قراءة في كتاب الدكتور أيمن الحسينى:

قال لها الأطباء لا أمل.. لكنها شفيت بالصيام والعنب

نضيرة نسيب

من بين عناوين الكتب التي تثير فضول القراء المهتمين بالعلوم والطب وتطوراته وأحيانا مفارقاته العجيبة، عنوان الطبيب الدكتور أيمن الحسينى، أخصائي الأمراض الباطنية،  الذي وسم أحد مؤلفاته البحثية بالبنط الأحمر العريض، بعنوان استفهامي «قصتي مع العلاج بالعنب؟»، تلاه عنوان فرعي «الاستشفاء بالعنب وطرق التداوي به»، تبعتهما عناوين فرعية أخرى توضّح الخطوط العريضة لمحاور مختلفة تناولها الباحث، بإمكانها شد انتباه المتصفح للكتاب، نعرضها اليوم في هذه القراءة، لتعميم فائدة التوقف أمام محور ذي أهمية كبيرة خصص للعلاج بالصيام، فما علاقته بالسؤال المطروح في العنوان، وما هي خصوصيته العلمية والعلاجية؟.


انطلق الكاتب الطبيب عبر 96 صفحة، من أصل تدوين فكرة بحثه التي اعتمد فيها على تجربة «جريئة»، يقول في مقدمة كتابه،  قامت بها مريضة بالسرطان، طال بها المرض بعد تسع سنوات من المعاناة، بالرغم من محاولات الأطباء لاستعمال كل الوسائل الطبية في علاجها، إلا أنها لم تفقد الأمل وبحثت عن دواء طبيعي بإمكانه أن يشفيها فتلخصت تجربتها في العلاج بالصيام. المصابة ـ بحسب ما ذكره الدكتور أيمن الحسينى، المدعوة «جوهانا براندت» ـ وهي أمريكية الأصل، كانت مقيمة بإفريقيا الجنوبيةـ أين أصيبت بسرطان المعدة، ويؤكد على أنها أستاذة محاضرة بإحدى الجامعات وليست طبيبة.  
يواصل الباحث التحدث عن تجربتها التي غيرت حياتها حيث تمثلت «في الصيام وشرب فقط الماء مع تناول بعض الأنواع من الفواكه، حتى أيقنت من خلال هذه الحمية الغذائية أن دواءها في نوع معين من الفواكه ولما استمرت على الصيام، خفّت آلامها»، لأن جسدها استطاع التخلص من سموم المرض  وتعافت تماما، وكان العنب من بين الفاكهة التي حررتها من مرض السرطان، بحسبها.
تناول الدكتور هذه المادة الغذائية المتمثلة في «العنب» من خلال عرض أهميتها في بحثه خاصة في المحاور الأولى، أين يذكر خصائص العنب الطبية وآراء وتجارب العلماء فيما يتعلق بالتداوي بهذه الفاكهة التي أطلق عليها تسمية «العنب الساحر»، فتحدث عن أنواعه وعدّد كل العناصر الغذائية التي توجد فيه وأهميتها الصحية التي جاء من بينها أن «احتواء العنب على قدر كبير من السكريات يجعله مصدرا غنيا للطاقة التي يحتاجها الجسم لأداء وظائفه الحيوية المختلفة من هضم ومشي وتفكير وغيره». كما يحتوي العنب يقول: «خاصة القشر على مجموعة من عناصر فيتامين «ب» المركب والذي يحتاجه الجسم في نواح كثيرة خاصة المتعلقة بسلامة الجهاز العصبي».
 إضافة إلى ذلك فإن تناول العنب «يرفع من مناعة الجسم ويقلل من الإصابة بالميكروبات والجراثيم لاحتوائه على كميات وفيرة من الفيتامين «جـ»، وكذلك الفيتامين «أ» المفيد لسلامة الجلد، كما يساعد احتوائه على البروتينات التي يحتاجها الجسم في إعادة بناء ما تلف من أنسجة الجسم»، وكونه أيضا غني بالألياف، فإنه يمنع حدوث الإمساك وينظم مستوى الجلوكوز والكوليستيرول بالجسم، بل يحمي كذلك من الإصابة بسرطان الأمعاء، وهذا ما أثبتته تجارب علمية عديدة.
كما تطرق الباحث في محاور أخرى إلى تاريخ المداواة بالعنب في الطب القديم وأيضا تحدث عن بعض من استخداماته العلاجية في الطب الشعبي الحديث حيث من أهم ما ثبت عنه أن العنب نافع لعلاج أمراض الصدر، فيعمل عصيره كمشروب ذو تأثير كبير ضد السعال وأمراض الرئتين، وذكر هذا الأخير غيره من الاستعمالات المفيدة والناجعة التي أصبحت متداولة في هذا النوع من الطب الشعبي الذي يقال عنه طبا بديلا، وهو في الحقيقة الطب الأصلي وما العلاج بالأدوية الكيماوية إلا استخدامات بديلة لا علاقة لها في معظم الأحيان بالمستخلصات الطبيعية، لأنها أصبحت معظمها تصنع كيميائيا لتحاكي المواد الأصلية، مما يقلل من نجاعتها ويزيد من خطورة سمومها على الصحة في حالة استعمالها، وهذا بالضرورة ما أشارت إليه عديد المراجع والدراسات العلمية التي تطرقت لهذا النوع من المواضيع.
