مواعيد تتعدى الأشهر، طابور لا متناهي في المستشفيات، وشقاء لإجراء التحاليل الطبية اللازمة.. هي رحلة المصابين بالسرطان مع المعاناة للعلاج من هذا الداء الخبيث الذي يفتك بهم، معاناة مزدوجة بداية بهذا المرض وصولا إلى البيروقراطية التي تمارس في بعض مستشفياتنا مع المرضى، والذين هم بحاجة إلى الاهتمام والرعاية النفسية قبل الوقاية والعلاج..
بلقاديري عباسية عينة واحدة فقط من بين الآلاف من المصابين الذين تكبدوا العناء، وهم يبحثون عن بصيص أمل للشفاء من سرطان الثدي قبل الوصول إلى ما لا يحمد عقباه، تجربتها المريرة مع المرافق الصحية الجزائرية، قادتها إلى «الشعب» لتسرد مأساة إصابتها بهذا الداء ورحلة علاجها من مستشفى إلى آخر، لينتهي بها المطاف في مستشفى بسيدي بلعباس، بعد أن أغلقت أمامها أبواب مستشفيات العاصمة.
من نبرة صوتها تستشف مأساة رحلتها مع العلاج، تقول إنها أصيبت بهذا المرض في 2011، حيث تقدمت بملف طبي إلى مستشفى مصطفى باشا بالعاصمة، غير أنه لم يؤخذ بعين الاعتبار وبقي حبيس الأدراج لشهور عدة بالرغم من حساسية المرض، والذي يتطلب الاستعجال للقضاء عليه، وهو ما دفع بها إلى طرق أبواب مختلفة، ولحسن حظها وجدت من يأخذ بيدها لتجري عملية جراحية في 14 أوت 2011، ولكن في مستشفى بسيدي بلعباس، وبعد عودتها إلى العاصمة لاستكمال العلاج الكيميائي، والذي من المفروض أن يتم مباشرة بعد إجراء العملية الجراحية، إلا أن بلقاديري عباسية اضطرت للانتظار 06 أشهر كاملة للقيام بأول حصة علاجية، بعد أن قدمت ملفها بمستشفى مصطفى باشا، ثم مستشفى بني مسوس لتجري العلاج الكيميائي، لمدة 04 أشهر وقدر الله لها أن تشفى من هذا المرض، الذي عانت منه كثيرا، وهي اليوم تواصل رحلة علاجها بين البليدة وبوفريزي التي تتوفر على عيادة متعددة الخدمات، غير أنها تقع في منطقة معزولة ولا تتوفر على النقل، وهو ما يضاعف ـ حسب المتحدثة ـ من المعاناة.
وتأسفت عباسية عن الحالة التي يتكبدها المصابون، مشيرة إلى أن المريض يعاني من حالة نفسية صعبة جراء المرض، وبدل الاهتمام بحالته الصحية، يواجه المشاكل والعراقيل التي تزيد من حجم معاناته، خاصة فيما يتعلق بمواعيد إجراء الفحوص أو العملية الجراحية، والأدهى من ذلك عدم احترام مواعيد العلاج الكيميائي، خاصة وأن التخلف عن حصة واحدة يعيد المريض إلى نقطة الصفر ـ تقول المتحدثة ـ دون الحديث عن غياب النظافة، وإهمال أدوية المصاب، والأدهى من ذلك أن المستشفيات تجبر المريض على إجراء التحاليل في العيادات الخاصة التي ترى في المريض مجرد أموال وليس ضحية، على اعتبار أن هذه التحاليل تتطلب صرف أموال باهظة، قد لا يمكن للمريض تحمل مصاريفها، وتساءلت بلقاديري عباسية عن عدم تحمل المستشفيات على عاتقها مسؤولية إجراء التحاليل للمريض الذي يضطر إلى إجراء الصفا والمروة بين المصحات العامة والخاصة، كما أنه بعد الانتهاء من العلاج الكيميائي ينتقل إلى مستشفى البليدة لإجراء العلاج بالأشعة، والانتظار لساعات طويلة، مؤكدة في سياق آخر بأن العديد من المصابين توفوا قبل أن يحين موعدهم الطبي.
وترسل إحدى ضحايا مرض السرطان برسالة إلى القائمين على المنظومة الصحية، للوقوف على معاناة المصابين، مشيرة إلى أنهم بحاجة إلى الرعاية والاهتمام لتمكينهم من مكافحة هذا الداء بعيدا عن البيروقراطية واللامبالاة ومراعاة الحالة النفسية للمريض بالدرجة الأولى.
اضطررت للانتظار 06 أشهر كاملة بعد العملية لإجراء العلاج الكيميائي
هدى بوعطيح
شوهد:1616 مرة