هي واحدة من النساء المكافحات في سبيل رقي المجتمع والعيش الكريم، عاشت حياة بسيطة وجربّت مرارة اليتم، قال عنها قريبها خلال زيارة له لمكتب «الشعب» بمعسكر باحثا عن أحد الأعداد التي دونت لمسيرة ضيفة الصفحة في أسطر خاطفة، أنه لم يكن أحد من العائلة يتوقع أن تصبح صورية على ما هي عليه سيدة مجتمع وإطار دولة بارز برتبة عميد شرطة بجهاز الأمن الوطني ـ مصالح أمن ولاية معسكر ـ ليس تقليلا من عزيمتها وشخصيتها القوية، إنما فقط لمجرد التفكير في انتمائها لطبقة اجتماعية هشّة،وأضاف قداوي الحبيب عم ّ المرأة النموذج - ضيفة صفحة القوة الناعمة السيدة صورية قداوي -، أنها عاشت طفولة قاسية بعد وفاة والدها وهي رضيعة في السنتين من العمر، تحدّت ظروف الفقر والعوز لتواصل دراستها وتلتحق بصفوف الشرطة، أما عن نجاحها فتقول صورية أنه نتاج عمر من الكفاح المستميت والتحدي والرغبة في تحقيق العدالة وتطبيق القانون.
صاحبة أول ترقية إلى رتبة عميد شرطة بأمن معسكر
تعدّ قداوي صورية أول إطارات جهاز الشرطة على مستوى ولاية معسكر التي نالت رتبة عميد شرطة، وهي الترقية الأولى من نوعها التي استفاد منها العنصر النسوي بالولاية منذ تأسيس جهاز الأمن الوطني، تترأس حاليا المصلحة الولائية للموارد البشرية بأمن معسكر، وهي من أبرز منتسبات الجهاز اللواتي أثبتن جدارتهن وتميزهن في العمل الشرطي الميداني، وتقلّدت الشرطية الرمز منذ انتسابها للجهاز الأمني سنة 2004، في رتبة ضابط، عدة مهام منها، رئيس فرقة الشرطة القضائية للأمن الحضري الخامس أين عرفت بجديتها المطلقة وصرامتها في تتبّع حركات الإجرام والمجرمين، ثم رئيس مصلحة الشرطة العامة والتنظيم أين تألقت أكثر في الخرجات الميدانية التي كانت تشرف عليها لمكافحة التجارة الموازية والغش وتلاعب التجار، إلى أن انتقلت لترأس أهم مصلحة في المؤسسة الأمنية على المستوى المحلي وهي المصلحة الولائية للموارد البشرية في رتبة محافظ شرطة قبل تقليدها لرتبة عميد شرطة، هذه الترقية التي استحقتها الشرطية صورية عن جدارة.
قال عنها أحد زملائها في الشرطة في شهادته عنها، أنها امرأة أدهشت الجميع بصلابتها واتزانها، وأضاف ضابط الاستعلامات أنها مثال للشرطية الجزائرية المنضبطة صاحبة التجربة الميدانية الواسعة التي كانت سببا في تمكينها من مصلحة أمنية حساسة مثل مصلحة الموارد البشرية عادة ما تكون من نصيب الجنس الخشن.
خلف كل امرأة عظيمة رجل عظيم
وهي تترجّل بثبات نحو النجاح، تعرضت صورية كأي بشر ينبض قلبه بالحب والإنسانية إلى نكسات وصدمات، غيرت مجرى حياتها لكنها لم تغير شيء من عزيمتها، لم يمرّ التحاق والدها بالرفيق الأعلى دون أن يخلف ذاك الأثر الحزين على ملامحها وشرخا عميقا في وجدانها، لربّما تعتقد هذه القوة الناعمة أنها لم تكتفي من نبع حنان والدتها رغم أنها لازمتها طويلا وهي تتحضر للرحيل، فالسويعات التي كانت تقضيها مع والدتها في البيت أو في المستشفى ليست بحجم الساعات التي كانت تقضيها في مكتبها أو خارجه تحاول معالجة القضايا الأمنية المطروحة أمامها ولا هي في حجم تلك الساعات التي اجتهدت فيها صورية في التوفيق بين واجبها المهني وواجبها كامرأة .. كأم وزوجة، فمن حسن حظها لم يكن شريكها في الحياة غريبا عن العمل الشرطي، ـ تقول صورية ـ أنه الرجل والصديق والزميل الذي مكنها من تجاوز محنتها ورافقها في كل مرحلة صعبة مرت في حياتها وهي تسعى لتكون الشرطية المتميزة والناجحة ـ موضحة بقولها ـ أنه لو كان لحياتها عنوان لاختارت أن تعنونها بعبارة «خلف كل امرأة عظيمة رجل عظيم»