الأسيـر الصحفـي علــي السمـودي:

اعتقال إداري وإهمال طبي يكشف جرائم الاحتلال

تقرير: مؤسسة العهد الدولية

 تواصل سلطات الاحتلال الصهيوني تصعيدها الممنهج ضد الصحفيين الفلسطينيين عبر سياسة الاعتقال والاحتجاز، حيث ارتفع عدد الصحفيين المعتقلين إلى 55 صحفيا في سجونها، بينهم 50 صحفيا اعتقلوا منذ بدء حرب الإبادة المستمرة على غزّة، ومن ضمنهم صحفية واحدة.

تشير الإحصائيات إلى أن الاحتلال اعتقل أو احتجز ما مجموعه 197 صحفيا وصحفية منذ السابع من أكتوبر الماضي، آخرهم الصحفي أسيد عمارنة الذي اعتقل، مساء أمس. وبحسب مؤسسة العهد الدولية، فإن الاحتلال يسعى من خلال هذه السياسة إلى «إسكات الأصوات الحرة ومنعها من نقل الجرائم والانتهاكات»، وذلك عبر ممارسات منظمة تهدف إلى فرض السيطرة على العمل الصحفي، وسلب الصحفيين حقهم في حرية التعبير وصولا إلى استهدافهم المباشر بالقتل والاغتيال في غزّة.

شاهد الحقيقة خلف القضبان

ضمن هذا المشهد يبرز اسم الأسير الصحفي علي حسن السمودي (58 عاما) من مدينة جنين، كنموذج صارخ على الاستهداف المزدوج للصحفيين الفلسطينيين، من خلال الاعتقال الإداري دون توجيه تهمة، والإهمال الطبي المتعمد. فقد اعتقل السمودي بتاريخ 29/4/2025 من منزل ابنه عقب تهديدات متكررة له وصدر بحقه أمر اعتقال إداري مدته ستة أشهر قابلة للتجديد. السمودي الذي عرف كأحد أبرز الأصوات الناقلة لتفاصيل الاجتياحات في جنين يعاني من ملف طبي خطير، إذ أصيب برصاصة في ظهره يوم استشهاد الزميلة شيرين أبو عاقلة عام 2022، ويواجه اليوم آثار تلك الإصابة إلى جانب أمراض مزمنة كارتفاع الضغط والسكري.
ورغم حاجته المستمرة إلى العلاج والأدوية والنظارات الطبية فإن إدارة السجون تحرمه منها، مكتفية بتقديم مسكنات بسيطة كـ»الأكامول»، في سياسة تعرض حياته للخطر المباشر.

قلق متصاعـد على مصير السمودي

عائلة السمودي تعيش حالة قلق متواصل على مصيره، خصوصا في ظل تدهور وضعه الصحي. وتؤكد العائلة أنه لم يعد قادرا على احتمال ظروف الاعتقال القاسية، فيما تفتقده مدينته جنين وأبناؤه الثلاثة: مجد، فرح، ومحمد، الذين يعانون من غيابه بعد وفاة والدتهم. وتطالب العائلة المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية بالتدخل العاجل لإنقاذ حياته وضمان الإفراج عنه.

الاحتلال يسعى لإسكات الأصوات الحرة

قالت مؤسسة العهد الدولية إن استهداف الاحتلال الصهيوني للصحفيين، ومن بينهم الأسير علي السمودي، يندرج في إطار سياسة واضحة تهدف إلى إسكات الأصوات الحرة ومنع كشف جرائم الحرب المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني. وأكدت المؤسسة أن هذه السياسة أصبحت جزءا من منهج متكامل لتقييد حرية الإعلام وفرض رقابة قسرية على التغطية الصحفية. وأضافت المؤسسة أن الاعتقال الإداري الذي يتعرض له الصحفيون، ومن بينهم السمودي، يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، حيث يتم احتجازهم لفترات طويلة دون لوائح اتهام واضحة أو محاكمة عادلة، بذريعة «الملف السري».
واعتبرت أن هذه الممارسة تكشف غياب أي مبرر قانوني أو أخلاقي، وتؤكد أن الهدف الحقيقي هو تكميم الأفواه واستهداف الصحفيين على خلفية عملهم المهني. وشددت مؤسسة العهد على أن الإهمال الطبي المتعمد بحق الصحفيين المعتقلين، ومن بينهم الأسير السمودي الذي يعاني من إصابة سابقة وأمراض مزمنة، يمثل شكلا من أشكال العقاب الجماعي والتصفية البطيئة.
إذ تحرم هذه الفئة من العلاج الأساسي والأدوية اللازمة في خرق واضح لما تنص عليه اتفاقيات جنيف التي تضمن حق الأسرى في الرعاية الصحية. واعتبرت المؤسسة أن هذه الانتهاكات المزدوجة المتمثلة في الاعتقال الإداري غير القانوني والإهمال الطبي المتعمد تفضح سياسات الاحتلال القائمة على تغييب الحقيقة وإسكات الشهود، داعية المجتمع الدولي والهيئات الحقوقية إلى التدخل العاجل، والضغط من أجل الإفراج الفوري عن الصحفيين المعتقلين وضمان حقهم في العمل الصحفي بحرية وأمان.

انتهاكات جسيمة للقانون الدولي وحقوق الإنسان

من الناحية القانونية، فإن اعتقال الصحفيين الفلسطينيين ومن بينهم علي السمودي، يمثل انتهاكا صارخا لعدد من المواثيق الدولية؛ حيث تكفل المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الحق في حرية الرأي والتعبير، بما في ذلك «حرية التماس الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة».
كما يحظر المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف استهداف الصحفيين أثناء أداء واجبهم المهني. أما الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة، والذي يفرضه الاحتلال بذريعة «الملف السري»، فيعد شكلا من أشكال الاعتقال التعسفي الذي يتنافى مع القانون الدولي. وقد أكدت تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية أن هذه الممارسة تمثل عقاباً جماعياً وخرقا للمعايير الأساسية للمحاكمة العادلة.
 كما أن الإهمال الطبي الممنهج بحق الأسرى ومنهم السمودي يمكن أن يرقى إلى جريمة حرب وفق المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة. إن قضية الصحفي الأسير علي السمودي تختصر مأساة الصحافة الفلسطينية، حيث يتحول حامل الكلمة الحرة إلى أسير خلف القضبان، يواجه الاعتقال الإداري بلا تهمة، والإهمال الطبي كعقوبة مضاعفة في وقت تستمر فيه آلة الاحتلال بمحاولة تغييب الحقيقة وإسكات الأصوات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19885

العدد 19885

الخميس 25 سبتمبر 2025
العدد 19884

العدد 19884

الأربعاء 24 سبتمبر 2025
العدد 19883

العدد 19883

الثلاثاء 23 سبتمبر 2025
العدد 19882

العدد 19882

الإثنين 22 سبتمبر 2025