الشبـاب مطالـب بالعمـل لبنـاء مستقبلــه وحمايــة الوطــن
اهتماماته وتطلعاته وهواياته لامنتهية، وحبّه للعمل بتفانٍ جعل منه قدوة لشباب المنيعة، بولاية غرداية خاصة، وشباب المدن والولايات الأخرى عامة، كوّنته الحياة فواجه كل الصعاب التي اعترضت طريقة، بتمسكه بمبادئ الدين الحنيف وإقدامه على التعلم والتكوين واستغلال الفرص المتاحة أمامه، فتعلم رعي الإبل، فالفلاحة، فالدهان وتركيب الزجاج والمرايا، والقائمة طويلة... إنه قطاف الشيخ، الذي يستحق مشوار حياته الطويل والحافل بالتجارب والحكمة أن يكون مرجعا يدرس للأجيال الصاعدة.
كانت مداخلة قطاف الشيخ، أمس، في ختام أشغال منتدى “الشعب”، حول الحركة “الجمعوية ودور الشباب في التنمية الوطنية”، جد مؤثرة وملفتة للانتباه، حيث سرد إبن المنيعة وشيخ الزاوية على الحضور، مقتطفات من حياته الصعبة التي ميّزها الكد والجد والعمل المتواصل والتعلم والتكوين المستمر، فمن حالة اليتم شق طريقه في المجتمع تحت مبدإ “لا أكل إلا من عرق جبيني ومما تنتجه يداي”.
ودعا قطاف الشباب الجزائري، “للكف عن التذمر من متاعب الحياة، والتشمير على السواعد للعمل بشتى المجالات”، معاتبا الشباب الذي يقول إن العمل غير متوفر، مطالبا إياهم “بالكف عن اتباع المظاهر الخدّاعة والتحلي بروح المسؤولية وحب الوطن والسهر على تعلم حرف تفيدهم في المستقبل”.
وكان من الضروري بالمناسبة، أن نرسم بورتري ولو وجيز عن حياة هذا الرجل، الذي قست عليه الحياة وهو صغير، إذ فقد والده وهو ابن 7 سنوات ليكفله عمّه لمدة سنتين ونصف، أبعدته كل البعد عن مسقط رأسه ليسكن الصحراء في عزلة تامة، يذكر منها “أنه كان يحفر في الليالي الباردة خندقا، يشعل فيه نارا، فحين تشتد يزيح جمرها، ليردم نفسه مكانه، حتى يتسنّى له النوم في الدفء”.
وبعد مرور هذه المدة، يقول الشيخ قطاف، “تركت حياة البدو وعدت إلى مسقط رأسي بحاسي القارة بزاوية سيد الشيخ، لأمتهن الفلاحة أجيرا عند الخواص، لأدخل بعدها عالم البناء والمقاولاتية، حتى تم استدعائي للخدمة الوطنية”.
وقد شكلت هذه المحطة من حياة قطاف منحنى هامّاً حيث وبالرغم من رفض سلطات الخدمة الوطنية قبول تجنيده، كونه مصابا بمرض في الجهاز التنفسي، إلا أنه أصرّ على البقاء، قائلا: “إن الحقنة التي أخذها لأول مرة في حياته وبالرغم من خوفه الشديد منها، قد ساعدت في شفاء علته”.
وخلال مدة الخدمة الوطنية التي قضاها بين مستغانم وتمنراست، هذا في سنة 1979، تعلم مهنة دهان ومركب للزجاج والمرايا، وكان من الأوائل في دفعته، حيث أصبح مكوّنا بدوره لزملائه الجنود.
وقد مكنه هذا التمهين من العمل كحرفي بسجل تجاري، بعد انقضاء مدة التجنيد، لمدة ست سنوات ونصف، كانت له مشاريع مع سونلغاز وعديد المؤسسات الأخرى، إلى أن، يضيف قائلا: أنشأ مؤسسته لأشغال البناء، ليعمل بهذا المجال لمدة 20 سنة”.
الزاوية في خدمة الفقراء والمساكين
ويعد 1 نوفمبر 1986 تاريخا مميزا بالنسبة للشيخ قطاف، الذي عيـّن شيخا لزاوية سيد الشيخ في الصباح واحتفل بزواجه في المساء.
وكشف قطاف، أن مهامه في الزاوية هي إعالة الفقير والمسكين وفك كربة المهموم وضيافة عابر السبيل، بغض النظر عن جنسه، أو ديانته، أو انتمائه، فنحن نقوم بخدمة إنسانية، ناهيك عن إحياء الأعياد الدينية والأيام الوطنية، كما سبق لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أن أعلن عن ترشحه لعهدة ثانية في سنة 2004 من مقر زاويتي”.
كما تساهم الزاوية التي يرأسها، في تشجيع البنات على تعليم القرآن الكريم، هذا بالرغم من حاجة مقرها الماسة إلى ترميم وصيانة لتدارك ما أتى عليه الدهر والتغيرات المناخية من اهتراء لجدرانها المبنية من الطوب.
وللشيخ قطاف مشاركة قوية في الحركة الجمعوية والعمل التطوعي، هذا بحكم انتمائه في السبعينيات من القرن الماضي للكشافة الإسلامية الجزائرية، فقد شارك يوم 29 فيفري 2008 بدار الثقافة محمد بوضياف ببرج بوعريريج في أول ملتقى لأكاديمية المجتمع المدني الجزائري، حول “المنظمات المدنية ودورها في التنمية المحلية”.
ولم يكتف الرجل بما تعلمه أو بالحرف التي امتهنها، بل فتح المجال لهواياته المتعددة، “ليجرب عالم الموسيقى والفن الرابع، ليشهد له الأول مشاركة في حفلات فنية ساهرة بقاعة الأطلس سنة 1982، وفي مسرحيات عن ثورة التحرير الوطني، سنوات قليلة بعد ذلك، وأمنيته اليوم، يقول قطاف،منكتاً تعلم الرقص القبائلي”.