أكّد الأستاذ في الاقتصاد بجامعة ورقلة، سليمان ناصر، أنّ تجارة المقايضة الحدودية لا تستهلك دولارا واحدا من احتياطي الصرف، وطالب بإعادة النظر في النص القانوني المتعلق بها، والذي حدّد العملية التجارية في أربع ولايات بأقصى الجنوب، وتوسيعها إلى ولايات جنوبية حدودية مستحدثة مؤخرا في إطار التقسيم الإداري الجديد، داعيا إلى تسويق سلع المقايضة إلى ولايات أخرى في الشمال، أو حتى في عمق ولايات الجنوب.
الشعب ويكاند: أجازت الجزائر، منذ سنة 2020، انتهاج تجارة المقايضة الحدودية “سلع مقابل سلع”، بشروط معيّنة، ما الفائدة المرجوّة منها؟ وما هي إيجابياتها على اقتصاد البلاد؟
الأستناذ ناصر سليمان: المقايضة الحدودية مع دول الجوار مثل مالي والنيجر تحمل عدة ايجابيات، أولها أنها لا تستهلك ولا دولارا واحدا من احتياطي الصرف، في وقت تعاني الخزينة من عجز. أمر آخر نسجله هو أنّ العملية التجارية تمكّننا من جلب خضر وفواكه ومنتجات إستوائية للجزائر مثل الأناناس، فعوض جلبه من دول مثل ماليزيا مثلا، فإننا نجلبه من مالي أو النيجر.
هذه من بين أهم ايجابيات المقايضة، لكن هناك نقطة سلبية، هو أن النص القانوني المتعلق بالمقايضة يحصر هذه التجارة في أربع ولايات فقط، وهي إليزي، تمنراست، أدرار وتندوف، وهو أمر حدث قبل التقسيم الإداراي الجديد الذي ارتفع بموجبه عدد ولايات الوطن إلى 58 ولاية، بإضافة عشر ولايات جنوبية.
لذلكأضحى لدينا ولايات حدودية جديدة في الجنوب الكبير مثل برج باجي مختار، عين قزام، وجانت، والتي تربطها حدود مع الدول المجاورة، حيث نتساءل اليوم هل يجب إعادة النظر في القرار الوزاري المشترك بين وزارة التجارة ووزارة المالية، الذي حدّد شروط وكيفيات ممارسة تجارة المقايضة الحدودية وقائمة البضائع موضوع التبادل، بإضافة تلك الولايات الجديدة الحدودية أم نبقي على نفس الولايات سالفة الذكر؟
أمر آخر جاء به النص القانوني، حيث تستهدف المقايضة تسهيل تموين السكان المقيمين في ولايات الولايات الأربع المذكورة اعلاه دون سواهم، من الولايات الأخرى، إذ لا يمكن تسويق السلع التي نجلبها من المقايضة الى ولايات أخرى في الشمال، أو حتى في عمق ولايات الجنوب مثل غرداية أو ورقلة.
لذلك أرى أنّه تضييق على التجارة الداخلية، على غرار ما يحدث لسعر فاكهة الأناناس، التي تباع بعاصمة البلاد بحوالي 1200 دينار، بينما لا يتعدّى سعرها 150 دينار فقط بولايات المقايضة مثل تمنراست.
وهنا نطرح السّؤال لماذا لا نترك التجارة تأخذ مجراها الطبيعي؟ ويتم تسويق المنتجات إلى مختلف مناطق الوطن، وبذلك تسهم العملية في تشغيل البطالين، واستفادة الجزائريين من الفواكه الإستوائية، وجلب المنتجات من منطقة قريبة، عوض استيرادها لتعمّ بذلك فوائد المقايضة على الجميع.
- فاكهة الأناناس التي تصل العاصمة، هل هي نتاج تجارة المقايضة الحدودية؟
لا أعتقد ذلك، فحسب معرفتني فإنّ الفاكهة التي ذكرتها والتي تباع بالعاصمة تُجلب من دول آسيوية، لأنه ومع القوانين الجديدة خاصة قانون محاربة المضاربة، وما انجرّ عنه من تشديد الخناق على التجار، وبروز مخاوف جراء الأمر، تجعلهم يتجنبون خرق القانون بجلب سلع ومنتجات المقايضة التي حدّدت بأربع ولايات فقط، لذلك لا أعتقد أنّ أحدا سيغامر، ضف إلى ذلك شساعة مساحة الجزائر، فالمسافة بين العاصمة وتمنراست تقدّر بـ 2000 كيلومتر.
- نستطيع القول إذا، أنّ المقايضة هي مجرّد أداة لتلبية احتياجات المناطق الحدودية فقط؟
هنا نطرح العديد من الإنشغالات، هل هي فرصة لتشغيل الشباب أم لتلبية الاحتياجات، أم فرصة لتلبية احتياجات السوق لشساعة مساحة الجزائر؟ ومهما كانت المبرّرات فالنتيجة جيدة، وأنا متمسّك باقتراحي إذ لابد من تعديل النص القانوني، الذي يحصر المقايضة في أربع ولايات من الوطن.
- ماذا عن أهم المواد والسّلع التي تتم فيها هذه العملية التّجارية؟
ما أعرفه من خلال متابعتي البسيطة للملف، فإنّ المقايضة تقتصر على المنتجات الفلاحية، مثل الخضر والفواكه، وعلى الحيوانات مثل الأغنام، لذلك أقترح توسيع قائمة المنتجات وجلب سلع إفريقية مفقودة في الوطن، ولا تتسبّب بخطورة على اقتصاد البلاد، ولا تكلّف كثيرا أو تؤثّر سلبا على المنتوج الوطني حتى نترك المجال واسعا أمام الشباب للعمل والاسترزاق.