لكلّ الشهداء حكاية وقصص كثيرة لم تكتمل، إلا أنّ محاسن الخطيب تحمل ملامح خاصّة لقصّتها، فرسّامات الكاريكاتير في العالم نادرة لأسباب لم تدرس على وجه الدقّة، لكنّ متاعب المهنة وتبعاتها ووعورة مسالكها قد تحمل بعضاً من الإجابة..
قدر غزّة أن تكون استثناءً في كلّ شيء على ما يبدو، فغزّة تحديداً، ولسبب غير معروف أيضاً، فيها مجموعة مميّزة من رسّامات الكاريكاتير، منهنّ أمية جحا وصفاء عودة ومنال الكحلوت، وبالطبع رسّامتنا الشهيدة. الشهيدة محاسن الخطيب فنّانة تشكيلية ورسّامة كاريكاتير شابّة من شمالي قطاع غزّة، وتحديداً من معسكر جباليا الذي يعاني الويلات جرّاء العدوان، فاجأت محاسن متابعيها بمنشور علي فيسبوك تتبرّع فيه بمحتواها التدريبي على الرسم الرقمي كصدقة جارية على روحها في حال ما قتلت في هذه الحرب.
ولعلّ رسمها الأخير قد حمل نبوءة استشهادها أيضاً، ذلك الرسم الذي تداوله النشطاء على نطاق واسع، الرسم وهو لطفل يصدّ بيديه الصغيرتين لهيب النار المشتعلة من حوله جرّاء القصف الوحشي الذي يحاول التهام كلّ شيء وتدمير كلّ حيّ. (مرحبا أنا محاسن من غزّة. بحاول أضلّ على قيد الحياة).. كلمات أبقتها الفنّانة الشابّة الراحلة في مقطع فيديو انتشر بعد رحيلها.
نعى مجتمع رسّامي الكاريكاتير العربي الراحلة على صفحاته عبر رسومات أُهديت لها، أو بإعادة نشر لوحاتها الأخيرة. رحلت الفنّانة الشابّة وتركت إرثاً مفتوحاً للاستفادة على شبكة الإنترنت، وتركت بالطبع علامة على صفحات الكاريكاتير الفلسطيني المقاوم صاحب الإنجازات الفنية الموقّعة بدماء الفنّانين الشهداء.