حملت على عاتقها مهمة تعليم النّساء الأميات اللاّئي يحلمن بتعلّم الكتابة والقراءة، فاضل سعاد مدرّسة متطوّعة بمركز محو الأمية ومرشدة دينية بمسجد «غار حراء» بقالمة، هي سيدة وجدت في تعليم تلك النسوة الطريقة المثلى لتكون فاعلة في المجتمع الذي تعيش وسطه.
بعد تخرّجها من الجامعة عملت كمرشدة دينية بإحدى المساجد بولاية قالمة أين مارست المهنة المثالية بالنسبة لها، طموحها لم يتوقف عند هذا الحد لأنّها وجدت في نفسها القدرة على إعطاء الأكثر للمجتمع، ورغم مرافقة عملها اليومي بالتحسيس والتوعية للنسوة اللواتي يأتين إليها من أجل الاستفسار عن أمور الدين والحياة.
هذا الاحتكاك المباشر مع النساء جعلها تتأكّد بأنّ سؤال النّسوة مرتبط بالجهل والأمية، لذلك فكّرت في الطريقة التي تمكّنها من مساعدتهن، وبعد تفكير طويل وجدت أن الالتحاق بمركز محو الأمية هو أنسب حل بالنسبة لها. وبالفعل التحقت بأقسام محو الأمية بقالمة منذ عام 2003، وتحرص فاضل سعاد على تعليم النساء لإخراجهن من ظلام الأمية إلى نور العلم.
في حديثها لـ «الشعب» قالت فاضل سعاد أنّ العملية التّعليمية لا تقتصر على المناهج الدراسية والبرنامج السنوي، وإنما تشمل أيضا التدريب على بعض المهارات اليدوية والأنشطة، وكذا التثقيف وإعطاء بعض الحلول الأسرية فيما يخص كيفية التعامل مع أفراد الأسرة.
وأكّدت فاضل سعاد أنّ مكافحة الأمية أصبح أكثر من ضرورة، فمن المؤلم أن تجد معظم دول العالم العربي والإسلامي تعاني الآثار السلبية لهذه الظاهرة التي حاربها الإسلام، بل كان أول ما أوحي إلى رسولنا الكريم ــ صلى اللّـه عليه وسلم ــ أن «اقرأ»، خاصة أن تطور الأمم يقاس بما تنتجه من فكر وتعليم، لذلك يستحيل لأي دولة الارتقاء وأفرادها يعانون الأمية والجهل.
من أجل هذا تقول سعاد فاضل لـ«الشعب»: «نعمل في مركز محو الامية على إعطاء التلاميذ برامج تعليمية، ثقافية ودينية للكبار تعزز من هويتهم ليتخلصوا من تبعات الإفرازات السلبية لهذه الظاهرة»، فمحو الأمية على حد قولها واجب وطني، يستوجب تجنيد كل طاقات الشعب وأجهزة الدولة لبناء شخصية الفرد الجزائري القادر على مواجهة تحديات المستقبل، وخلق مجتمع منتج يستطيع تحقيق التنمية الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية.
وبشأن إقبال النّساء على مراكز محو الأمية، أفادتنا فاضل سعاد بأنّهن يملكن إرادة وعزيمة قويتين فرغم تقدمهن تراهن يواظبن على الحضور للتعلم، ورغم ضعف جسدهن فهنّ مصمّمات على مواصلة الدرب إلى آخر المطاف. وأكّدت أنّ من بين تلاميذاتها سيدة من مواليد 1927، وأخرى من مواليد 1949، ولاحظت فاضل سعاد أن الرجال لا يقبلون على مثل هذه المراكز رغم توفّرها على مستوى البلديات.
لم تثن فاضل سعاد المسؤوليات الزوجية أو المنزلية عن تخصيص وقت لهؤلاء العجزة، وكذا إعطاء أبنائها السبعة دروسا حقيقة عن البذل والعطاء من أجل الوطن والغير، لأننا كمجتمع كلّ لا يتجزّأ.
أما عن الصّعوبات التي تواجه المدّرسة المتطوّعة، ذكرت أنّها ترتبط أساسا مع طبيعة النساء اللائي تدرسهن لأنّهن في أرذل العمر ما يجعل تعليمهن مهمة صعبة بسبب ضعف قدرتهن على استيعاب الدروس والبرامج المخصصة لهن، ولكن المعاملة الطيبة ــ حسب فاضل سعاد ــ هي السر الذي يقف وراء نجاحهن، فإصرارهن يمنح أي مدرسة القوة من أجل بلوغ الغاية التي يطمح لها، وهي جعل هؤلاء المسنات يتعلّمن القراءة والكتابة، وبالتالي التخلص نهائيا من الاعتماد على الغير في قراءة أوراقهم الشخصية أو حصد المزيد من الحسنات بتلاوة القرآن الكريم.
مدّرسة متطوّعة سخّرت وقتها من أجل محو الأمية
قالمة: آمال مرابطي
شوهد:1246 مرة