ضـرورة تنميـة المهــارات والموارد البشريـة والتدريـب المتخصّـص
أكّد البروفسور فؤاد بداني أمين عام المنظمة الجزائرية للسياحة، أنّ قطاع السياحة الصّحراوية يعدّ أحد ركائز القطاع السياحي، ويوجد في قلب المنظومة الاقتصادية لاعتباره رافدا قويا لاستحداث القيمة المضافة وخلق فرص العمل، ويتوقّع أن يساهم مستقبلا بشكل أكبر في التنمية المستدامة، وضخ الموارد المالية بالعملة الصعبة، كما يتوقّع أنّ الجزائر مرشّحة للتحول إلى قطب سياحي استراتيجي رائد في المنطقة على خلفية الطلب الأوروبي القوي والمكثف على الوجهة الجزائرية الصّحراوية.
قدّم البروفسور فؤاد بداني، الخبير وأمين عام المنظمة الجزائرية للسياحة، قراءة معمّقة لأهم مستجدّات السياحة الصّحراوية في موسمها الجديد، ووصفها بأحد أهم أنواع السياحة البيئية، على اعتبار أنّ منطقة الصّحراء بما فيها من مظاهر طبيعية، تتمثل في تجمعات الكثبان الرملية والجبال الرملية، وإلى جانب كل من الأودية الجافة والواحات الطبيعية والبراري والضايات والقيعان، وبالإضافة إلى أسلوب حياة وثقافة الشعوب الصّحراوية المتناغمة والمنسجمة تماما مع طبيعة الصّحراء.
ويرى الخبير بداني، أنها تشكل في تفاعلها الطبيعي والبشري نمطا متميّزا من أنماط الحياة، وأوضح الخبير في السياحة، أنه رغم الجفاف الظاهري للصّحراء، إلا أنها تمتاز بوجود تنوع بيولوجي هائل، يتمثل في مجموعة كبيرة من أنواع النباتات والحيوانات التي تعيش في أجواء من التكيف مع البيئة الصّحراوية القاسية.
ووقف الخبير بداني وأمين عام المنظمة الجزائرية للسياحة، على أهمية السياحة الصّحراوية باعتبارها أحد الأنماط السياحية الهامة في الجزائر، وعلى خلفية مساهمتها الهامة في التنمية المستدامة، كقطاع حيوي ورئيسي في ضخ الثروة وامتصاص البطالة، مثمّنا عملية تنظيم فعاليات ومهرجانات تشجّع هذا النوع من السياحة، على غرار المهرجان الدولي للسياحة الصّحراوية، بهدف تعزيز السياحة بين الزوار وتطوير الاقتصاد المحلي، وإلى جانب المساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني خاصة في مجال النقل الجوي وقطاع الخدمات والنقل، قطاعات كلها تستفيد من الحركة السياحية سواء الداخلية المحلية أو الدولية والسياح الأجانب، وهذا من شأنه توفير العملة الصّعبة والزيادة من حركية صرف الأموال.
تدفّق مكثّف للسياح الأجانب
ويعتقد الخبير، أنّ الجزائر بدأت تستغل ثروة مهمة والمتمثلة في السياحة الصّحراوية، على خلفية أنّ الصّحراء الجزائرية، تعد ثاني أكبر صحراء في العالم لامتدادها على مساحة 84% من المساحة الإجمالية للوطن، إلى جانب احتوائها على 05 حظائر ثقافية مصنفة عالميا، ويتعلّق الأمر بكل من حظيرة الطاسيلي في ولاية ايليزي، الهقار في ولاية تمنراست، وادي ميزاب في ولاية غرداية والحظيرة الثقافية للأطلس الصّحراوي في حظيرة توات، وكذا قورارة، تيديكلت بإن صالح.
واعتبر الخبير بداني، أنّ الصّحراء تعد القبلة الأولى للسياح الأجانب لما تتسم به من جمال أخاذ بروعة الجبال وثقافة السكان المحليّين، وبالإضافة إلى كل تلك المزايا، فإنّ صحراء الجزائر الجذابة، تشتهر بحظيرتي الهقار وطاسيلي، فمثلا تمنراست تشتهر برسومات تبرز تاريخها القديم الذي يصور العصور الحجرية، وكذا جبالها البركانية التي تسحر الأنظار.
