مع نقص مادة الأوكسجين

هكـذا تجابـه عنابـة جائحـة كوفيــد ـ 19

عنابة: هدى بوعطيح

تعامل بحزم مع من يخالف الإجراءات الوقائية

تعيش أغلب مستشفيات عنابة تحديات كبرى لمواجهة تداعيات جائحة كوفيد-19، موازاة مع تسجيل تزايد للإصابات بهذا الوباء القاتل عبر مختلف ولايات الوطن، حيث يتجنّد الجيش الأبيض في المستشفيات المخصّصة للمصابين بعدوى الفيروس لاستقبال المرضى والتكفّل بهم، وبذل جهود مضنية للخروج من هذه الأزمة الصحية بأقل الأضرار.
تقوم الهيئات الصحية باتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات الاحترازية، لمواصلة الاستقبال الأمثل للمصابين بفيروس كوفيد-19، للحدّ من تفشي وباء «كورونا» بهذه المدينة، وعدم تسجيل نسبة كبيرة من الإصابات وسط السكان، حيث سخّرت لذلك مختلف الإمكانيات المادية والبشرية، وتجنيد جميع المرافق الصحية بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية، واتخاذ إجراءات ردعية صارمة والتعامل بحزم ضد كل من يخالف الإجراءات الوقائية ضد فيروس كورونا.

تمّ بعنابة تخصيص بعض مستشفياتها لاستقبال المرضى، وعلى سبيل المثال لا الحصر إضافة وتخصيص مصلحة الأمراض الصدرية بمستشفى «الحكيم ضربان»، التي تتوفّر على 50 سريرا وتجهيزها  بكل المعدات الطبية اللازمة، إلى جانب مصلحة الأمراض الداخلية بمستشفى ابن سينا الجامعي، والتي تضمّ بدورها 44 سريرا، حيث تمّ تزويدها بأجهزة التنفس الاصطناعي، إلى جانب 19 سريرا بمصلحة طب الأطفال بمستشفى الأطفال القديسة تريزا، كما تمّ تحديد المداخل والمخارج المخصّصة للمصابين، فضلا عن استفادة الولاية في إطار المساهمة من الحدّ من انتشار الوباء من مجموعة معتبرة من أجهزة التنفس الاصطناعي، والتي تمّ توزيعها على المركز الاستشفائي الجامعي، ومختلف مستشفيات الولاية التي تتوفّر على مصالح للإنعاش، فضلا عن استفادتها من مخبر للتحاليل خاص بالفيروس والذي يجري يوميا ما بين 30 إلى 40 تحليل ما ساهم في سرعة الكشف عن المصابين.

الأوكسيجين العائق الأكبر
بالرغم من الجهود التي تبذلها السلطات المحلية للحدّ من انتشار الوباء وسط السكان، إلا أن بعض النقائص في الوقت الراهن تُسجل على مستوى بعض المستشفيات التي تستقبل المصابين بالوباء، على غرار نقص مادة الأوكسجين الذي بات يشكّل اليوم العائق الأكبر بأغلب ولايات الوطن، وعدم القدرة على توفيره بنسبة كبيرة، بالرغم من أهميته لإنقاذ أرواح المرضى من الفيروس المتحوّر «دلتا» الذي يصيب مباشرة الرئتين بحسب المختصين، وهو ما يتطلّب تكاثف الجهود لتوفيره وعدم تسجيل نقص في هذه المادة الحيوية عبر مستشفيات الولاية.
إلا أن الأمور وللأسف تسير عكس ما يريده الأطباء والمرضى، من خلال نقص الأوكسجين، وبعض العتاد الطبي، وهو ما أدى إلى تنظيم منذ أيام قليلة وقفة احتجاجية للطاقم الطبي وشبه الطبي لمصلحة الأمراض المعدية والصدرية بمستشفى الحكيم ضربان بالجسر الأبيض لتوفير هذه المادة وزيادة عدد الطاقم الطبي، فضلا عن المطالبة بفتح مصلحتين إضافيتين لاستقبال المصابين بالوباء، على اعتبار أن مصلحة واحدة لا تكفي لاستقبال العدد الهائل من المرضى، حيث كشف مصدر من المستشفى لـ»الشعب ويكاند» عن المعاناة التي يتكبدها العديد من المصابين بسبب نقص الأوكسجين ومعداته، وهو ما يجعلهم في حيرة من أمرهم وعاجزين عن تقديم يدّ المساعدة كما يجب للمرضى، كما أكد على غياب عمال النظافة، أمر يعتبر العنصر الرئيس في أي مستشفى والعمل في ظروف حسنة للقضاء على الوباء والتكفّل الأمثل بالمصابين، مشيرا مصدرنا إلى أن احتجاجاتهم لن تتوقف إلى غاية تجسيدها على أرض الواقع، حماية لأنفسهم وللمرضى وحفاظا على الصحة العمومية.

