الجزائـر شجّعت تفعيـل المصالحـة الداخليـة الفلسطينيـة
الدور الجزائـري حيوي في ترسيـخ التضامن العربـي والدولـي مع فلسطــين
أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الأقصى في غزة -دولة فلسطين، الدكتور ناهض أبو حماد، أن الصمود الفلسطيني يُعدّ رمزاً للثّبات والتحدّي في مواجهة الاحتلال على مرّ العقود، وشهادة على قوة الإرادة الفلسطينية في مجابهة الظلم والإبادة، لاسيما منذ بداية حرب الإبادة، باعتبارها مرحلة عصيبة في تاريخ فلسطين.
وقال الدكتور أبو حماد في اتصال مع «الشعب»، إن الأمل في تحقيق الحرية والاستقلال يبقى حاضراً في قلوب الفلسطينيين مع استمرار الكفاح والمقاومة والتضحية، حيث واجه الفلسطينيون العديد من التحدّيات، واستطاعوا الحفاظ على هويتهم وثقافتهم، كما تُعتبر المقاومة الشعبية جزءًا أساسيًا من الصمود الفلسطيني، من خلال الاحتجاجات السلمية، والمظاهرات، والفعاليات الثقافية، التي يعبّر الفلسطينيون بها عن رفضهم للاحتلال ودعواتهم للانعتاق من براثنه.
وتابع ناهض قائلا إن الحفاظ على الهوية الفلسطينية من خلال الثقافة والتراث، يلعب دورًا مهمًا في تعزيز الصمود مثل الفنون والموسيقى والأدب، وكلها تعكس النضال الفلسطيني وتُعزِّز الشعور بالانتماء، بالإضافة إلى تشجيع الجاليات في المهجر على القيام بدور نشط في دعم القضية من خلال تنظيم الفعاليات والمشاركة في الحملات.
تعزيز موقف فلسطين
يُساهم الدّعم الدولي من البلدان والمنظمات غير الحكومية - مثلما أضاف الدكتور ناهض - في تعزيز موقف الفلسطينيين، والتوعية بالقضية الفلسطينية في الساحة الدولية للضغط على الاحتلال، وتعضيد الجهود لإجبار الحكومات على استخدام الدبلوماسية لتحقيق السلام، وحثّ الدول الفاعلة على اتخاذ مواقف مساندة للفلسطينيين في المحافل الأممية.
فضلاً عن ذلك، فإن دعم الحركات الشعبية العالمية التي تتضامن مع القضية الفلسطينية، مثل حركة مقاطعة الكيان الصهيوني (BDS)، والتعاون مع النقابات والجمعيات من خلال بناء تحالفات مع نقابات العمال والفعاليات التي تدعم حقوق الإنسان، والتأسيس لشراكات مع منظمات حقوق الإنسان وعلاقات تعاون معها، مثل «هيومن رايتس ووتش» و»العفو الدولية» بغية تمتين الجهود الرامية إلى دعم حقوق الفلسطينيين، وكل هذا من أجل ترسيخ التعاون ورفع مستوى الوعي بالقضية، وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية، بحسب قوله.
وتتطلب المرحلة القادمة - يبرز أبو حماد - وحدة الصّف الفلسطيني بين الفصائل المختلفة؛ ذلك أن الوحدة تعزز من قوة الفلسطينيين في التفاوض وتساعد في تحقيق الأهداف الوطنية، حيث يواجه الفلسطينيون بالرغم من الصمود، تحديات كثيرة مثل الاستيطان، والتهجير، والقيود الاقتصادية، مما يستدعي استعداد الدولة الفلسطينية لمجابهة كل التحديات بشكل استراتيجي.
تجاوز الانقسامات الداخلية
أوضح الدكتور ناهض أبو حماد أن الأوضاع في قطاع غزة والقدس تظل معقّدة ومتغيّرة، والسيناريوهات المحتملة بعد الحرب تعتمد على العديد من العوامل بما فيها الإرادة السياسية للأطراف المعنية، والدعم الدولي، والقدرة على تجاوز الانقسامات الداخلية.
