تقول الأخصائية النفسية أنيسة معلم أنه من الممكن جدّا أن توفّر لابنك أحسن الظروف المعيشية في سبيل تحقيق سعادته، وقد توفّق في ذلك فتسعد أو تقصّر فيه فتشعر بالإحباط، وتبقى بين توفيق وخيبة تتقلّب في متطلّبات الحياة المادية وكأنّ ذلك هو مطلب التربية الوحيد وتوجه رسالة إلى الأولياء يحوي جوهرها ما يلي.
«عزيزي الوليّ، الأبناء عندما يكبرون في وسط من المحبة والتقبل يكبرون وهم أسوياء نفسيا واجتماعيا ولو كان بهم خصاصة؛ ذلك لأنّ الاستقرار الأسري يعدّ أهم مطلب نفسي لهم بعد توفير احتياجاتهم المادية، وكلما كان الزوجان (الأب والأم) على وفاق ولو تظاهرا فقط أمام الأبناء كلّما كانوا أكثر إقبالا على الحياة وتوافقا مع أنفسهم ومع المجتمع ككلّ، والعكس كذلك. فإذا كانت العلاقة بين الزوجين علاقة متوترة، مشحونة بالخلافات ومنفجرة أحيانا.. خاصّة إذا كانت على مرأى ومسمع من الأبناء؛ فلا تتوقّع أن يفقه الأبناء معنى الحب أو يشعروا بالانتماء لوسط مكهرب، بل على العكس من ذلك، غالبا ما تتسبّب هذه المشاحنات في إحداث اضطرابات نفسية مختلفة لديهم، لإحساسهم بعدم الأمان وفقدان الثقة وضياع القدوة.
وممّا يضيع أيضا هو تعلّم الأدوار في الأسرة، فالبنت تتعلّم من أمها دورها كحاضنة للأبناء وراعية لاحتياجاتهم وشريكة إيجابية للأب، كما يتعلّم الفتى دوره كمسؤول عن أمن ورعاية أفراد أسرته وشريك إيجابي للأم، تحظى بوجوده بالإحساس بالأمان.
ولكن إن فقد الأبناء درس المحبة في الأسرة؛ كانوا مجرد أطراف سلبية في علاقة باهتة، تنفجّر في وجهها المناوشات في كلّ حين. وبالتالي نعيد استنساخ الصورة السلبية نفسها وإعادة السيناريو نفسه من جديد.»
المصدر: الأخصائية النفسية أنيسة معلم