نحيب الفجيعة الذي يُدوّي من هول الوجيعة المتنقلة في كلّ بيتٍ وحارةٍ وشارعٍ في غزّة وجباليا وبيت لاهيا وبيت حانون يُدمي قلوبنا، ويُفجّر تباريح الألم في أعماقنا، ويهزّ نفوسنا المتعبة من شعورنا بعجزنا وقهرنا وقلّة حيلتنا، وهواننا على الناس.
في غزّة وجباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، حيث تدور مفرمة الجنرالات منذ ثمانيةٍ وعشرين يوماً، يُكابد الأطفال والنساء آلامهم وجوعهم وتفجّعهم بين أسنانها، وبين أنياب الغربان المتوحّشة.
ياااا الله! مشاهد الأطفال الذين يموتون وهم نائمون في غُرفٍ باتت مصائد للطائرات، التي تعاقب العائلات وتتعقّبها، خلال رحيلها إلى غزّة، فتمطر البنايات المتكدّسة بالجائعين، بالقنابل الثقيلة التي تُحيل الأجساد الغضّة إلى أشلاء متناثرة. ياااا الله! من يجيب نحيب الأمهات على فلذات الأكباد من الأولاد والأحفاد؟! من يحقن الدماء الفوارة؟! من يطعم الأفواه الجائعة؟! من يبلسم الجراح الغائرة؟! من يوقف الإبادة المتوحّشة؟!
ياااا الله! صمت العالم يمزّق قلوبنا، ورطانة الساسة تعمّق ألمَنا، وثرثرة المسؤولين والمحلّلين تقهرنا، وقد باتت شعاراتهم وتحليلاتهم مادةً للتسلية على نزف جراحنا، والتكسّب من دماء الضحايا الذين يُطحنون بين الخسائر التكتيكية الباردة، والانتصارات الاستراتيجية الباهرة.
يموت الغزّيون إن هم اعتصموا في منازلهم، أو لاذوا إلى خيامهم، ويموتون إن هم رحلوا إلى مدارسهم، أو آووا إلى مراكز الإيواء، أو المستشفيات لتلقّي العلاج، أو حتى أرصفة الشوارع الغارقة بالدماء، وبالجثث التي تنهشها الكلاب!
ياااا الله..! ليس لنا غيرك مجير، لتستجيب لدعاء المظلومين والجوعى والمكلومين، وتوقف هذا الظلم والدمار العظيم عن أهلنا الذين يرفعون أكفّ الضراعة إليك، لتنجيهم من الجحيم، فليس لهم إلا رحمتك وجودك، سبحانك لا شريك لك..أوقفوا حرب الإبادة الآن..!