النـواة الأولى للبحرية الجزائريـة في 1529 ..البروفيسـور تابليــت:

السفن الجزائرية كانـــــت منتشرة على امتـداد البحــر الأبيـض المتوسـط

سهام بوعموشة

 أمريكا كانت تعيّن أفضل وأكفأ الشخصيات للاعتماد في الجزائر

كانت بداية بناء الأسطول الجزائري وظهور النواة الأولى للبحرية الجزائرية سنة 1529، فكان أسطولا صغيرا ومع مرور الوقت وخروج السفن في البحر المتوسط والمحيط الأطلسي بدأ هذا الأسطول يستولي على مجموعة من السفن الغربية بكاملها ومن فيها، سواء كانوا بشرا أو بضاعة وأصبح هناك بداية الأسرى، هذا ما أكده المؤرخ البروفيسور، علي تابليت، من جامعة الجزائر02 لدى نزوله ضيفا على «ذاكرة الشعب».

أوضح تابليت أنّ النواة الأولى للبحرية الجزائرية، كانت بعد مجيء العثمانيين، وذهاب خير الدين بربروس لأنه طلب منه العودة إلى الباب العالي بتركيا ليصبح هو رئيس البحرية العثمانية بكاملها، وإلى اليوم يوجد تمثال خير الدين بمسقط رأسه بإسطنبول.
تطور الأسطول الجزائري شيئا فشيئا خاصة في القرن السابع عشر وأصبح له سفن، كل سفينة تضم من 50 إلى 60 مدفع وكل مدفع عليه عشرة أشخاص لتشغيله وإعداد البارود، علاوة على أشخاص أخرين يتكفلون بالتنظيف وإعداد الطعام.
وقال الباحث:» فهذه السفن إما أن تكون غنائم أو مبنية سواء في أحواض بناء السفن في الجزائر العاصمة، وهران، عنابة، شرشال، بجاية، حيث تتوفر مادة بناء السفن من الخشب».
هذه المدن الساحلية التي كانت تبنى فيها هذه السفن وأحيانا توقع عقود مع شركات أوروبية إسبانية، بريطانية، وفرنسية وتوجد وثائق مدون عليها أسماء المهندسين وتاريخ بناء السفن وأسماء السفن وغيرها من المعلومات.
وأكد المؤرخ أنّ السفن الجزائرية كانت متواجدة في البحر المتوسط على طول امتداده، قائلا: « «فرنسا التي تتشدق وتقول أنّ الجزائر لم تكن دولة كانت هناك سفن جزائرية متواجدة في مرسيليا ونيس، أي في الموانئ الساحلية كانوا يقضون عطلهم هناك وأنا أملك وثائق بأسماء الأسرى  الفرنسيين بالمئات، والأسرى من البلدان الإسكندنافية والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكل البلدان أوروبا».
وأشار البروفيسور تابليت إلى أنّ معاملة الجزائر للأسرى كانت تختلف عن المسحيين، وهذا بشهادات ومذكرات الأسرى الأوروبيين الذين يروون في مذكراتهم كيف كانوا يعاملونهم الجزائريون، وأبرز أنّ المسيحيين الذين اعتنقوا الإسلام، الكثير منهم كان لغايات سواء ليصبح مسؤولا أو يكسب أراضي مثل مراد رايس ذو الأصل الهولندي، هذا الأخير ألقي عليه القبض وعمره 18 سنة وبقي فترة في الجزائر، تزوّج وأنجب ثم انتقل إلى سالا في المغرب ثم عاد إلى دينه وبلده في هولندا.
وأشار تابليت إلى أنّ أكثر الذين اعتنقوا الإسلام من البلدان السلافية حتى ألقاب من العائلات التي بقيت في شرق الجزائر، مثلا في قسنطينة تجد أسماء غريبة عن المجتمع الجزائري بقوا وخدموا الجزائر.
وأوضح ضيف «الشعب» أنّ الكثير من الجزائريين يطلقون على العثمانيين الأتراك وهي كلمة غير واردة في تلك الفترة إلا بعد إلغاء الخلافة في عهد كمال أتاتورك، فبعد 1924 أصبحت تسمى تركيا، كما أنّ الأوروبيين لا يذكرون الخلافة العثمانية في كتاباتهم، يذكرون دائما كلمة تركيا لأنه بالنسبة لهم مشكل ديني.
وأضاف أنّ الإسبان كانوا متحكمين فيما يسمى الآن الأميرالية المتواجدة بساحة الشهداء، كان لديهم مركز عسكري لا تستطيع المراكب الصغيرة الدخول أو الخروج منه.
بقي خير الدين إلى 1532 حاول التفاوض مع الأسبان الموجودين في الأميرالية فرفضوا الخروج وبقي يحاصرهم الى غاية 1529، حيث قضى على هذا المركز ومن فيه وبدأت المراكب والسفن تظهر شيئا فشيئا في زمن خير الدين وابنه حسن الذي تولى الحكم في 1532.
علما أنّ الإخوة عروج وخير الدين وإسحاق وغيرهم أسلموا وأصبحوا في خدمة الخلافة العثمانية، من الشرق وصولا إلى تونس وليبيا والجزائر فيما بعد طردهم من المهدية الاسبان وصولا إلى بجاية في 1509، لأنّ الجزائر لم تكن موحدة بالشكل الحالي كانت فيه دويلات في تلمسان، بجاية والجزائر.
وأكد الباحث في التاريخ أنّ البحرية الجزائرية كانت موجودة في شرق وغرب المتوسط والمحيط الأطلسي وصولا إلى إيرلندا وإيسلندا الموجودة في أقصى الشمال، حيث وصلت السفن الجزائرية إلى هذه الدول في 1627 و16310.
في المقابل، أبرمت اتفاقيات مع بريطانيا وهولندا، مثلا في مجال إصلاح شيئ ما في السفينة أو التزوّد بالماء أو الأكل وفيه جوازات السفر يسمى pass بالإنجليزية.
ويسلم هذا الجواز من الجزائر الممضى من طرف داي الجزائر إلى القناصل المعتمدين في الجزائر من كل بلدان أوروبا على فترات، على حسب اعتراف الجزائر بهذه البلدان، لما تعترف الجزائر بأيّ دولة من الدول ترسل قنصلا إلى الجزائر ليعتمد وتسلم له نسخ من هذا الجواز.
هذه الجوازات يسلمها القنصل إلى مصلحة الجمارك ببلده، وكل سفينة تخرج وتأتي للبحر المتوسط أو في المحيط الأطلسي يكون عندها جواز، وحين تلتقي سفينة جزائرية بهذه السفن في عرض البحر يرسل قارب صغير فيه ثلاثة أشخاص يصعدون على متن السفينة ويطلبون الجواز، إن كانت لديها جواز يتم إخلاء سبيلها وإن لم يكن لها تصبح ومن فيها غنيمة.

