٍ بأنفُسهِمْ
حتى إذا ناظروا أفكارَه ندَمُوا
يا أيّها العلَمُ المرضي بقُدوتِه
عند الأناسي عَلَا، هذا هو الَهرَمُ
حلَّ النَّوى وتوالَى الحزنُ والسَّقَمُ
بعد الفراقِ، وغاب الصبرُ والكَظَمُ