تعزيــــــــــز الإنجــــــــازات وتكريــــــــــس أركـــــــــان الدّولـــــــــة الحديثـــــــة

الجزائـــــــــــر الجديـــــــــــدة..عهـــــــــــد الخــــــــــير والنّمــــــــــــــاء وفـــــــــــــاء للشّهــــــــــــداء

زهراء - ب

 

 تحيي الجزائر المنتصرة ذكرى سبعينية الثورة التحريرية المظفّرة، وهي عاقدة العزم على المضي إلى الغايات التي حدّدتها رسالة نوفمبر الخالدة تعزيزا للسيادة الوطنية، واستقلالية القرار الوطني، بالسعي الدائم والصارم للوصول بالاقتصاد الوطني إلى مستويات النجاعة والتنافسية، وبالعمل على صون الطابع الاجتماعي للدولة من خلال التعزيز المتواصل للمكاسب الاجتماعية والاقتصادية غير المسبوقة المحققة على أوسع نطاق لتثبيت أركان الدولة الحديثة التي تسود فيها قيم المواطنة، وينعم فيها المجتمع.

 عرفت الجزائر منذ استرجاع السيادة الوطنية تحوّلات كبيرة في مجالات متعددة، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية، تعكس رحلة تطور وتحدي بلد الأحرار وقبلة الثوار من أجل تحقيق التنمية المستدامة والشاملة، وصون الطابع الاجتماعي للدولة لتحسين ظروف معيشة المواطن، وتعزيز مكانته كمحور أساسي للسياسات التنموية، ضمن مقاربة قوامها الاستدامة والعدالة في توزيع الثورة، في سياق ديناميكية شاملة للتغيير والإصلاح.
عملت الجزائر على التحرر من التبعية الاقتصادية للبلدان الغربية، فتم تأميم عدة قطاعات إستراتيجية مثل النفط والغاز، التي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد الجزائر، ثم انطلقت في بناء قطاع صناعي قوي، حيث تمّ إنشاء العديد من المصانع والشركات العمومية، بحيث تم التركيز على الصناعات الثقيلة مثل النفط والغاز والحديد والصلب، وعملت بالموازاة مع ذلك على تطوير البنية التحتية بشكل كبير، حيث شهدت الجزائر بناء الطرق السريعة، السكك الحديدية والموانئ، وإطلاق مشاريع أخرى تخص بناء السدود ومحطات الطاقة ساهمت في تحسين جودة الحياة ودعم الاقتصاد.
بالموازاة مع ذلك، عملت على تطوير القطاع الزراعي من خلال مشاريع الري، وتوسيع الزراعات المسقية لتحسين الإنتاج والإنتاجية الزراعية بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقليل الاعتماد على الواردات الغذائية.
أما في المجال الاجتماعي، فقد حقّقت الجزائر تقدّما ملحوظا في مجال التعليم، حيث تمّ بناء العديد من المدارس والجامعات، وتعتبر نسبة التمدرس من بين الأعلى في المنطقة، مما ساهم في رفع مستوى الوعي والمعرفة بين الأجيال الجديدة، كما تم تحسين النظام الصحي بشكل كبير، حيث تمّ بناء مستشفيات ومراكز صحية جديدة، وأسهمت جهود الحكومات المتعاقبة في مكافحة الأمراض، وتحسين الرعاية الصحية في زيادة متوسط العمر المتوقع، ورفع مستوى الصحة العمومية.
إضافة إلى ذلك، قامت الدولة بتنفيذ مشاريع سكنية ضخمة لتلبية احتياجات السكان، اقتصر في السنوات الأولى على السكن الريفي والاجتماعي، وتنوّع ليشمل صيغا جديدة منها البيع بالإيجار، الترقوي العمومي والتساهمي، ساعدت الكثير من العائلات في الحصول على مساكن لائقة بسعر مدعّم من طرف الدولة، كما تم إنشاء شبكات الحماية الاجتماعية تشمل التأمينات الاجتماعية، البطالة والتقاعد، ممّا يوفّر للأفراد دعما في مختلف مراحل حياتهم.
جزائـــــــــــــــــــــــــــــر جديـــــــــــــــــــــــــــــدة
 وبانتخاب السيد عبد المجيد تبون رئيسا للبلاد في رئاسيات ديسمبر 2019، بدأت الجزائر السير نحو آفاق بناء مؤسّسات الدولة على أسس صحيحة انطلاقا من دستور جديد، تكيّفت الهيئات الوطنية وفق أحكامه، واستحدثت هيئات أخرى، دعت إليها التحولات في المجتمع، مثل المجلس الأعلى للشباب، والمرصد الوطني للمجتمع المدني، وفي المجال الاقتصادي انطلقت الحكومة في تنفيذ استراتيجية الإنعاش الاقتصادي بوتيرة سريعة، والتكفل بالجوانب الاجتماعية والنجاعة المطلوبة.
وفي ظرف قصير تمكّنت الجزائر بفضل حنكة الرئيس تبون، وتجنّد الجزائريات والجزائريين، واعتمادا على الإمكانيات المتوفرة، بالعودة بالبلاد إلى الطريق الذي سار عليها الشهداء والمجاهدين، صونا للوديعة وحفاظا على الأمانة.
