في مثل هذا اليوم، الثالث عشر من أفريل، عام 2002، اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني الشاب حمزة عمر شمارخة، ابن بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم، والذي لم يكن يومها سوى شابٍ في مقتبل العمر، يؤمن بأن الحرية لا تُنتزع إلا بالتضحيات. ستة مؤبدات و20 عامًا هي محصلة الأحكام التي أُلقيت على كاهله بعد اتهامه بقيادة خلية مقاومة وتجنيد الاستشهادية عندليب طقاطقة، التي نفذت عمليتها البطولية عام 2002، موقعّةً على واحدة من أكثر العمليات وجعًا في قلب الاحتلال، حين أودت بحياة ستة جنود وأصابت العشرات.
اقتحمت قوات الاحتلال بيت العائلة في ساعات الفجر، وكان حمزة في المنزل، لم يبد خوفا، ولم يحاول الهرب، اقتادوه مكبل اليدين ومعصوب العينين، وسط صراخ والدته ودموع والده الذي حاول أن يحتضنه قبل أن ينتزع من بين أيديهم. “ما زال مشهد اعتقاله حيا في ذاكرتي” تقول والدته، “ضربوه أمامنا، جروه خارجا كأنه لا يساوي شيئا، لكني كنت أراه في تلك اللحظة أعظم من كل جيوشهم”.
في مراكز التحقيق، خضع حمزة لتعذيب قاس استمر لأسابيع، استخدم فيها المحققون كل وسائل الضغط الجسدي والنفسي لانتزاع اعترافات منه.. لكنه صمد، رافعا رأسه، مؤمنا أن خلف هذه الجدران هناك وطن يستحق أن يفدى.
الـــصـــبر المـــمـــتـــد في قــــلـــب الـــعـــائـــلــــة
يقول والده: “كل صباح نستيقظ على أمل أن يطرق الباب أحدهم ويقول: حمزة عاد.. نعيش على الأمل ونتمسك بالصبر، فهو وصيته لنا”. أما والدته، فتمسح دموعها بصمت وتقول: “كلما تألمت، أذكر أن ابني لا يزال حيا صامدا، وهذا وحده كاف لأعيش”.
داخـــل الـــســـجـــن.. قـــائـــدٌ ومـــعـــلــــم
لم يتوقف حمزة داخل السجن عن النضال، بل كان من أوائل من نظموا الدورات التعليمية والتثقيفية، وساهم في تشكيل لجان تنظيمية داخل الأقسام.. عرف بصوته الهادئ لكن الحاسم، وبثقافته العالية، وحرصه على متابعة شؤون الأسرى الجدد، وإعانتهم نفسيا على التأقلم داخل المعتقلات.
مـــن بـــيـــت فـــجـــار إلى الــــزنــــازيـــــن،
ثــــم إلى قـــــلوب الــــنــــــــاس
يقول أحد رفاقه: “حمزة أكثر من أسير.. كان ملاذا وملهما.. ما من أسير دخل القسم إلا وتعلم منه شيئا، في الصبر، في السياسة، في الدين، وفي الإصرار على أن السجن لن يغير الحقائق”.