رهان على صلاحيات المنتخب المحلي

العمليـة الانتخابيـة في مرحلتهـا ما قبـل الأخـيرة

أدركت العملية الانتخابية الخاصة بالمحليات مرحلتها ما قبل الأخيرة، باختتام حملتها الانتخابية التي وصفت في المستهل بـ»المحتشمة»، اتفق خلالها المترشحون على ضرورة توسيع صلاحيات المجالس الشعبية البلدية والولائية.
كانت الحملة الانتخابية قد انطلقت بوتيرة «بطيئة»، كما اتسمت بغياب الحركية عن شقها الاشهاري. فعلى الرغم من نصب الدعائم والمساحات المخصصة لإلصاق القوائم الانتخابية على مستوى البلديات، بقيت العديد منها فارغة أو تكاد، وهو ما نقلته مختلف عناوين الصحافة الوطنية.
وفسرت الأحزاب السياسية المشاركة في هذا الحدث الانتخابي ذلك بـ «تأخر» السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات عن اعتماد بعض القوائم وتواصل عملية استخلاف الأسماء التي أسقطت.
ولذات السبب، فضلت بعض الأحزاب إرجاء مباشرة حملاتها الانتخابية، على غرار «جيل جديد» الذي انتظر عدة أيام لتدشينها فعليا.
غير أن السلطة فندت هذه التصريحات، بتشديد رئيسها محمد شرفي على أن هيئته «تحترم القانون وتطبقه بصفتها مؤسسة دستورية»، مشيرا إلى أن تنسيقياتها «لا يمكنها أن تعمل خارج القانون». ولفت شرفي إلى أن «بعض القوائم رفضت تعيين مستخلفين للأسماء التي رفضت ملفات ترشحها»، موضحا أن «‘بعض القوائم سجلت تقديم طعن شخص واحد تم رفض ملفه» وأن مجلس الدولة «فصل في الأمر ويحق (للمعني) استرجاع مكانه، وهو ما جرى فعلا»، مثلما جاء على لسانه.
كما كان لسوء الأحوال الجوية الذي تواصل لعدة أيام من الحملة، أثره على الخرجات الميدانية والنشاطات الجوارية المبرمجة في أجندة مسؤولي وممثلي الأحزاب السياسية.
وفضلا عما سبق ذكره، أفرز تحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى حلبة جديدة للتنافس الانتخابي، تراجعا نسبيا عن عقد التجمعات الشعبية على غرار ما كان معمولا به، فيما مضى، لاستمالة الناخب وحمله على الإدلاء بصوته لصالح مترشح على حساب آخر.
ويقدّم المحللون سببا آخر لفتور الحملة الانتخابية الخاصة بالمحليات التي يرون أنها، في نظر الناخبين، ليست على نفس القدر من الأهمية مقارنة بالتشريعيات أو الرئاسيات.
إلا أنه ومع تقدم الحملة الانتخابية، أخذت هذه الأخيرة في الانتعاش رويدا رويدا، مع دنو يومها الأخير الذي مثل الذروة، مثلما هو متعارف عليه في كافة المواعيد الانتخابية، بانتهاز المترشحين له للرمي بكل ثقلهم لإقناع الناخبين بأهمية التصويت والتنبيه إلى الإسقاطات غير الحميدة لاختيار العزوف، مستندين في ذلك إلى أن الامتناع سابقا عن أداء هذا الواجب لم يحل المشاكل التي تخبطت فيها البلاد لسنوات.          
وفي تقييم أولي لمجريات هذه الحملة، أكد شرفي أنه كان «إيجابيا»، حيث لم تتعد الخروقات التي عاينتها السلطة «تجاوزات بسيطة، لا صلة لها بالقواعد الانتخابية»، تم «تداركها» بعد ذلك من خلال «توجيه ملاحظات لمسؤولي القوائم الانتخابية».
وتندرج أغلب هذه التجاوزات في خانة عدم احترام البرتوكول الصحي الخاص بمكافحة فيروس كوفيد-19 وطريقة التعامل مع ممثلي وسائل الإعلام أثناء أداء مهامهم في تغطية التجمعات والنشاطات المبرمجة ضمن الحملة الانتخابية.
