موسى مداغ شاب جزائري، عمره 30 سنة، تعتبر قصة نجاحه واحدة من أكثر القصص الملهمة للشباب. انطلقت مغامرته كبائع خردوات من قرية صغيرة في «بودواو» شرق العاصمة واكتملت ببطل يدير أشهر وأكبر فندق في الامارات وبالتحديد في مدينة الأحلام «دبي». لم يكن طريقه سهلا، عندما حمل ذات يوم حقيبته مغادرا الجزائر وفي قلبه حلم وغصة.
لم يكن موسى طفلا ناجحا ومطيعا ومجتهدا، بل كان مشاغبا يعيش في أسرة صغيرة مكونة من أمه وأخيه الأكبر، بينما كان والده مغتربا في فرنسا. بعد فشله في الحصول على شهادة البكالوريا، عمل في سوق «بودواو» كبائع خردوات هروبا من البطالة. بعد تجربة التجارة الفاشلة التي جعلت منه شابا طائشا قرر موسى أن يدرس تخصص «الفندقة» ويقول عن هذا القرار: «حذرني أخي أني سأخسر حياتي اذا لم أفعل شيئا، كانت كلماته بمثابة كف أشعل في نفسي الرغبة في تغيير حياتي «.
درس الشاب في المعهد المتخصص في الفندقة في الجزائر، وتعرض خلال فترة دراسته للكثير من الضغوطات ونمط الإنضباط الذي لم يتعود عليه مثل الالتزام باللباس الرسمي، إلى أن المرحلة الأصعب كانت فترة «التربص» أين تعرض للرفض من قبل العديد من الفنادق التي توجه اليها بطلب التربص .
الاخفاق لا يعني اليأس
بعد التخرج وحصوله على شهادة «تقني سامي في الفندقة» بحث عن عمل في فنادق متعددة دون فائدة، فانتهى به الأمر كعون استقبال في أحد الفنادق الصغيرة وبأجر زهيد. لم يكن هذا العمل الذي أراده، لقد كان طموحه أكبر، فقرر أن يخوض مغامرة الهجرة .
الكثير من الشباب الجزائري يرغب في الهجرة وتكون عادة الوجهة إلى الدول الأوربية، لكن موسى وبعد اتصال مع والده، نصحه بالهجرة لدبي وكانت نصيحة والده «دبي خير ليك» بداية مغامرته الحقيقية.
إنها مدينة الأحلام والأكثر نهضة خاصة في عالم الفندقة، وهو ما يجعل المغامرة أصعب ومجهولة العواقب، ووتيرة التحدي تتصاعد. كل هذه الأحداث والتحديات التي واجهته وثقها في كتاب يروي سيرته الذاتية .
دبي .. الحلم الذي تحقّق إلى حقيقة
بعد رحلة صعبة، أصبح موسى اليوم مديرا في أكبر وأشهر مجمع للفندقة في الإمارات وهو الذي كان يمنعه عناصر الأمن من الدخول إلى الفنادق لتقديم طلب التوظيف. حصل على وظيفة مدير بفندق «روف» أحد أهم الفنادق الراقية في دبي والمقابلة لبرج خليفة الذي يعتبر أطول برج في العالم. نجح موسى مداغ في منصبه الإداري ويعرف اليوم بأنه مدير متعاون جدا ومشجع للمبادرات الشبابية والخيرية .
اختار موسى أن يكتب ويوثق أحداث وتحديات مغامرته في كتاب عنوانه «دبي خير ليك» يتناول قصة نجاح الشاب الجزائري التي بدأت من الصفر، بهدف بث روح الأمل في الشباب الذي يأس وهو يبحث عن عمل، في واقع تحدث موسى عن تفاصيله من خلال يومياته خاصة في مرحلة المراهقة وصولا إلى مغامرته في دبي.
كتب موسى كتابه باللهجة العامية الجزائرية، وأراد من خلالها أن ينقل القصة كما عاشها، وكأنه حديث بين صديقين، ويؤكد أيضا من خلالها بأنه ليس بكاتب بل راوي كتب تجربته الخاصة لتحفيز أمثاله من الشباب الجزائري .
دخول عالم الكتابة من أوسع الأبواب
اشتهر موسى بكتابة كتابه باللهجة الجزائرية من أجل نقل قصته، كما هي إلى الشباب الجزائري، بالإضافة إلى هذا ربط موسى عائدات كتابه ومؤلفاته المقبلة بمشروع خيري لصالح الأطفال اليتامى في الجزائر، حيث يحضر لتأليف كتاب آخر حول «فنيات العمل الفندقي» باللغة العربية ويبقى حلمه الأكبر تأسيس مدرسة «للفندقة والسياحة» في الجزائر.
قدم الكاتب مداغ موسى في معرض الجزائر الدولي للكتاب في طبعته الماضية التي افتتحها الوزير الأول أحمد أويحيى، كتابه المعنون بـ «دبي خير لك مذكرات جزائري في الإمارات» صدر عن منشورات «الجزائر تقرأ» التي يديرها قادة زاوي .
يروي العمل الذي جاء في 150 صفحة، قصة بطال جزائري كان يبيع الخردة في ما يسمى «الدلالة» بالجزائر إلى مدير أحد أكبر الفنادق في دبي الإماراتية.
وتقول مقدمة العمل إنّ العمل ينقل عبره المبادر الشاب موسى مداغ بلهجة جزائرية عامية حكايته التي ابتدأها منذ أن أخفق في امتحان شهادة البكالوريا في بلاده مرورا بالبطالة التي عانى منها ثم دراسته لتخصص الفندقة قبل أن يفكر بالهجرة إلى دبي. لكن تساءل كاتب المقدمة لم دبي تحديدا؟!
يوضح موسى مداغ أنّ غالبية الشباب الجزائري ممن يرغبون بالهجرة يفكرون بالاغتراب في فرنسا أو في الدول الأوروبية، إلا أنه اختار وجهة أخرى غير تقليدية، وهو الذي كان يفكر في فرنسا أيضا بحكم أن والده سبقه للهجرة إليها قبل زمن طويل، لكن في الأخير غيّر وجهته نحو المشرق وبالضبط إلى الإمارات العربية المتحدة حيث مدينة الأحلام دبي.
يعترف المتحدث أنّ المغامرة كانت مجهولة العواقب، حيث تتصاعد وتيرة التحدي في كل خطوة يخطوها. وعبرّ بقوله: «ستضحكون وتبكون مع هذا الكتاب، تتحمسون وتقلقون، يصيبكم فرط نشاط وتدمعون، كما أنكم ستتفاءلون ويُملأ قلبكم أملا في آخره، فرحلة موسى وحكايته العجيبة في دبي جعلته يخطها بصدق.. من بطال في الجزائر يبيع الخردة في الدلالة إلى مدير أحد أكبر فنادق دبي».