يصنّف العلماء الصيام ضمن عملية الالتهام الذاتي (Autophagy)، وهي عبارة عن آلية خلوية حيوية تقوم فيها الخلايا بتفكيك وإعادة تدوير المكونات التالفة أو غير الضرورية، ممّا يساهم في الحفاظ على توازنها ووظيفتها السليمة مما يدعم فوائد الصيام على الصحة عامة باستثناء الحالات الخاصة.
يتمثّل الالتهام الذاتي بحسب المختصين في آلية حيوية طبيعية تحمي الجسم من الأمراض، وتساهم في تعزيز الصحة العامة. وقد أكدت الأبحاث الحديثة، التي شملت أكثر من 500 دراسة عالمية، أن الصيام وممارسة الرياضة أساسيان في تنشيط هذه العملية، مما يجعلها وسيلة طبيعية وفعالة للوقاية من الأمراض المزمنة وتعزيز المناعة والتمتع بصحة أفضل.
فيم تتمثّل وظيفة الالتهام الذّاتي علميا؟
يعرف العلماء عملية الالتهام الذاتي على أنها ترتكز على نظام داخلي للتنظيف الخلوي، حيث تقوم الخلايا بتحديد المكونات التالفة، مثل البروتينات المتضررة أو العضيات غير الوظيفية، وتحلّلها لإعادة استخدامها. تساهم هذه العملية في التخلص من المواد الضارة وتوفير الطاقة والمواد الخام اللازمة للوظائف الخلوية الأساسية.
ما علاقة الصّيام مع وظيفة الالتهام الذّاتي؟
أظهرت الدّراسات في السنوات الأخيرة، أن الصيام بما في ذلك الصيام المتقطع وتقييد السعرات الحرارية، يمكن أن يحفّز عملية الالتهام الذاتي. فعلى سبيل المثال، يشير الدكتور فالتر لونغو، مدير معهد طول العمر في جامعة جنوب كاليفورنيا، إلى أن اتباع نظام غذائي نباتي مع نافذة تناول طعام لمدة 12 ساعة يوميا، بالإضافة إلى اتباع نظام غذائي يحاكي الصيام (Fasting-Mimicking Diet) بشكل دوري، يمكن أن ينشِّط عملية الالتهام الذاتي، مما يعزِّز الصحة العامة ويقلِّل من مخاطر الأمراض المرتبطة بالعمر.
ما هي فوائد الالتهام الذّاتي المحفّز بالصيام؟
بحسب الباحثين يمكن أن يؤدي الالتهام الذاتي عبر الصيام إلى عدة فوائد صحية، بما في ذلك:
تحسين التمثيل الغذائي: يساعد الالتهام الذاتي في تنظيم عمليات الايض وتعديل مستويات السكر في الدم وتقليل مقاومة الأنسولين، مما يقلِّل من مخاطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
كما يسمح بتعزيز صحة القلب: يمكن أن يؤدي التخلص من المكونات الخلوية التالفة إلى تحسين صحة القلب والأوعية الدموية وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب.إضافة إلى ذلك يدعم صحة الدماغ ويساهم الالتهام الذاتي في إزالة البروتينات المتراكمة في الدماغ، مما قد يقلِّل من مخاطر الأمراض التنكسية العصبية مثل مرض ألزهايمر.
هل من مخاطر في حالات استثنائية؟
أثبتت نتائج عدة بحوث علمية أنّ الصيام محفز مهم لعملية الالتهام الذاتي ويوفّر فوائد صحية، إلا أنّه قد لا يكون مناسبا لعامة الناس. لذلك ينصح الأفراد، خاصة الذين يعانون من حالات صحية معينة أو النساء الحوامل، باستشارة طبيبهم قبل البدء بأي نظام صيام. كما أنّ الصيام لفترات طويلة قد يؤدي إلى آثار جانبية، مثل فقدان العضلات أو تباطؤ عملية الأيض.
وفي هذا الصدد تشير الأبحاث العلمية إلى أن الصيام يمكن أن يحفّز عملية الالتهام الذاتي، ممّا يساهم في تحسين الصحة العامة وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض مختلفة. مع ذلك، يجب ممارسة الصيام بحذر وتحت إشراف مختصين، مع مراعاة الاحتياجات الفردية والظروف الصحية لكل شخص.