يشكّل التهاب القصيبات الهوائية أحد أكثر الأمراض التنفسية شيوعًا بين الأطفال دون سن الثانية، خاصة في فصل الشتاء. يعود سبب الإصابة بهذا المرض في الغالب إلى العدوى المنتقلة للفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، الذي يُعدّ المسؤول عن نحو 60-80% من الحالات. ينتقل الفيروس بسهولة عبر الرذاذ المتطاير أثناء العطس أو السعال، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة.
عادةً ما تبدأ أعراض التهاب القصيبات الهوائية بشكل يشبه نزلات برد، مع سيلان الأنف وارتفاع طفيف في درجة الحرارة. إلا أن المرض يتطور بسرعة ليسبب سعالًا مستمرا، صعوبة في التنفس وأزيزًا في الصدر.
في الحالات الشديدة، قد تظهر علامات نقص الأكسجين، مثل تغير لون الشفاه أو الجلد إلى الأزرق، وهي حالة تتطلب تدخلاً طبيا عاجلا.
الأطباء يحذرون من أن الأطفال الأكثر عرضة للخطر هم الرضع أو الخدج أو الذين يعانون من أمراض مزمنة، مثل أمراض القلب والرئة، بالإضافة إلى الأطفال الذين يعيشون في بيئات مزدحمة أو يتعرضون لدخان السجائر.
تشخيص يعتمد على الفحص السريري
يعتمد تشخيص التهاب القصيبات الهوائية على التاريخ الطبي والفحص السريري. قد يحتاج الأطباء في بعض الحالات إلى إجراء اختبارات إضافية، مثل تصوير الأشعة السينية أو تحليل عينات الأنف، خاصة إذا كانت الأعراض شديدة أو غير واضحة.
علاج مساعد وليس شافيا..
لا يتوفر حتى الآن علاج محدد للقضاء على الفيروس المسبب لالتهاب القصيبات الهوائية. العلاج المتبع يركز على تخفيف الأعراض ومساعدة الطفل على التنفس بشكل أفضل. وينصح الأطباء بترطيب الهواء في المنزل، تقديم السوائل بكثرة للطفل واستخدام مخفّضات الحرارة عند الحاجة.
أما في الحالات الشديدة، فقد يحتاج الطفل إلى العلاج بالأكسجين أو تلقي السوائل الوريدية داخل المستشفى. ويؤكد الأطباء أن المضادات الحيوية ليست فعالة في علاج المرض، إلا إذا حدثت عدوى بكتيرية ثانوية.
دور الوقاية في الحد من الإصابات
يرى الخبراء أن الوقاية تبقى السلاح الأمثل للحد من انتشار المرض. وينصح الأطباء الالتزام بتدابير النظافة الشخصية، مثل غسل اليدين بانتظام وتعقيم الألعاب والأسطح التي يلمسها الطفل وتجنب تعرض الأطفال لأشخاص مصابين بنزلات البرد أو الإنفلونزا.
كما أن تجنب التدخين في محيط الأطفال وتحسين جودة الهواء في المنزل يمكن أن يقلل من فرص الإصابة أو تفاقم الأعراض.
تطورات واعدة..
شهد الطب تقدمًا كبيرًا في مجال الوقاية من التهاب القصيبات الهوائية الناتج عن الفيروس المخلوي التنفسي. فقد أُطلقت علاجات تعتمد على الأجسام المضادة، مثل عقار “نيرسيفيماب”، الذي يوفر وقاية للأطفال الأكثر عرضة للخطر. كما أن الجهود جارية لتطوير لقاحات فعّالة ضد الفيروس المخلوي التنفسي، وهي خطوة قد تحدث تغييرا جذريا في تقليل حالات الإصابة مستقبلًا.
نصائح إلى الأولياء..
ينبه الأطباء إلى ضرورة مراقبة الأطفال عن كثب خلال مواسم الشتاء، والانتباه إلى أي علامات تدل على صعوبة في التنفس أو تغير في لون الجلد. كما أن التوجه السريع للطبيب عند ملاحظة تلك الأعراض، يمكن أن يمنع تطور المرض ويجنب الطفل مضاعفات خطيرة.
رغم شيوع التهاب القصيبات الهوائية، فإن التوعية واتباع التدابير الوقائية يمكن أن يقللا بشكل كبير من مخاطره، مما يمنح الأطفال فرصة للشفاء السريع والتمتع بصحة جيدة.