ستحلّ علينا بعد ثلاثة أيام ذكرى أول شهيد صعد إلى المقصلة، وهو أحمد زبانة الذي بالرغم من العالم وتدخّل محاميه مطالبين بالعفو عنه، إلاّ أنّ جلاّديه أصرّوا على إعدامه بسبب حقدهم الدفين اتجاه هذا الوطني، الذي تقدّم إلى المذبحة بكل شجاعة هاتفا بملء الفم ''تحيا الجزائر''، وتبقى هذه الجريمة وصمة عار على الاستعمار
والممارسات الوحشية التي ارتكبها منذ احتلاله الجزائر.
وفي هذا الصدد، نعطي لمحة عن المسيرة النضالية للشهيد زبانة، الذي ساهمت منظمة الكشافة الإسلامية الجزائرية في نمو الروح الوطنية لديه، زيادة على شعوره بما كان يعانيه أبناء وطنه من قهر، ظلم واحتقار، كانت هذه العوامل وراء انضمامه إلى صفوف الحركة الوطنية عام ١٩٤١.
تطوّع الشهيد لنشر مبادئ الحركة، وغرس أفكارها في الوسط الشباني وفضح جرائم الاستعمار الفرنسي.
وبعد أن أثبت أهليته في الميدان العملي وبرهن على شجاعته وصلابته اختارته المنظمة الخاصة ليكون عضوا فيها.
وبفضل خبرته، تمكّن زبانة من تكوين خلايا للمنظمة بالنواحي التي كان يشرف عليها. وقد كان من بين المشاركين في عملية اقتحام بريد وهران سنة ١٩٤٩، ازداد نشاطه السياسي وتحركاته اللافتة للانتباه ممّا أثار انتباه السلطات الاستعمارية التي لم تتوان في إلقاء القبض عليه وتقديمه للمحاكمة.
حكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وبالنفي من المدينة لنفس المدة، والتي قضاها بين مستغانم ومعسكر والقصر، وبقي تحت مراقبة الإدارة الاستعمارية ومتابعتها لتحركاته.
ورغم ذلك، عمل مع عدد من رفاقه للإعداد للثورة بعد أن عيّنه الشهيد العربي بن مهيدي مسؤولاً عن ناحية زهانة، حيث كوّن أفواجا في كل من زهانة ووهران ونواحيهما. وتجسيدا للأوامر التي تلقّاها عقد اجتماعا بزهانة، حيث التقى بابن عبد المالك رمضان، وكان اللقاء محطة دقيقة حدّدت له المهام التي كانت تشمل هيكلة الأفواج وتدريبها، واختيار العناصر المناسبة وتحميلها مسؤولية قيادة الرجال، وزيارة المواقع الاستراتيجية لاختيار الأماكن التي يمكن جعلها مراكز للثورة.
نجح زبانة في هذه المهمة، وكلّف الأفواج بجمع الاشتراكات لشراء الأسلحة والذخيرة، كما شارك بمعية ابن عبد المالك رمضان في عمليات التدريب العسكري
وكيفيات نصب الكمائن، وشنّ الهجومات وصناعة القنابل.
وبتاريخ الـ ٣٠ أكتوبر ١٩٥٤، حضر الاجتماع الذي عقده محمد العربي بن مهيدي أين أخبر الجميع بتاريخ اندلاع الثورة وتحديد الأهداف التي يجب مهاجمتها ليلة أول نوفمبر، وفي اليوم الموالي عقد الشهيد اجتماعا بأفواجه، تمّ خلاله توزيع المهام وتحديد الأهداف، واختيار مكان اللقاء بعد تنفيذ المهمات بجبل القعدة.
الذكرى الـ 57 لاستشهاد البطل
زبانة مهنـدس العمليـات الفدائية
شوهد:1948 مرة