في محور آخر، يضاف إلى المحاور المتعددة التي أثرت البحث والمتعلقة بمادة العنب كعلاج طبيعي وصحي نجد أن الدكتور خصص أيضا، كما سبق وان ذكرناه، محورا كاملا من مضمون الكتاب للعلاج بالصيام وذكر فوائده ومزاياه وشرح علاقته بفاكهة العنب، واستنادا لعدد كبير من الأطباء والعلماء المشهورين الذين هم أيضا أصبحوا يصفون لمرضاهم الصوم كعلاج لعدة أمراض، منها المزمنة ومنها المستعصية وأبرز الكاتب فوائد الصوم في نقاط عديدة،  ذكر منها اعتبار الصوم عملية تنظيف للجسم، إذ يعمل على تنقية الدم وطرد السموم والرواسب الضارة خارج الجسم. وفي نص حديثه عن الصيام، يؤكد الكاتب أنه «ليس من الغرابة سماع أخبار عن إنشاء مصحّات في دول أوروبية، أنشأت خصيصا للعلاج بالصيام حتى أنها لازالت تحقق إلى يومنا هذا نتائج طبية مبهرة في علاج بعض الأمراض»، ويعود بنا في سياق آخر من هذا المحور الخاص بالصيام إلى تجربة المريضة  «جوهانا براندت» ليبيـّن «فعّالية الصيام كوسيلة تعين على الشفاء، باعتباره وسيلة هامة من وسائل العلاج الطبيعي بصفة عامة»، ويعتبره بصفة خاصة في قوله: «إن الصيام  إحدى الوسائل التي اعتمدت عليها المصابة في علاج مرض السرطان إلى جانب العلاج بالعنب»،  مما يجعل الصيام بحسبه، من أنجع الطرق المقاومة للأمراض المستعصية الشفاء كمرض السرطان.  ويشير إلى أن استخدام الصوم كوسيلة للعلاج يجب أن يكون تحت المتابعة الطبية ولا يمكن للمريض المجازفة بحياته»، فهناك أمراض لا يناسبها الصوم، ضف إلى ذلك اختلاف حالة كل مريض عن الآخر.
 ويعود بنا الطبيب في فقرة أخرى من كتابه إلى أشهر العلماء الذين ذاع صيتهم  واهتموا بالعلاج بالصيام ويذكر «الكسيس كاريل» الحائز على جائزة نوبل في الطب والجراحة، ويقول عند العودة إلى كتابه الذي يعتبره الأطباء دليلا معتمدا في الطب والعلاج بالصيام، والمعنون: «الإنسان ذلك المجهول»  كتب يقول: «... إن كثرة وجبات الطعام، وانتظامها، ووفرتها تعطل وظيفة أدت دورا عظيما في بقاء الأجناس البشرية، وهي وظيفة التكيف مع قلة الطعام، ولذلك كان الناس يلتزمون الصوم في بعض الأوقات». هذا ما يعد من بين الأدلة العلمية القاطعة على حاجة الإنسان لفترات من الصوم  لكي يجدد الجسم وظائفه ككل، ويقول «كاريل» عند الصيام في نص كتابه: «يحدث أول الأمر الشعور بالجوع، ويحدث أحيانا التهيج العصبي، ثم يعقب ذلك شعور بالضعف... وبيد أنه يحدث ظواهر خفية أهم بكثير منه، فإن سكر الكبد سيتحرك، ويتحرك معه الدهن المخزون تحت الجلد، وبروتينات العضل والغدد، وخلايا الكبد، وتضحي جميع الأعضاء بمادتها الخاصة للإبقاء على كمال الوسط الداخلي وسلامة القلب، وإن الصوم لينظف ويبدل أنسجتنا».
  بالنظر لما سبق ذكره في هذا المرجع المهم، يقول الدكتور الحسينى «أن الصوم الذي يتحدث عنه العالم «كاريل» يطابق تماما الصوم في الإسلام، إذ أنه يغير من وجبات الطعام، ويقلل من كميات الغذاء.» وأنه يعزز فوائده الصحية التي أثبتها العلم والعلماء فيما بعد ولا يزالون يثبتونها. في الأخير نقول إن هذا العرض الملخص لكتاب الدكتور أيمن الحسينى لا يمثل إلا جزءا صغيرا، مما احتواه البحث، وتسليط الضوء عليه كان من باب حمل القراء على الاطلاع  على المزيد من الفوائد الصحية الذي تناولتها صفحات الكتاب والتي تذكرنا حتما بالأهمية البالغة لموضوع الصيام في حياتنا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024