لم يكن اندلاع الثورة التحريرية المجيدة في الفاتح من نوفمبر 1954 وليد لحظة عابرة من الزمن، بل كان نِتاج تراكمات عقود من الظلم والاستبداد التي لم يسلم منها الشعب الجزائري على اختلاف مشاربه وتوجّهاته، تراكمات، أنتجت جيلاً شبابياً مشبعا بالقيم الوطنية والثورية، رافضاً لأسلوب الحياة الذي فرضه عليه المستعمر.
شكّل الشباب الجزائري بِوَعيِه الفَذ وعزيمته القوّية أحد أسباب نجاح الثورة الجزائرية، حيث كان بمثابة وَقود العمل المسلّح الذي أخرج المستعمر صاغراً منهزماً بعد 132 سنة من الاحتلال.
ولا عجب في أن يكون شباب اليوم امتدادٌ لشباب الفاتح من نوفمبر 1954 الذي قدّم تضحيات جسام لتحرير بلادنا من استعمار غاشم، فمثلما خاض بالأمس كفاحاً مسلحاً ضد أعتى قوى استبداد، ها هو اليوم قد هبّ ليقول كلمته الفصل لترسيخ دعائم دولة القانون وضمان تماسك الجمهورية ومؤسساتها، فتحقيق الغايات والأهداف، من استقرار دائم للوطن وخير عميم للمجتمع، لن يتأتى إلا بشباب اليوم الذي أخلص النية وأصدق الإرادة، ووقف معتزاً بثورة نوفمبر المجيدة، فلا عائق يقف أمام الشباب المتشبّع بروح الثورة وهو يُسارع الخطى من أجل بناء الجزائر المنتصرة، مستلهماً من تاريخنا المجيد كل الدروس والعِبر.
قال عضو المجلس الاعلى للشباب عن ولاية تندوف سعيد عزالدين إن الثورة التحريرية تجسّد المرجعية المشرّفة للشباب الجزائري، وبأن الاحتفال بالذكرى السبعين لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954، تعتبر مناسبة عظيمة وفرصة لتذكير الأجيال القادمة بأن هذه الثورة كانت ثورة الحق في وجه الباطل، داعياً الى جعل المناسبة جداراً نحتمي به حضارياً وفكرياً في مقارعتنا لمختلف الأحداث التي تعيشها المنطقة والعالم.
دعا عزالدين شباب اليوم الى الاطلاع والبحث في تاريخ الثورة التحريرية المليء بالبطولات والتضحيات التي قدّمها الشعب الجزائري من أجل استرجاع السيادة الوطنية والعيش في كنف الحرّية والكرامة، وإلى المحافظة على مكتسبات هذه الثورة المجيدة والعمل على صون وحماية الوطن من كل الأخطار المحدقة به.
وكشف عضو المجلس الأعلى للشباب بولاية تندوف عن إطلاق المجلس لمبادرة “إحكيلي” بالتنسيق مع وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، وهي حملة لتدوين شهادات المجاهدين في إطار تخليد الذكرى السبعون لاندلاع الثورة التحريرية.
وقال عزالدين إن الهدف من هذه المبادرة هو تسجيل روايات وشهادات المجاهدين ممن لا زالوا على قيد الحياة من أجل تثمين التضحيات والبطولات التي حقّقها الأجداد، وتحقيق نوع من التواصل بين المجاهدين والشباب في إطار تعزيز الروح الوطنية وتغذية المعارف التاريخية لدى هؤلاء الشباب لاستكمال مسيرة بناء الجزائر الجديدة بسواعد شبابها الواعد والطموح.
وتابع قائلاً إن على الشباب معرفة تاريخ الثورة التحرّرية، وأن ينظر إلى الماضي ويبحث فيه عن بطولات أجداده، وأن الحداثة ليست قطيعة مع الماضي، “فلا يمكن أبداً أن يُبنى مستقبل بدون حاضر ولا حاضر بدون ماضٍ”.
وأشار المتحدّث الى أن شباب اليوم المتشبّع بروح الثورة، مدركٌ بأن نصرة الوطن لا تتحقّق إلا بمضاعفة الجهد والكد والتحلي باليقظة والحيطة في وجه المخطّطات التي تُحاك ضدّه، وبتقديم المزيد من التضحيات في ظل الظروف الإقليمية التي تمر بها منطقتنا، فَوِفقاً لهذه الرؤية المتبصّرة -يضيف- ولهذا النهج العملي السليم، يواصل الشباب الجزائري الاقتداء بمبادئ الثورة التحريرية وبمآثر جيش التحرير الوطني، وسيستمر في شق طريقه نحو اعتناق صهوة الوطنية.
أكّد عزالدين أن روح الثورة التحريرية المباركة لم تخفت من وجدان الشباب الجزائري غير أنها اتخذت شكلاً مختلفاً، حيث شكّل الاقلاع الاقتصادي الذي نظّر له ووضع أسسه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، دافعاً قوّياً لانخراط الشباب في مسيرة بناء الجزائر المنتصرة، خاصّة في ظل الاهتمام البالغ الذي حظي به وتخصيص العديد من البرامج التنموية والتكوينية لفائدة الشباب، الأمر الذي هيأ أرضية خصبة لتشبّثهم بقيم الثورة والوطن، وأعادهم الى واجهة الأحداث الوطنية كمساهمين حقيقيين في المشهد العام في البلاد.
جدّد عزالدين دعوته الشباب الى السير على نهج المجاهدين والشهداء والتحلّي بالإرادة والعزيمة لبناء الجزائر المنتصرة، ومواصلة رسالة من صنعوا الثورة التحريرية التي انتشر صداها في ربوع العالم حتى أصبحت الجزائر تُنعت بـ “مكة الثوّار”، مذكراً بما قامت به الدولة الجزائرية من أجل التكفّل باحتياجات الشباب على غرار تأسيس مجلس أعلى كهيئة دستورية تُعنى بالشباب الجزائري.
وحذّر عضو المجلس الأعلى للشباب من الانصياع وراء أساليب زرع الكراهية للوطن، وفي نفس السياق دعا الشباب الى ضرورة الحفاظ على مكاسب الثورة التحريرية، وفي مقدّمتها الاستقلال والوحدة الوطنية التي لم تأت بسهولة.
المتحدّث وهو يعدّد اسهامات الشباب في الجزائر المنتصرة، وبما حققته الجزائر منذ الاستقلال إلى اليوم من انجازات في كل المجالات، جدّد دعوته الى ضرورة الالتفاف حول مضمون رسالة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون للحفاظ على السلم والاستقرار، والمشاركة بقوّة في النهوض بالوطن والمحافظة على وديعة المجاهدين والشهداء.