كما ثمن رئيس السلطة التنسيق الذي جمع هيئته بالمجتمع المدني ومؤسسات الدولة، ما «ينبئ بنجاح الانتخابات المقبلة»، بحسب توقعاته. كانت مسألة توسيع صلاحيات المنتخبين المحليين النقطة التي التقت عندها كافة الأحزاب السياسية المشاركة في انتخابات 27 نوفمبر، بتوجيه خطاباتها الانتخابية نحو ضرورة مراجعة قانوني البلدية والولاية لمنح ممثلي الشعب، على المستوى المحلي، مساحة أكبر للتحرك تتيح لهم اتخاذ القرارات.
وفي هذا المنحى، رافع مسؤولو وممثلو هذه الأحزاب لصالح نمط جديد من التسيير المحلي، يكون فيه المنتخب المتصرف الحقيقي وصاحب القرار الفعلي، بعيدا عن أي ضغط.
ولا تتأتى هذه الغاية، في رأي هؤلاء، إلا بانتقاء الأفضل والأكفأ من بين المترشحين، في خطوة أولى في مسار بناء بلديات تكون بمثابة قاطرات للتنمية.
كما لفتوا أيضا إلى أن هذه الاستحقاقات تعد أحد أسس إرساء دعائم الديمقراطية التشاركية وتحقيق نظام اللامركزية، مع تشديدهم على أن بناء الجزائر الجديدة، بكافة أبعادها، يمر حتما عبر تعزيز القاعدة المحلية.
وفي مسعاهم لجلب انتباه الناخبين، أكد منشطو الحملة الانتخابية على أن المحليات هي الإطار الأمثل لإحداث التغيير الذي يطمح إليه الجميع.
وكانت الحملة الانتخابية الخاصة بانتخاب أعضاء المجالس الشعبية البلدية والولائية قد انطلقت في الرابع من الشهر الجاري لتمتد على مدار ثلاثة أسابيع، وفقا لقانون النظام الانتخابي الذي يشير في مادته الـ 73 إلى أنها «تكون مفتوحة قبل 23  يوما من تاريخ الاقتراع وتنتهي قبل 3 أيام من تاريخ إجرائه».
وسارت هذه الحملة وفق ضوابط قانونية، من بينها منع المشاركين فيها من تبني خطابات الكراهية وكافة أشكال التمييز، مع ضمان استفادة كافة المترشحين من حيز زمني منصف في وسائل الإعلام السمعية-البصرية المرخص لها بالممارسة، الأمر الذي تسهر عليه السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
كما جرت في ظل برتوكول صحي وقائي يستمر إلى غاية آخر يوم من العملية الانتخابية، الغاية منه جعل الناخب والمنتخب في منأى عن فيروس كوفيد-19.
وشكّلت هذه المسألة «أولوية» بالنسبة للسلطة، حيث أكد رئيسها، محمد شرفي، أنه تم فرض «شروط صارمة» لتنظيم هذه الانتخابات، بهدف «تدارك الأخطاء المسجلة خلال المواعيد الانتخابية السابقة».
للإشارة، ينتخب أعضاء المجالس الشعبية البلدية والولائية لعهدة مدتها 5 سنوات بطريقة الاقتراع النسبي على القائمة المفتوحة وبتصويت تفضيلي دون مزج، علما أن الهيئة الناخبة قدرت بـ 23.717.479 ناخب.
وتحسبا لهذه الانتخابات، كان قد تم سحب «1.158 ملف ترشح للمجالس الشعبية الولائية، منها 877 ملف لفائدة 48 حزبا معتمدا و281 ملف لفائدة قوائم مستقلة».
كما تم إحصاء «22.325 ملف ترشح» للمجلس الشعبية البلدية، في حين سجل «إيداع 1.100.634 ملفا للمجالس الولائية، حازت 66 بالمائة منها على القبول»، وفقا لأرقام كانت قد قدمتها السلطة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19547

العدد 19547

الأحد 18 أوث 2024
العدد 19546

العدد 19546

السبت 17 أوث 2024
العدد 19545

العدد 19545

الخميس 15 أوث 2024
العدد 19544

العدد 19544

الأربعاء 14 أوث 2024