دخل 51 زوجا ينتمون الى مختلف الشرائح الإجتماعية القفص الذهبي خلال حفل زفاف جماعي نظم بمدينة متليلي (45 كلم جنوب غرداية)، أقيم وسط مشاهد من العادات والطقوس الإجتماعية العريقة التي تتميز بها هذه المنطقة.
تزامن هذا الحدث الإجتماعي الذي بادرت به جمعيات خيرية ودينية بمتليلي مع إحياء الذكرى التاسعة عشرة لوفاة العلامة وأحد أقطاب المذهب المالكي الشيخ سيدي الحاج محمد بلكبير (1911/2000) مؤسس زاوية توات (أدرار).
ويتوخى من هذا الموعد أيضا تخليد وتثمين التراث الروحي الزاخر الذي يشتهر به الجنوب الجزائري، حيث أصبحت هذه الذكرى السنوية سانحة للأجيال الناشئة للتعرف على المسار الديني الذهبي لهذه الشخصية الروحية الفذة.
وبعد تناول وجبة العشاء وهي المأدبة التقليدية التي تحضر من طبق الكسكسي بلحم الجمل تقدم العرسان وهم مرتدين ملابس بيضاء كما تقتضي عادات المنطقة أمام مئات من المدعوين بمعية الوزراء (مساعدون) وهم يحملون حقائب ملابسهم الجديدة، قبل أن يجلسوا فوق منصة كبيرة أعدت خصيصا لهذا الحدث لتنظيم مراسم لبس العرسان.
وحضر تلك المراسم التي تمثل ذروة سهرة الزفاف عائلات وأقارب وأصدقاء الشباب المتوجين، ومحسنين ومتبرعين ، والسلطات المحلية ، إلى جانب عديد السياح وزائري المنطقة .
وتم تمويل هذه الأعراس الجماعية التي صادفت نهاية فصل الصيف ، في جو من الود والتضامن من طرف المحسنين والمتبرعين وذلك قصد توطيد الروابط الاجتماعية وترقية وتعزيز ثقافة التضامن في المجتمع.
«إن الهدف من هذه التظاهرة هو تشجيع الزواج وفقا لقيمنا الإسلامية ومساعدة الشباب في ضائقة مالية في توديع حياة العزوبية والاندماج في المجتمع قبل الوقوع في الانحراف»، حسبما اكده أحد منظمي عرس جماعي لحوالي 20 زوج من حي ثنية المخزن (غرداية).
ويتم تنظيم هذه الأعراس الجماعية الموجه للعائلات البسيطة وفقا للعادات والتقاليد العريقة لمنطقة غرداية والمستوحاة من طقوس الأجداد في التعاون والتضامن بمختلف قصور وادي ميزاب،
وتشكل الأعراس الجماعية ‘’فرصة لتعزيز قيم التضامن والترابط الاجتماعي بمنطقتنا حسب عاداتنا الموروثة عن أعراس الأجداد’’، كما ذكره في نفس السياق السيد يوسف عزوز، أحد أعيان منطقة ضاية بن ضحوة .
فبعد الانتهاء من مأدبة العشاء التي تتألف أساسا من طبق الكسكس المزين بلحم الإبل والمحضر بفضل هبات وتبرعات المحسنين تنص عادة الأجداد بالمنطقة على أن يتقدم الأزواج الجدد رفقة مساعديهم (الوزران) أمام مئات المدعوين على منصة هيئت خصيصا للمناسبة من اجل حفل تلبيس العريس الجديد.
ويحضر حفل اللباس المنتظر بشغف خلال سهرة الزفاف أفراد عائلات وأصدقاء العرسان الجدد والمحسنين والمتبرعين وكذا السلطات المحلية وبعض السياح والزوار العابرين للمنطقة .
ويرغب عديد الزوار والسياح الذين يزورون غرداية لأول مرة اكتشاف سحر وأصالة العرس الجماعي وكذا عادة تلبيس العرسان، ما دفع بأصحاب الوكالات السياحية إدراج هذه العادات الخاصة بالاحتفال بالزفاف بغرداية ضمن خدماتهم .
وبحسب التقاليد فان كل عريس جديد يتم تلبيسه من طرف إمام مختار من طرف عائلته وذلك أمام الجمهور الحاضر الذي يردد الأغاني الدينية.
كما يتم بالموازاة مع ذلك تنظيم حفل خصيصا للنساء من اجل تلبيس الزوجات الجديدات كما تمت الإشارة إليه.
ووفقا لمنظم لحفل زفاف جماعي يجمع 50 زوج بمدينة بريان فان التحضيرات قد استغرقت أشهر عديدة، مبرزا أن العرسان استفادوا من برنامج تحضيري كامل بحسب الاحتفالية المحلية حول دور الزواج في تكريس قيم الاستقرار والازدهار في المجتمع .
وتم خلال مختلف مراحل هذا العرس الجماعي إلقاء من طرف الأئمة خطب حول فضل الزواج في تكريس قيم الاستقرار والتضامن الاجتماعي وكذا حول دور الزوجين في تماسك المجتمع الإسلامية.
وتواصلت سهرة العرس بإلقاء مواعظ من قبل مشائخ وأئمة تناولوا فيها بالخصوص أهمية شعيرة الزواج في حياة المسلم، ومساهمة هذا الرباط المقدس في تكريس قيم الإستقرار والتضامن الإجتماعي، وأيضا الدور المنتظر من الأزواج في تعزيز نسيج المجتمع المسلم.
وقبل ذلك نظمت السلكة أو الختمة الجماعية ( تلاوة جماعية للقرآن الكريم) على روح الشيخ العلامة الشيخ سيدي الحاج محمد بلكبير، بمشاركة نحو ألف من أتباع العلامة .
وأقيمت بذات المناسبة الإجتماعية عروضا في الفانتازيا للخيالة والمهارى فوق أرضية مهيئة بمنطقة شعبة أولاد سيدي الشيخ بمتليلي ، وسهرات فنية من قبل فرق فولكلورية محلية.
وتميزت فقرات الحفل الختامي لهذا الحدث بتوزيع جوائز للفائزين في مسابقة حفظ القرآن العظيم.