وعلى أسس المرجعية النوفمبرية، ضبطت الجزائر الجديدة المنتصرة دون تردّد خياراتها وقراراتها ومواقفها ومشاريعها وفق ما خطته ثورة نوفمبر الخالدة، وما أفضت إليه من استقلال شهد العالم بأسره أنّه كان الأغلى بتقديم أكثر من مليون ونصف مليون شهيد، وبإرادة وعزيمة واصلت الطريق نحو إقامة الدولة الوطنية القوية بتاريخها وشعبها، والحفاظ على وحدة صف الجزائريين في عالم مضطرب، واجهت الجزائر بحنكة في هذه المرحلة تداعيات تقلبات الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة، وتحديات التصدي لمحاولات الاستهداف العدائية الخارجية.
وعلى نهج الشّهداء في التضحية ونكران الذات من أجل جزائر منتصرة، توجّه الرئيس إلى عهد خال من الفساد والبيروقراطية، لكسب رهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية عن طريق تعزيز الإنجازات، فبذلت الجزائر جهودا لترسيخ الطابع الاجتماعي للدولة، الذي يعتبر مبدأ ثابتا خلّده بيان أول نوفمبر، الذي أرسى أسس سياسة الحماية الاجتماعية المبنية على مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص.
ومن أجل تأكيد دور الدولة في هذا المجال، تمّ إطلاق برنامج طموح لتعزيز المكتسبات الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بتلبية الحاجيات والخدمات الأساسية للمواطنين، لاسيما الفئات الهشة، مع تبنّي مقاربة ترتكز على تحسين نوعية هذه الخدمات وجودتها وضمان الوصول إليها.
وانطلاقا من قناعة أن العنصر البشري هو أساس التنمية المستدامة وعماد خلق الثروة، أدرج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون منذ سنة 2020 تحسين أوضاع العاملات والعمال في صميم أولويات برنامج عمله، من خلال إجراءات متدرجة برفع قيمة الأجر الوطني الأدنى المضمون، وإلغاء الضريبة على ذوي الدخل المحدود، ورفع الأجور ومنح ومعاشات التقاعد. وحرص على الإدماج المهني لأصحاب العقود في مناصب عمل دائمة، وتحويل عقود جهاز نشاطات الإدماج الاجتماعي إلى عقود غير محددة المدة، ممّا سمح في فترة وجيزة بتوظيف أزيد من نصف مليون عامل في مناصب عمل قارة.
وتشجيعا لروح المبادرة استحدث عطلة من أجل إنشاء مؤسسة تسمح للموظفين بإنجاز مشاريع استثمارية دون الخوف من فقدان مناصب عملهم، كما أطلق آلية جديدة تمكّن المواطنين العاملين خارج البلاد من الانخراط الطوعي في المنظومة الوطنية للضمان الاجتماعي والحصول على حق التقاعد.
وتعزيزا لهذا التوجه، سعى الرئيس تبون باستمرار لتحسين الإطار المعيشي، ودعم القدرة الشرائية وفق ما تتيحه التوازنات المالية للبلاد، مع الحرص على توفير الظروف اللائقة والمحفزة من خلال ترقية الحوار الاجتماعي، وتأطير العمل النقابي صونا لحقوق العمال، وتحصينا لمستقبلهم المهني.
أما في المجال الاقتصادي، وإدراكا منه للعلاقة الوثيقة بين تحقيق معدلات نوعية للتنمية الاقتصادية وتعزيز السياسات الاجتماعية، أطلق الرئيس تبون ورشات كبرى للإصلاحات الاقتصادية من أجل تنويع الاقتصاد الوطني، وتحرير روح المبادرة وتحسين مناخ الأعمال والاستثمار، وقد توّجت هذه الإصلاحات بالمراجعة الشاملة للمنظومة القانونية للاستثمار ضمن مقاربة قوامها الشفافية ومحاربة البيروقراطية والمساواة بين المتعاملين الاقتصاديين، فضلا عن اعتماد نمد جديد في منح وتسيير العقار الموجه للاستثمار.
كما تمّت إعادة النظر في القانون النقدي والمصرفي لمواءمته مع تطورات البيئة المصرفية، وذلك ضمن خطة شاملة لإصلاح القطاع المالي والبنكي، خاصة عبر تنويع مصاد التمويل، وتكثيف الشبكة المصرفية وتحسين الشمول المالي، وترقية حوكمة المؤسسات المالية في الخارج، كما تمّ استحداث عدد من الآليات المؤسساتية لتشجيع الابتكار والمقاولاتية بهدف السماح لحاملي المشاريع بإنشاء مؤسسات منتجة خاصة في مجال المؤسسات الناشئة، ناهيك عن تطوير منظومة دعم المؤسسات المصغرة.
بالموازاة مع ذلك، حظيت سياسة التشغيل بعناية خاصة عبر إطلاق عملية واسعة لتمكين المشاريع الاستثمار العالقة من الدخول حيز الخدمة، ممّا سمح بخلق عشرات الآلاف من مناصب الشغل، فضلا عن استحداث منحة للوافدين الجدد على سوق العمل من أجل ضمان مرافقتهم خلال البحث عن منصب شغل في ظروف تحفظ كرامتهم، وذلك بالموازاة مع رفع وتيرة إدماج المستفيدين من جهاز المساعدة على الإدماج المهني للشباب.
وسمحت مجمل هذه الإجراءات بتحسين أداء المؤشرات الرئيسية للاقتصاد الوطني، وتقليص تبعيته للمحروقات، وفتح فرص كبيرة أمام المتعاملين الاقتصاديين وحاملي المشاريع لتطوير أنشطتهم، والمساهمة في خلق الثروة وتعزيز معدلات التنمية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024