حديث لـ «الشعب»، أن مناسبة إحياء الذكرى الـ 67 لثورة أول نوفمبر المجيدة تحمل هذه السنة خصوصية ومنعرجا في طريق إعادة بناء الذاكرة الوطنية بما تنسجم بعظمة الحدث، ومواكبة المحطة مع التعنت الفرنسي ومحاولة التنكر لحجم التضحيات التي قدّمها الشعب الجزائري، خاصة وأن هذا التاريخ يعتبر من التواريخ المهمة المؤسّسة للأمّة الجزائرية.
وصف الباحث وأستاذ التاريخ بالمدرسة العليا للأساتذة حسين عبد الستار، العلاقات الجزائرية الفرنسية هذه الأيام «بغير العادية» بسبب التصريحات المثيرة للمسؤولين الفرنسيين، وبالتالي لا بد أن تكون احتفالية هذه السنة بذكرى اندلاع ثورة التحرير المجيدة غير عادية، أيضا من حيث درجة التجند لاستذكار عظمة الحدث، والعمل على صون الذاكرة الوطنية وترسيخها لدى الاجيال بما يحفظ الشخصية الوطنية وهويتها.
وأضاف الباحث «لا بد للجزائريين الانخراط في مجال صون الذاكرة الوطنية، كما أن الوقت مناسب للمراجعات الكبرى، والعمل على إيجاد استراتيجية واضحة للاهتمام أكثر بمجال التاريخ الوطني من حيث الدراسة وإعادة كتابته برؤية جديدة، وخطاب متجدد للمساهمة في إعادة بناء هذه الذاكرة الجماعية، وتحقيق المناعة المجتمعية للدفاع عن كل هذه المكاسب المحققة، ومواجهة التهديدات التي تطال تاريخ الأمة».
وفي سؤل عن آليات تحقيق هذا الإجماع وعودة الاهتمام بالتاريخ الوطني وذاكرة الأجيال المهددة، قال الباحث «إنّ التهديدات والتحديات مشتركة تمس جميع الفاعلين في المجتمع، وعليه فإن مسؤولية صون الذاكرة الوطنية وإعادة كتابة التاريخ والاهتمام به ونقله إلى الأجيال هي مسؤولية الجميع، تبدأ من وجود إرادة سياسية وصولا إلى النخب، المجتمع المدني، والإعلام أيضا الذي يحمل قيمة مضافة وبإمكانه المساهمة بقوة في بناء الوعي الوطني بما يضمن هذا البعد التاريخي والاستراتيجي».
كما دعا المتخصّص في الدراسات التاريخية «إلى ضرورة الاهتمام بالمنظومة التربوية عن طريق إعادة برمجة عصبية جديدة وايجابية لجيل الشباب من أجل الاهتمام أكثر بالذاكرة، وغرس ثقافة الاعتراف والاعتزاز بالرموز الوطنية»، مع «أهمية تحديد ورقة طريق واضحة تساهم في بناء شخصية وطنية تكون بمثابة وثيقة إجماع بين المواطنين لأنّنا بحاجة اليوم إلى تحصين الجبهة الداخلية، ودفع الشباب للانخراط في بناء مشروع مجتمعي نهضوي متكامل حتى لا نبقى حبيسي وثيقة أول نوفمبر».
قانون تجريم الاستعمار بحاجة إلى مساحة نقاش
في تعليقه على مشروع قانون تجريم الاستعمار، وعودته بقوة إلى الساحة هذه الأيام على إثر الإساءات الفرنسية المتكرّرة للجزائر وتاريخها، أكّد حسين عبد الستار «أنّ قانون تجريم الاستعمار لا بد أن يجد له مساحة واسعة من النقاش والتعبير في القوانين الجزائرية، وبين الفاعلين من مؤرخين ومختصين في الشأن التاريخي»، وأضاف بالقول «نحن بحاجة الى هذا القانون من أجل تصحيح التاريخ ودفع الجانب الفرنسي للاعتراف بجرائمها في حق الشعب الجزائري، وبالتالي الدفع نحو بناء علاقات جزائرية فرنسية مطبوعة بالمصالح المشتركة، والندية في التعامل ومعالجة مختلف الملفات، لأنها فرنسا لا تزال عندها عقدة ونظرة استعلاء، رغم أنّ الثورة التحريرية وعكس كل الثورات في العالم قد ساهمت في تطهير فرنسا من كبرياءها بما كان لديها من قوة تأثير في النخب الفرنسية واستدراجها لصالحها بما يخدم قضية الشعب الجزائري المطالب بالاستقلال واسترجاع حريته المنشودة، على حد تعبيره.