وأردف محدثنا: «الأمل في تحقيق سلام دائم يستلزم جهدًا مشتركًا من جميع الأطراف لتحقيق حقوق الفلسطينيين وتطلّعاتهم، ومن المتوقع بعد انتهاء الحرب أن تُجرى تسويات سياسية تشمل جميع الأطراف، حيث يُعتبر العمل بتسوية عادلة تستند إلى قرارات الأمم المتحدة والمبادئ الدولية حلاً فعّالًا، مما يمهد الطريق نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة بعد وقف إطلاق النار والتسويات المتوقعة».
وقد تتوصل الأطراف إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لفترة طويلة ضمن هدنة طويلة الأمد، مما يسمح بإعادة الإعمار في غزة وتخفيف الحصار- يقول محدثنا - وسيؤدي ذلك إلى استقرار مؤقت في المنطقة، يُمكِّن الفلسطينيين من تحسين ظروفهم المعيشية واستعادة بعض الخدمات الأساسية الحياتية.
كما أن المصالحة الفلسطينية بإمكانها دفع الحرب، وإذا ما تم تحقيق الوحدة المنشودة سيسمح الأمر بتقوية الموقف الفلسطيني في المحافل الدولية ويُعزِّز من جهود مواجهة الاحتلال، مثلما يتوقّع ناهض.
تواصل تصاعد التوترات
رغم احتمال إعلان هدنة مؤقتة، أشار الدكتور أبو حماد، إلى إمكانية تواصل تصاعد التوترات بسبب عدم حلّ القضايا الأساسية مثل الاستيطان، والقدس الشريف، وحق العودة، وقد تؤدي هذه الاضطرابات إلى جولات جديدة من القتال، مما يزيد من معاناة المدنيين ويعوق جهود إعادة الإعمار.
علاوة على ذلك، فإن استمرار الاحتلال في عمليات توسيع الاستيطان، يمكن أن يدفع نحو مزيد من التوتر في الضفة الغربية والقدس، بحيث ستُفاقم هذه السياسات من الأوضاع الإنسانية وتزيد من مشاعر الإحباط بين الفلسطينيين.
ولفت المتحدث ذاته، إلى ضرورة تدخل قوى دولية مثل الأمم المتحدة أو الدول الكبرى، بغرض تسهيل الحوار وفرض التسويات، حتى يؤدي التدخل الدولي دوره في تحقيق تقدم في المفاوضات، ورغم ذلك قد يواجهه مقاومة من بعض الأطراف.
ويظلّ صمود الفلسطينيين في وجه الاحتلال - بحسب ناهض - أساسًا لبناء مستقبل مشرق، وباستمرار النضال والجهود الدولية، يستطيع الفلسطينيون أن يُحققوا طموحاتهم في إقامة دولة مستقلة تعكس تطلعاتهم وحقوقهم.
دعم جزائري متواصل
وفي هذا الصدد، اعتبر الدكتور أبو حماد، الجزائر واحدة من أبرز الدول المساندة للقضية الفلسطينية، وقال إنها دعمت المقاومة الفلسطينية عبر التاريخ، وقدمت السند في مجالات عديدة، ما يعكس التزامها بالقضية.
وأفاد الباحث الفلسطيني، أن الجزائر لعبت دورًا محوريًا في مؤازرة القضية الفلسطينية، عبر الدعم السياسي والدبلوماسي من خلال الاعتراف بفلسطين، حيث كانت من أوائل الدول التي اعترفت بدولة فلسطين عام 1988م، وواظبت على مناصرة حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم عبر التأييد في المحافل الدولية، وبسعيها الدؤوب في دعم القضية وإنهاء الاحتلال الصهيوني في منابر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.
واستطرد يقول: «شجّعت الجزائر على تفعيل المصالحة الداخلية الفلسطينية، ودعت إلى توحيد صف الحركات والفصائل المختلفة، وتسهيل الحوار فيما بينها، بغية تعزيز الجهود نحو تحقيق الأهداف الوطنية، مع استضافتها مؤتمرات للمّ الشمل وحرصها على إيجاد أرضية مشتركة بين المكوّن الفلسطيني».
وفي السياق، تبقى الجزائر منارة لدعم القضية الفلسطينية، بسندها الدبلوماسي والشعبي لتعزيز حقوق الفلسطينيين، كما يظل الدور الجزائري في ظلّ استمرار الصراع، حيوياً في ترسيخ التضامن العربي والدولي مع الشعب الفلسطيني، مما يترجم فعلا التزام الجزائر الثابت بقضية التحرر الوطني، يختم أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الأقصى في غزة الدكتور ناهض أبو حماد.