برز دور المرأة الفلسطينية جنباً إلى جنب في معركة الأسر ومواجهة السجّان، فكانت المحرّرة «هناء الشلبي» من الجهاد الإسلامي أول امرأة تخوض إضرابا عن الطعام بعد المحرر الشيخ المجاهد خضر عدنان، الذي قاد معركة الكرامة ضد السجان الصهيوني. المرأة الفلسطينية زُجّ بها في غياهب السجون، وتعرّضت لصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي، والمعاملة القاسية، ولألوان متعددة من الحرمان والمعاناة، فيما العالم يبدي صمتاً غير مبرر إزاء ما تتعرّض له من انتهاكات مخالفة لكافة الشرائع والقوانين الدولية»، مؤكدةً أن المرأة الفلسطينية لم تكن يوماً في منأى عن التضحية والفداء إلى جانب أخيها الرجل. أما أوضاع الأسيرات القابعات في سجون الاحتلال فهي مأساوية، بسبب الظروف القاسية والشروط الحياتية التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة، والمعاملة اللاّإنسانية والعزل الإنفرادي وحرمانهنّ من زيارة الأهل والتواصل معهم، والرعاية الصحية والعلاج والملبس والفراش والأغطية والمأكل والمياه النظيفة، ما يدفع الأسيرات في أحيان كثيرة لشراء الأكل والمياه الصحية والملبس من مقصف السجن بأسعار باهظة جداً.
أرقام وإحصائيات..
اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني منذ العام 1967 ولغاية يومنا هذا أكثر من (10000) عشرة آلاف مواطنة فلسطينية، من أعمار وشرائح وفئات طبقية مختلفة، وبلغ عدد من اعتقلوا منذ بداية انتفاضة الأقصى في سبتمبر أكثر من 800 مواطنة فلسطينية من بينهن 35 قيد الاعتقال حتى الآن، وغالبيتهن من الضفة الغربية وأسيرة واحدة فقط من قطاع غزة هي وفاء البس، و4 من القدس و4 أخريات من المناطق التي احتلت عام 1948، كما أنه لازال الاحتلال الصهيوني يحتفظ بجثامين شهيدات فلسطينيات في ما يُعرف بـ «مقابر الأرقام الجماعية» أو في «ثلاجات الموتى»، وترفض الإفراج عنهن، أو تسليم جثامينهن لعائلاتهن لدفنها في مقابر إسلامية معدة لذلك، أمثال الشهيدات آيات الأخرس، دلال المغربي، دارين أبو عيشة، وفاء إدريس، هنادي جرادات، هبة ضراغمة، مرفت مسعود وفاطمة النجار.
الفدائيّة الفلسطينيّة دلال المغربي
المرأة التي أرعبت الاحتلال الإسرائيلي حتى بعد موتها
في عام 1978 كانت المقاومة الفلسطينية تمر بفترة عصيبة، تمثّلت في فشل معظم عملياتها العسكرية وتعرض مخيماتها في لبنان لمذابح وحشية، لهذا السبب قام أبو جهاد بالتخطيط لعملية انتحارية في تل أبيب، كان يجب لتنفيذ هذه العملية تطوع إحدى عشر شخصاً، فكانت دلال المغربي أول هؤلاء المتطوعين، حيث تم اختيارها كرئيسة للعملية الّتي عُرِفت فيما بعد بعملية كمال عدوان - وهو قائد فلسطيني قُتِل من قبل الإسرائيليين وهو في بيته ببيروت - كما عُرفت الفرقة بفرقة دير ياسين. دلال وفرقة دير ياسين المكونة من عشرة أشخاص قاموا بإنزالٍ على الساحل الفلسطيني المحتل، وتمكّنوا فيما بعد من الوصول للشارع الرئيسي، حيث سيطرت دلال على حافلة لجنود إسرائيليين كانت مُتَّجهةً وقتها نحو تل أبيب وأخذت كل من فيها كرهائن.
قامت دلال وفرقتها بإطلاق النار على طول الطريق الذي كانت تسلكه الحافلة التي قاموا بالسيطرة عليها، التي كانت مخصّصة للسيارات العسكرية الصهيونية التي تقوم بنقل الجنود من المستوطنات الموجودة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأصيب إثر إطلاق فرقة دير ياسين للنيران المئات من الجنود الإسرائيلين.
وعند وصول الحافلة على مشارف مدينة تل أبيب كانت فرقة خاصة صهيونية بقيادة باراك بانتظار دلال وفرقتها، لاحقت الفرقة الصهيونية الحافلة وعطلتها في مستعمرة هرتسليا. وهنا اندلعت حرب حقيقية بين فرقة دير ياسين والفرقة الخاصة الصهيونية، وقامت دلال بتفجير الحافلة التي كانت تقل 30 صهيونيّاً، الأمر الذي أدّى إلى مقتلهم جميعاً.استمرّت دلال في مجابهة الفرقة الخاصة الصّهيونية إلى أن نفذت ذخيرتها، ليقوم باراك عندها بقتلها وتفريغ جميع رصاصات سلاحه في جسدها، ولم يكتفي بذلك فقط، بل قام أيضاً بشد شعرها والتنكيل بجسدها.
في عام 2008 كان جثمان دلال على قائمة الجثامين التي طالب فيها حزب الله في إطار صفقة لتبادل الأسرى مع العدو الصهيوني، إلّا أنّه وبعد إجراء فحوصات الحمض النووي على الجثث الأربعة التي تسلّمها حزب الله من العدو الصهيوني، تبيّن أنه ولا جثة من هذه الجثث تعود إلى المناضلة دلال المغربي، ليبقى بذلك المكان الذي يرقد فيه جثمان الشّهيدة مجهولاً إلى هذه اللحظة.