مصابون في مواجهة الموت
شهادات لبعض المرضى ننقلها على لسانهم، والتي تكشف عما كابدوه من معاناة بعد إصابتهم بالفيروس القاتل الذي جعلهم على حافة الموت، حيث يعتبر «محمد لخضر» البالغ من العمر 66 سنة أحد المصابين بالوباء الذين كتب الله لهم عمرا جديدا ـ كما قال ـ فقد كان ومنذ ما يقارب الشهرين نزيل مستشفى «الضربان»، بعد تعرضه لأزمة تنفس حادة استلزمت وضعه على جهاز التنفس، مشيرا إلى أنه في بادئ الأمر عانى الأمرين بسبب نقص في هذه المادة والتي تطلّبت منه الانتظار لساعات طويلة ليستفيد منه بعد صعوبة كبيرة للمستشفى في توفيره ويحالفه الحظ في الشفاء، وهو ما أكدته السيدة «ك صبرينة» صاحبة 59 سنة، والتي تعرضت بدورها وبدون سابق إنذار إلى ضيق في التنفس دون أن تكون على دراية بإصابتها بالفيروس، حيث كانت تشتكي فقط من سعال حاد، وهو ما ألزمها الذهاب مباشرة إلى مستشفى ابن سينا «كاروبي»، قائلة بأنها فوجئت بمطالبتها بالعودة من حيث أتت بسبب عدم توفر الأوكسجين، ما أضطرها للبحث عن سبل أخرى لمساعدتها على دخول المستشفى للمعالجة وإنقاذ حياتها من الفيروس المتحوّر القاتل، والذي تمكّن أيضا من حصد العديد من الأرواح بهذه المدينة بالرغم من استفادتهم من الأوكسجين، حسب ما أكدته لنا أيضا «منيرة» التي فقدت والدها منذ أيام قليلة بسبب إصابته بكورونا، حيث إنه ولسوء حظهم لم يستجب للعلاج، خصوصا وأنه كان يعاني من بعض الأمراض المزمنة، على غرار داء السكري، وفي هذا الصدد أكد مصدرنا على ضرورة مواصلة الالتزام بالإجراءات الوقائية الصارمة، وعدم الاستهتار بهذا الفيروس الذي تعجّ بسببه المستشفيات ويقدم يوميا ضحاياه من المصابين والموتى.

مؤسسات في الواجهة
وبالرغم من عدم وفرة هذه المادة المتعلّقة بها حياة المصابين بالقدر الوافي بمستشفيات عنابة، بحسب تصريحات بعض المرضى، وبحسب مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت اليوم وسيلة لأهالي المرضى للاستنجاد بالقلوب الرحيمة وبمن يمكنه من توفير الأوكسجين لأحد أفراد عائلته، إلا أن بعض الهيئات والمؤسسات تسعى جاهدة لتوفير ما يمكنها لسدّ العجز، وعلى رأسها مركّب مجمع عطية لصناعة حديد البناء ومشتقاته ببلدية سيدي عمار، والذي يعمل على تزويد مختلف مستشفيات الولايات الشرقية بالكمية التي تحتاجها من الأوكسجين، إلى جانب ملأ ما يقارب 100 قارورة خاصة بالمواطنين. للإشارة تمّ منع مالك وحدة عطية من توزيع هذه المادة للخواص، وتستفيد عنابة من حصة جد ضئيلة تقدر بـ1000 إلى 2000 لتر وبصفة متذبذبة لتزويد مستشفيات «ابن رشد»، «ابن سينا»، «ضربان» و»القديسة سانت تيراز»، وبقية مستشفيات الولاية المتواجدة بكل من البوني والحجار وشطايبي وعين الباردة.
من جهة أخرى، فإن مركب الحجار وبالرغم من المشاكل التي تعترضه يواصل في إنتاج مادة الأكسجين الموجّه لمستشفيات عنابة، حيث وصلت الكمية الإجمالية التي وفرتها سيدار الحجار إلى حدّ الآن ما يقارب 110 ألف لتر، معتبرة الأولوية القصوى في الإنتاج تعود للأكسجين على حساب إنتاج الحديد.

تلقيح 60 في المائة من السكان بحلول سبتمبر
من جانب آخر تحوّل التلقيح إلى أولوية تندرج ضمن مخطط مدعوم بتسخير كل الوسائل المادية والبشرية اللازمة، بالإضافة إلى تجهيز مختلف الهياكل والأماكن المخصّصة لهذه العملية، فضلا عن تكوين 200 شخص من أطباء وممرضين لإنجاح العملية، كما تمّ تجهيز خيم بمختلف المعدات الطبية الضرورية للفحص، مع نظام التبريد لحفظ جرعات اللقاح في ظروف حسنة، فضلا عن تعميم عملية التلقيح الواسعة عبر مختلف الإدارات والمؤسسات، ورفع عدد المراكز إلى 47 نقطة وتوسيعها إلى 100 نقطة لتصل إلى المناطق النائية والمعزولة، في إطار مجابهة الموجة الثالثة، وتحقيق الهدف المنشود بتلقيح 60 في المائة من سكان الولاية مع حلول شهر سبتمبر المقبل.
وتبقى الإجراءات الاحترازية صمّام أمان إلى جانب ردع كل من يخالف التدابير الوقائية ضد فيروس كورونا، لا سيما التجار وأصحاب النقل الجماعي، الذين لا يحترمون البروتوكول الصحي المنتهج.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024