في طي النسيان

«صفية كتو».. صوت الأنثى في أقوى تجلياته!

«صفية كتو» قاصة وشاعرة جزائرية.. اسمها الحقيقي «زهرة رابحي»، كانت تكتب باسم مستعار، مثل بعض الكاتبات في زمنها، ولدت عام 1944 في مدينة «العين الصفراء» عند بوابة الجنوب الغربي للجزائر، عملت مدرسة للغة الفرنسية حتى 1969، ثم انتقلت إلى مدينة الجزائر، وفي 1973 عملت صحافية في (وكالة الأنباء الجزائرية).
بدأت موهبة الكتابة عند «صفية كتو»، وهي في عمر الخامسة عشر، ونشرت ما تكتبه في 1960، حيث نظمت قصائد عن الثورة والنضال وهي في المرحلة الثانوية، وكانت أول قصيدة نشرت لها بعنوان (الجزائر) قبل السنة الأولى للإستقلال، وقد بدأت تجربة كتابة القصة في 1962، وقبل رحيلها بسنوات أوضحت صفية كتو أنها بصدد كتابة رواية طويلة تتناول الواقع الاجتماعي، وأنها أنهت مسرحية بعنوان (أسماء) وقدمتها للإذاعة والتلفزة الجزائرية، ولا يعرف مصير هذه المسرحية. وتعتبر صفية كتو واحدة من الأديبات الجزائريات اللواتي أسسن لمسيرة الكتابة النسائية في الجزائر، وأثرين الساحة الأدبية بإبداعاتهن مع نهاية الخمسينيات.
كثير ممن عاصروا «صفية كتو»، وضّحوا أنها كانت غزيرة الإنتاج الأدبي، رغم ذلك ليس لها إلا كتابان، الأول ديوان شعري بعنوان (القيثارة الصديقة) 1979، والثاني مجموعة قصصية (الكوكب البنفسجي) 1981، وقد صدرا بالفرنسية عن دار «أنطوان نعمان» بكندا، وباستثناء هذين الكتابين، لا يجد الباحث أدنى مرجع أو مؤلف يشير إلى حياة ومسيرة «صفية كتو».
صحافية مغامرة..
يقول الكاتب، «محمد بوزرواطة»، عنها: «إنّ صفية كتو تعدّ امرأة متمردة وصحافية مغامرة، تميزت بالعطاء والتأمل والصمود، وتأرجحت بين سكون اللحظة الشعرية الهادئة وحسّ الطبيعة الدفاق، الذي يتلمسه القارئ لأعمالها، بجانب كونها واحدة من عاشقات الإبحار في عوالم الكتابة، وهي بحد ذاتها مُنجز شعري وزخم حياتي ترك وراءه العديد من الأسئلة».
ويقول الناقد، «مصطفى شفيق»: «إنّ صفية كتوبين أهم الأديبات اللواتي أسسن لمسيرة الكتابة النسوية في الجزائر، وأثرين الساحة الأدبية بإبداعاتهن منذ نهاية الخمسينيات، وهو ما يعكسه إنتاجها الفكري والأدبي والقصصي الذي يؤرخ لمختلف المحطات التي عايشتها والتجارب التي مرت بها والأحداث التاريخية المختلفة أثناء فترة الاحتلال الفرنسي وبعد إستقلال الجزائر».
يصفها الكاتب، «عبدالقادر ضيف الله»، بأنها: «تميزت عن غيرها من مواطناتها المبدعات بعلاقتها الوطيدة ببيئتها، وذلك ما عبّرت عنه في ديوانها الشعري (صديقتي القيثارة)، الذي حمل مشاعر مزاجية حادة تأرجحت بين الجفوة والحنين للمدينة والحب والنفور والإبتعاد عنها، ثم وصولاً إلى الركون لدائرة الصمت».
وتقول «صفية كتو» عن تجربتها الأدبية: «إخترت عالم الخيال حتى أجد إنطلاقة في الزمان والمكان، ففي الفضاء لا توجد حدود، وهذا ما يجعلني أعيش أجواء مختلفة مدهشة، وأبطالاً خياليين حتى الآن لم يُوجدوا في الأعمال الأدبية».

الغزالة السمراء..
قال الكاتب، «بوداود عميّر»: «عندما إنتقلت الزهراء رابحي من مسقط رأسها: مدينة العين الصفراء، فكرّت أن فضاء هذه المدينة المحافظة ليس بمقدوره أن يسع طموحها في ممارسة الشعر والتوق للحرية، لذا عقدت العزم على تغيير واقعها وقرّرت الإنتقال إلى مدينة الجزائر، تركت جانباً فساتينها، اسمها ولقبها، وتبنت اسما آخر: صفية كتو، اسم هو مزيج من تسمية قديمة للمدينة مسقط رأسها، ولجدة حدثتها أمها أنها كانت ذات محاولة تقول شعراً شعبياً لم تستطع كتابته، ليغيب متوارياً في فضاء النسيان ولوعة العجز عن ممارسة أشياء الكتابة. الوجه الآخر لصفية كتو الإنسانة مثير حقاً، كيف استطاعت هذه المرأة، الغزالة السمراء، كما كان يحلو لها أحياناً وصف نفسها، أن تهرّب أشعارها وتوقها للحياة كامرأة وكمبدعة إلى العاصمة المدينة، وأن تنال بالتالي حظها من الشهرة كإعلامية تكتب في كبريات الصحف الوطنية آنذاك وتحقّق طموحها في الكتابة والإبداع الأدبي؟، بل وتشتغل على تجارب إبداعية جديدة ؟.
توفيت «صفية كتو» في 1989 بالجزائر العاصمة

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024