آليــات لمرافقة المجتمـع المدنـي ومنحـه هامشــا أوسع للرّقابـــة
بات المواطن في الجزائر المنتصرة، مهما كانت صفته أو موقعه الاجتماعي، يشكّل عنواناً لكل عمل حكومي، وعنصراً بارزاً في أجندتها وكلمة السر في السياسات التنموية، مدفوعاً في ذلك باهتمام بالغ من طرف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الذي أعاد ترتيب أولويات عمل الحكومة، وأعاد ثقة المواطن في مؤسساته، وجعله يشعر أنّ صوته مسموع، وحقوقه محفوظة، وأن الدولة التي غضّت الطرف عنه في أوقات سابقة، باتت تُصغي وتستجيب لتطلّعاته، ما كوّن لديه قناعة فعلية لا لُبسَ فيها، بأنّ «المواطن أولوية الأولويات».
لطالما تكرّرت على مسامع الجزائريّين عبارة «المواطن أولوية الأولويات»، وهي عبارة تحمل في طيّاتها وعداً بالتغيير نحو الأفضل، وتأكيد على أن السياسة العامة الماضية فيها الحكومة مبنية على خدمة المواطن أولاً وأخيراً. وممّا لا يدع مجالاً للشك بأهمية المواطن في السياسات العامة للحكومة، هو وقوعه تحت طائلة الإجراءات التي تعكس نيّةً واضحة في التوجّه نحو خدمته، والتخفيف من عبء الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي نتجت عن جائحة كورونا والأزمات العالمية المتتالية وانعكاساتها المحلية.
إنّ الحديث عن الإجراءات والتدابير التي اتخذتها السلطات العليا في السنوات القليلة الماضية، شكّلت مؤشّرات قوية على أن الدولة تمضي قُدماً «فعلاً لا قولاً» في جعل المواطن أولوية الأولويات، بل وتجعل المواطن شريكاً في تجسيد هذا المبدأ من منطلق الديمقراطية التشاركية التي دعا إليها الرئيس تبون، وكرّس لها بعض الهيئات والمؤسسات الدستورية الحديثة.
لم تتوقّف «أولوية المواطن» عند الشق الاجتماعي أو الاقتصادي فحسب، بل توسّعت رؤية رئيس الجمهورية لتشمل تدابير جديدة تُعزّز حضور المواطن في المشهد الوطني، وتُقرّبه من دوائر صنع القرار، وهو ما يظهر جليّاً من خلال إنشاء هيئات ومؤسّسات دستورية حديثة على غرار المجلس الأعلى للشباب، المرصد الوطني للمجتمع المدني، والمندوب المحلي لوسيط الجمهورية المتواجد عبر كل ولايات الوطن.
هذه المؤسّسات وفّرت للمواطن فضاءً للتعبير والانخراط بقوة في الحياة العامة، بعدما كان وإلى وقتٍ قريب يلعب دور المتفرّج في كل السياسات والبرامج، وهو ما شكّل خطوةً نحو تمكين المواطن من التمثيل في الهيئات الدستورية، بل والمشاركة الفعلية في رسم مسارات التنمية ومراقبة تطبيق السياسات المتعلّقة به عبر ممثلي الشباب والمجتمع المدني، وهو قرينة أخرى على نظرة السلطات العليا للمواطن باعتباره رافعة أساسية للتغيير والبناء.
هذه الهيئات التي أقرّها رئيس الجمهورية تعمل على تمكين المواطن، وإشراكه في جوهر السياسات والبرامج، وهي جزء من رؤية أوسع تسعى إلى صياغة مفاهيم جديدة حول المواطنة، وتعيد التأكيد على أنّ «المواطن أولوية الأولويات» فاعلاً في البرامج شريكاً في صياغتها، لا مستقبِلاً لها.
وبالموازاة مع إنشاء هذه الهيئات، حرص الرّئيس تبون على إرساء بيئة قانونية متينة تحفظ كرامة المواطن وتعزّز ثقته في مؤسساته، حيث تمّ سن ترسانة من القوانين والآليات لمحاربة ظاهرة المضاربة التي أنهكت القدرة الشرائية للمواطن. من جهة أخرى، تمّ وضع آليات لمرافقة المجتمع المدني ومنحه هامشا أوسع للرقابة، عبر تمكين المنتخبين من صلاحيات أكبر في التسيير، واتخاذ القرار بما يُناسب خصوصية كل منطقة وفق مقاربة تشاركية مع المواطن.
لقد تزامن هذا التوجّه مع إجراءات ميدانية مباشرة عزّزت من مكانة المواطن في أجندات عمل الحكومة، من بينها قرار رئيس الجمهورية استحداث منحة للبطالة لفائدة الشباب العاطل عن العمل، في خطوةٍ تهدف الى الحفاظ على كرامة هذه الفئة. وقد مثّلت هذه المنحة تحوّلاً نوعياً في سياسة السلطات العليا، ووضعت المواطن الشاب ضمن مقاربة شاملة تُدرج مسألة تشغيله في قلب أولويات الحكومة.
وفي ذات السياق، تمّ رفع الحد الأدنى للأجور للمواطن الموظّف، وتخفيض الضّريبة على الدخل الإجمالي لفائدة أصحاب الدخل المحدود، فضلاً عن استحداث منحة الأسرة المنتجة لفائدة المرأة المواطِنة والتكفّل بالفئات الهشّة.