التّفجــيرات النّووية الفرنسية برقـان

جـريمـة كامـلة الأركـان.. ضد الإنسانيـة

 ارتكبت فرنسا في 13 فبراير 1960 أولى جرائمها النووية بمنطقة رقان سمتها اليربوع الأزرق، وهي تعادل ثلاث مرات قنبلة هيروشيما باليابان لتتبعها بثلاث تجارب سطحية أخرى مستهدفة الإنسان والبيئة والنبات والحيوان والماء. والإشكالية المطروحة هنا تتمثل في الآثار الصحية للتفجيرات النووية الفرنسية في رقان وعلاقة الأمراض المنتشرة بكثرة في هذه المنطقة بهذه التفجيرات؟
يعتبر التلوث البيئي من العناصر التي لها صلة مباشرة بانتشار الأمراض، بحيث أن التلوث سواء الجوي أو الأرضي أو المائي، له ارتباط مباشر بحياة الإنسان من خلال نشاطاته المختلفة واستعمالاته المتنوعة من اجل الحياة، فالتلوث يعني التلطخ فيقال  تلوث ولوث ثيابه بالطين، أي لطخها ولوث الماء أي كدره. كما جاء في لسان العرب المحيط ، وفي المعجم الوسيط تلوث الماء أو الهواء يعني خالطته مواد غريبة ضارة كما تشير معاجم لغوية أخرى إلى أن التلوث : يعني خالط الشيء بما هو خارج عنه، فيقال لوث الشيء بالشيء أي خلطه به ، ولوث الماء أي كدره وتلوث الماء أو الهواء ونحوه أي خالطته مواد غريبة ضارة.
أما التعريف الاصطلاحي فيحيل إلى فساد مباشر للخصائص العضوية أو الحرارية أو البيولوجية أو الاصطناعية لأي جزء من البيئة مثل التفريغ أو إطلاق أو إبداع النفايات أو مواد من شأنها التأثير على الاستعمال المفيد، أو بمعنى آخر تسبب وضعا يكون ضارا أو يحتمل الأضرار بالصحة العامة أو بسلامة الكائنات الحية ويتقدمها الإنسان، ويعرف أيضا على أنه حدوث تغيير وخلل في مكونات البيئة الحية وغير الحية بحيث يؤدي إلى تغير النظام الايكولوجي ويقلل من دوره على أداء دوره الطبيعي في التخلص الذاتي من الملوثات الناجمة عن عوامل كثيرة بفعل الإنسان، ما يعني أن التعريف الاصطلاحي لا يختلف كثيرا عن التعريف اللغوي، وفي كل الحالات، فقد استخدمت فرنسا السكان المحليين كفئران تجارب لترى مدى نجاح سلاحها وتأثيره على النبات والماء والحيوان والتربة والإنسان.. لقد تم توزع السكان بنمط مدروس حول نقطة الصفر لرؤية مدى تأثير الإشعاع على البشر ومتابعة نتاج الانفجار على هذه العينات البشرية الذين هم سكان رقان.
يظل الغموض محيطا بالملف، لولا بعض الدراسات التي تربط نتائج الانفجار ببعض الأمراض المنتشرة بكثرة في المنطقة وبنسب مرتفعة عن باقي المناطق فيكون هنا أسلوب المقارنة والتحليل لمعرفة النتائج السلبية للتفجيرات.
تؤكّد الملاحظات المستمدة من السجلات الطبية الانتشار الرهيب لكل أنواع السرطانات خاصة سرطان الدم وسرطانات الغدة الدرقية في مرحلة الطفولة بين سكان المناطق المتأثرة والتي تظهرا في فترات مبكرة مقارنة مع أنواع السرطانات والأورام الخبيثة الأخرى كسرطانات الجلد والمثانة والحنجرة والنخاع العظمي وغيرها كما سجلت الملاحظات الطبية أمراض العجز الكبدي أو الكلوي نتيجة للتعرض الإشعاعي أو تسرب المواد المشعة إلى الجسم أم الغذاء وكل هذه السرطانات كانت منعدمة من قبل ولكنها انتشرت انتشارا فتاكا بين الأهالي بعد التفجيرات النووية الفرنسية.التجارب النووية الفرنسية في رقان، جريمة ضد الإنسانية تتعارض والأعراف والقوانين الدولية، استباحت فيها فرنسا المنطقة وجعلت من سكانها فئران تجارب لبناء مجدها النووي، فقد أثرت تأثيرا مباشرا وواضحا على الإنسان والحيوان والماء والتربة وكل عناصر البيئة المختلفة.وتسببت في انتشار مختلف الأمراض وبشكل مرعب خاصة أمراض السرطان والعيون والتشوهات الخلقية وسقوط الاجنة، إضافة إلى التلوث المستمر للبيئة الذي يستمر لآلاف السنوات جريمة ضد الإنسانية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19705

العدد 19705

الخميس 20 فيفري 2025
العدد 19704

العدد 19704

الأربعاء 19 فيفري 2025
العدد 19703

العدد 19703

الثلاثاء 18 فيفري 2025
العدد 19702

العدد 19702

الإثنين 17 فيفري 2025