أول قنصل لفرنسا بالجزائر في 1564

وأكد تابليت أنّ أول قنصل فرنسي بالجزائر كان في 1564، تلاه القنصل البريطاني في 1584، هذا الأخير بقي إلى 1854 بعد الإحتلال الفرنسي، من أمريكا أول قنصل كان في 1795 إلى غاية 1830، وهذا يكذب إدعاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأننا لم نكن دولة، كما أنّ الجزائر كانت لديها قناصل معتمدين للبلدان الإسكندنافية.
وأشار ضيف «الشعب» إلى أنّ أمريكا كانت تعين أفضل وأكفأ الشخصيات للإعتماد في الجزائر على أن يكون القنصل العام للبلدان الأربعة مقره في الجزائر نظرا لمكانتها، وراتبه ضعفي رواتب الأخرين، قائلا: «لدي كتاب جمعت فيه مخطوطات وهي رسائل متبادلة بين رؤساء أمريكا ودايات الجزائر من جورج واشنطن الرئيس الأول، جون أدامس، توماس جيفرسون، جيمس ماديسون، جيمس مورو «.
وأضاف:» دليل على وجود الدولة الجزائرية، الأسطول الجزائري كانت لديه إشارات عندما يلتقي في عرض البحر كيف يتعارفون، البعض من الدراسات البريطانية تقول بأنّ الجزائر سبقت بريطانيا في الإشارات».
ويشير البروفيسور إلى أنّ هناك أسرى أمريكان ارتقوا إلى رتب إدارية لا نجدها عند الأسرى المسلمين في أوروبا، مثل جيمس ليندر كارثرت الذي كان سكرتير الداي ويعرف كل ما يدور في القصر، وقد قام الباحث بترجمة كتاب حول الأسرى الأمريكيين.
ويؤكد أنّ فرنسا التي تدعي أنّ لديها نفوذ على الجزائر، هذا غير صحيح ويكذبها جيمس الذي يبرز في كتابه أنّ فرنسا لم يكن لديها نفوذ على الجزائر، وإذا قررت هذه الأخيرة أمرا تواصل في تنفيذه.
في المقابل، يبرز البروفيسور دور القنصل وليام شلير، الذي نصح فرنسا بالإنزال في سيدي فرج عند إحتلال الجزائر، لأنّه درس الحملات الأوروبية ضدّ الجزائر والتي فشلت كلها.
ويقول :»شلير داهية حكايته طويلة تعلم الفرنسية لأنّه كان غلام ممتهن ينظف في السفن لأنّ والديه ماتا بقي يشتغل في السفن التجارية القادمة نحو أوروبا «.
ويضيف :» البعض يقول أنه يعرف العربية لكنني لم أعثر على كتابات تؤكد ذلك، ألف كتابا اسمه مختصر في تاريخ الجزائر، يعتبر مصدرا هاما جدا، صدر في 1826 في بوسطن».
ويقول أيضا أنّ هذا القنصل الأمريكي كانت لديه مجموعة من النسخ وأول من اشترى منها هو القنصل الفرنسي صاحب المروحة وأرسلها إلى الخارجية الفرنسية وسارعت بالترجمة من الإنجليزية إلى الفرنسية، حيث يوصي في هذا الكتاب باحتلال فرنسا للجزائر والإنزال في سيدي فرج لأنّ الجزائريين الذين يتنقلون من العاصمة يأخذون وقتا في الوصول، وبالتالي تكون القوات الفرنسية قد نزلت على اليابسة.
بقي القنصل الأمريكي في الجزائر من  1815 إلى 1827، ثم طلب أن ينقل إلى هافانا في كوبا خوفا من الموت من الكوليرا في الجزائر، لكنّه مات بها في هافانا.
لما وصل باريس كافأته فرنسا بمئة ألف دولار في 1828 وهو مبلغ كبير لكنه رفضه ولا يعلم السبب، أرشيف الوثائق الحربية في باريس يتوفر على سبب الرفض.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024