يمثل مرض السيدا، المعروف علمياً بالإيدز أومتلازمة نقص المناعة المكتسب حالة مرضية خطيرة يسببها فيروس خطير يستهدف جهاز المناعة ويضعفه تدريجيا، مما يجعل الجسم هشا وعرضة للإصابة بالأمراض والعدوى التي قد تكون قاتلة.
لازال فيروس نقص المناعة المكتسب ينتقل بين ملايين الأشخاص حول العالم منذ اكتشافه في أوائل الثمانينيات، مما جعله أحد أكثر المشاكل الصحية التي تدعو للاهتمام بوضع متابعة إستراتيجية ومخططات مجتمعية بهدف محاصرته وتفادي انتشاره كآفة عواقبها خطيرة على صحة الأفراد. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يعيش حاليًا حوالي 39.9 مليون شخص مع فيروس نقص المناعة، وتم تسجيل أكثر من 42 مليون وفاة مرتبطة بالمرض منذ بداية انتشاره.
فقدان المناعة الكلّي أخطر مراحل الإصابة
يمثل مرض السيدا ـ بحسب تعريف علمي لأخصائي الأمراض المتنقلة للدكتور زروال ـ الذي جاء فيه أن في المرحلة الأخيرة من تطور الإصابة بفيروس المناعة المكتسبة البشرية في جسم المريض، فمباشرة بعد العدوى بالفيروس الذي يقتحم الخلايا من نوع T4 يقوم بالتغلغل فيها بالتدريج، فيدمر الخلية تلو الأخرى وهو يختص في تهديم الخلايا اللمفاوية المناعية، وهي تشكل الحصن المنيع للجسم وهي بمثابة قلاع تحميه من الأمراض المختلفة ويصل عددها إلى ما يقدر بـ 500 خلية لمفاوية في المليلتر، ويتم فقدان عدد كبير من هذا النوع من الخلايا حيث يصبح الجهاز المناعي ضعيفا وهذا ما يجعل الجسم في عرضة للأمراض، يعتبر هذا الفيروس فيروسا ذكيا لأنه يدخل الخلية فيتكاثر فيها ثم يفجرها ثم ينتقل إلى خلية أخرى وهكذا دواليك يقوم بتحطيم الجهاز المناعي ببطء لمدة سنوات تتراوح من ثلاث سنوات إلى خمسة عشرة سنة بالنسبة للشخص البالغ أما بالنسبة للطفل فيكون عمل هذا الفيروس أسرع وفي وقت أقل بكثير من ذلك. ويعتبر المريض في هذه المرحلة حاملا للفيروس الايجابي المصل وبإمكانه نقل العدوى لأشخاص آخرين من حوله دون أن يعلم هو أو غيره بذلك.
كيفية انتقال الفيروس..
ومن خلال نفس المصدر العلمي ينتقل فيروس نقص المناعة المكتسب عبر طرق عديدة ومحددة، نجد من أخطرها العلاقات الجنسية غير المحمية حيث ينتقل الفيروس من خلال سوائل الجسم أو عن طريق نقل الدم الملوث عند استخدام إبر أو معدات طبية ملوثة، أوعمليات نقل دم غير آمنة. كما أنه يمكن أن ينتقل الفيروس أثناء الحمل، الولادة، أو الرضاعة الطبيعية من الأم إلى الطفل. وأخطر حالة نقل للفيروس تتمثل في مشاركة الإبر خاصة بين متعاطي المخدرات.
من المهم الإشارة إلى أن الفيروس لا ينتقل من خلال المصافحة أو العناق أو استخدام الأدوات المشتركة.
ماذا يفعل الفيروس في جهاز المناعة ؟
بحسب ما ذكر في ذات المصدر أشار الأخصائي في الأمراض المتنقلة أنه علميا في هذا الوقت بالذات تأتي مرحلة ثانية للمرض بعدما ظل هذا الفيروس لسنوات يهدم القلاع المناعية التي تحمي الجسم وهو في حالة كمون يظهر بوضوح للعيان في شكل أعراض مرضية مختلفة وخطيرة، لأن المصاب يكون ـ كما وسبق وقلنا حاملا للفيروس الايجابي المصل في مرحلة أولى ـ أما في هذه المرحلة التي تحدث فيها تطورات ملحوظة للفيروس بعد كمونه لمدة طويلة حيث يكون قد قضى على حوالي سبعين في المائة من مناعة الجسم الحامل له، وهذا ما يجعل الشخص عرضة لأنواع خبيثة من السرطانات فحمى بسيطة بإمكانها أن تقضي على المريض في حالة تدهور جهاز مناعته، فبعد تسجيل نقص في عدد الخلايا اللمفاوية المناعية T4 إلى أقل من 200 خلية تصبح المناعة لا دور لها بعدما كانت الجهاز الحامي للجسم من الأمراض والإصابات الفيروسية المختلفة التي بإمكانها أن تقضي على حياة المصاب بالسيدا وهنا تكون في شاكلة أعراض مختلفة.
الوقاية خير من العلاج..
رغم عدم وجود علاج نهائي للفيروس، فإن العلاجات المضادة للفيروسات القهقرية (ART) أو المعطلة لتطور الإصابة قد أثبتت فعاليتها في تقليل الحمل الفيروسي وتحسين جودة حياة المصابين. وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز (UNAIDS)، حوالي 75% من المصابين عالميا يحصلون على العلاج، مما يقلل من احتمالية انتقال العدوى ويطيل العمر المتوقع للمصابين.
على الرغم من التقدم المحرز، لا تزال هناك تحديات رئيسية فالوصمة الاجتماعية تمنع العديد من الأشخاص من طلب الفحص أو العلاج.
إن الوصول المحدود إلى العلاج: خاصة في الدول النامية، والإصابات الجديدة التي تسجل سنويًا أكثر من مليون إصابة جديدة، تجعل كل هذه العوامل من الفئات الأكثر عرضة في خطر متواصل مثل النساء، والمراهقين، ومتعاطي المخدرات.
يبقى فيروس نقص المناعة المكتسب يمثل تحديًا عالميًا يتطلب تكاتف الجهود بين الدول والمجتمعات لتحقيق الوقاية والعلاج. من خلال التوعية والتثقيف والفحص المبكر، يمكن الحد من انتشاره وتحسين حياة المصابين. كما أن التقدم في الأبحاث والعلاج يمنح الأمل في السيطرة على هذا الفيروس، لكن تحقيق ذلك يعتمد على تعزيز الجهود المشتركة عالميا.