وبنظرة تقييمية، تحمل الكثير من التفاؤل، قال البروفسور بداني، أنّ موسم السياحة الصّحراوية 2024- 2025 والذي انطلق مع نهاية شهر أكتوبر الماضي من ولاية تمنراست، شهد بداية قوية مع تدفّق كبير للسياح، وذكر الخبير في سياق متصل، أنه تم تسجيل 22 ألف سائح أجنبي خلال الثلاثي الأول من الموسم حسب عدة مصادر رسمية، خاصة في مناطق مثل إيليزي وجانت، حيث تزايد النشاط السياحي بشكل محسوس.
كما لم يخف بداني أنّ الطبعة 6 للمهرجان الدولي للسياحة الصّحراوية المنظم في 14 نوفمبر الماضي بولاية الوادي، بدوره عرف إقبالا كبيرا للسياح والوكلاء المشاركين والمهتمين بالسياحة الصّحراوية سواء من طرف الزوار أو المستثمرين، وكذا الوكالات السياحية ومختلف الدواوين السياحية.
وبخصوص جملة الإجراءات التي تم اتخاذها بتعليمات من السيد رئيس الجمهورية الجزائرية، وفي صدارتها تسهيل التأشيرات للسياح الراغبين في زيارة الصّحراء الجزائرية “عبر تأشيرة التسوية بالمطار”، أي عن طريق منح تأشيرات خاصة عند الوصول واستخدام التأشيرة الإلكترونية، أوضح الخبير بداني، أنّ هذه الخطوات، تهدف إلى تعزيز السياحة والترويج للجزائر كوجهة سياحية مميّزة، وفي نفس الوقت، وصفها الخبير بداني، بالإستراتيجية الذكية والمعوّل عليها في تحسيس السائح بمدى قيمته وأهميته كضيف خاص يعامل كالشخصيات المهمة، إلى جانب تسهيل الإجراءات التنظيمية وتسريعها بما يجعل السائح يشعر بالرضى وبالراحة من أجل ضمان عودته عدة مرات، وفي إطار جهود القضاء على البيروقراطية في إجراءات السفر والتأشيرة بما يعزّز الصورة الحسنة للسياحة الجزائرية، لأن المطار يعد الواجهة الأولى وأقوى نقطة لتعزيز السياحة، وكذلك بهدف زيادة وتنشيط السياحة دوليا وتحقيق أولى بدايات المنافسة الدولية في مجال السياحة.
تمكين الشركات السياحية من المعلومات التسويقية
كما تعكف المنظمة الجزائرية للسياحة، على رسم استراتيجيات تحقيق التنمية للسياحة الصّحراوية عبر سلسلة من المقترحات، أبرزها أوضح الخبير، تشجيع الإلمام بمبادئ وأساليب إدارة البيئة، بما يشمل استراتيجيات المحافظة على المكتسبات الحضارية والثقافية والتاريخية، وإلى جانب تمكين الشركات السياحية من الوصول إلى المعلومات التسويقية والموارد المالية، وكذا أهمية تحسين التنسيق بين الإدارات الحكومية المعنية بالسياحة والبيئة ومستثمري القطاع الخاص في السياحة.
ومن جملة هذه المقترحات تحدّث الخبير، عن ضرورة جعل النهوض بالبنية الأساسية في المواقع السياحية المعزولة حتمية عن طريق تشجيع استثمار القطاع الخاص، إلى جانب إنشاء قاعدة إحصائية تبيّن بشكل دقيق وحقيقي عدد السياح الوافدين الزائرين للتفريق بين المهاجرين المغتربين من السياح الحقيقيّين. ومع تنمية المهارات والموارد البشرية والتدريب المتخصّص بغية توسيع الأسواق السياحية.
وفي عرض لأهم الأرقام، أكّد الخبير أنّ السياحة تعتبر أحد القطاعات الاقتصادية المهمة التي تساهم بشكل كبير في الناتج الداخلي الخام للعديد من الدول، بالنظر إلى قدرتها على توفير موارد مالية مهمة، وقال بأنّ السياحة تساهم بنسبة 02.5 بالمائة في الناتج المحلي، في وقت ارتفعت إيرادات السياحة في الجزائر حيث في عام 2023، سجّلت الجزائر ارتفاعا كبيرا في عدد السياح الوافدين.بالإضافة إلى تسجيل استثمارات جديدة في القطاع، مع بدء إنجاز 800 مشروع سياحي يمكن أن يوفّر 90 ألف سرير و45 ألف منصب شغل، ممّا يعكس إمكانية زيادة مساهمة السياحة في الاقتصاد الوطني، حيث تمتلك الجزائر إمكانات طبيعية وسياحية وجغرافية هائلة، يمكن أن تجعل منها قطبًا سياحيًّا هاما ورائدا وعلما أنها مرشّحة إلى ذلك.