استراحـــــــــة نفسيـــــــــــة

كيف نجـنّب أطفالنـا المراهقــين الإدمـان الرقمـي ؟

نضيرة نسيب

 

 نتناول اليوم في ركن استراحة نفسية سؤال مهم جدا يواجهه خاصة الأولياء أو مختلف الأفراد من المجتمع بحثا عن حلّ مناسب بأقل الأضرار النفسية والمجتمعية.. تجيب عنه في استشارة متخصّصة الدكتورة مريم ضربان أستاذة الإعلام والاتصال بالمركز الجامعي مرسلي عبد الله بتيبازة وذلك بهدف تعميم الفائدة العلمية والمجتمعية.
إجابة الأستاذة مريم ضربان: يتطلب تعامل الأولياء مع مشكل الإدمان الرقمي ووقاية أطفالهم منه مقاربة تربوية وأخلاقية متكاملة، تنبع من فهم عميق لطبيعة هذا الإدمان كما توضح ذلك سيكولوجية مواقع التواصل الاجتماعي، هذه الأخيرة تبرز أن الإدمان الرقمي ليس مجرد استخدام مفرط للأجهزة، بل هو نتيجة خلل وظيفي في علاقة الفرد بالتكنولوجيا، نتج عن التواجد الكثيف وغير المنظم داخل فضاءات التواصل، مما أثر على الصحة النفسية والعاطفية، خاصة لدى الأطفال والمراهقين. فالأمراض الرقمية التي ظهرت، مثل الخوف من فوات شيء ما.. أو الارتباك الوجهي نتيجة الإفراط في استخدام الفلاتر، أو حتى ضعف الذاكرة والتقمص الوجداني الهش بسبب المحتوى العنيف، كلها تعكس فقدان الطفل لمرجعية داخلية تساعده على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو اصطناعي، وما هو مقبول وما هو خطر. في هذا السياق، تقدم أخلاق العناية الإسلامية (Care Ethics) وصفة علاجية وقائية وعلاجية في آن واحد، تستند إلى مبادئ قرآنية مثل تلك الواردة في سورة النور، والتي تركز على أهمية احترام المسافة النفسية والبصرية بين البالغ والطفل. هذه المبادئ تدعو الأولياء إلى اعتماد التربية على الاستئذان والمرافقة الواعية، حيث لا يترك الطفل وحيدًا في بحر التكنولوجيا، بل يُرشد تدريجيًا عبر عملية تفاوض تربوي بين ما هو مسموح ومرفوض، ما هو حرية فردية وما هو مسؤولية مشتركة. وهنا يلعب الأولياء دورًا جوهريًا في غرس منطق النضج الرقمي، من خلال محاورته، الإنصات له، مشاركته في عالمه الرقمي، وتعليمه كيف يضع لنفسه حدودًا وضوابط، وليس فقط عبر المراقبة أو المنع القسري، لأن الوقاية الحقيقية تأتي من بناء وعي داخلي لدى الطفل. أما في حال وقوع الإدمان فعليًا، فإن العلاج يتطلب العودة إلى نفس المبادئ، ولكن مع إعادة ضبط العلاقة بين الطفل والتقنية، عبر: تقليل مدة التعرض للأجهزة تدريجيًا. استبدال المحتوى الرقمي العنيف أو الفارغ بمحتوى تربوي هادف. إعادة إحياء أنشطة الحياة الواقعية (اللعب، التواصل العائلي، القراءة..). تعزيز الارتباط الروحي والوجداني بالطفل، ليشعر بالأمان والانتماء خارج العالم الرقمي. وتفعيل الموراتوريوم، أي السماح للطفل بمرحلة تدرّج نحو النضج دون تحميله ضغوطًا نفسية وسلوكية لا تناسب عمره. باختصار، يكمن الحل في الانتقال من منطق “المراقبة والتحكم” إلى منطق “الرعاية والمرافقة”، حيث تُبنى العلاقة على الثقة، الحوار، والمسؤولية المشتركة، مما يُمكّن الطفل من مقاومة الإدمان الرقمي بنفسه، ويدخله في عالم التقنية من موقع الواعي لا التابع.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19745

العدد 19745

الجمعة 11 أفريل 2025
العدد 19744

العدد 19744

الخميس 10 أفريل 2025
العدد 19743

العدد 19743

الثلاثاء 08 أفريل 2025
العدد 19742

العدد 19742

الإثنين 07 أفريل 2025