كشف البروفيسور وأستاذ الإعلام بجامعة تيزي وزو، شفيق ايكوفان، في تصوّره لواقع وتحديات قطاع الإعلام بصفة عامة في زمن التطور التكنولوجي وجدلية الصراع أو التكامل ما بين التقليدي والرقمي الالكتروني، “أنّ تاريخ تطور وسائل الإعلام والاتصال عبر التاريخ ومنذ ظهور الصحافة المكتوبة، إلى الإذاعة والتلفزيون وصولا الى شبكة الانترنت والإعلام الجديد لم يثبت أن استطاعت وسيلة إلغاء أخرى، لأن لكل وسيلة إعلامية خصوصية وجمهور خاص من المتابعين”.
دافع أستاذ الإعلام بقوة عن مفهوم “التكامل” داخل الحقل الإعلامي بكل روافده وقنواته السمعية البصرية والمكتوبة، الذي يخضع لعملية تحول كبيرة بفضل الثورة التكنولوجية الرقمية، التي بدأت تكتسح كل مناحي الحياة والأنشطة الاقتصادية والصناعية بفضل التطور المتسارع لوسائل الاتصال والوسائط الرقمية المتعددة. واعترف الباحث بحجم التحديات التي تواجهها وسائل الإعلام التقليدية، في ظل المنافسة الشرسة مع ظاهرة إعلام المواطن التي تتطلب استراتيجية متكاملة من قبل القائمين على القطاع لربح معركة التحول والانتقال التدريجي بثبات، واكتساب التقنية الجديدة دون التخلي على المكاسب المحققة وتقاليد الممارسة الإعلامية التي لا يزال جمهور واسع متعلق بها.
في سؤال حول تصوّره لطبيعة الصّراع الخفي بين وسائل الإعلام التقليدية والجديدة حول مسألة كسب الرهان، وهل هي ظاهرة صحية أملتها التطورات التكنولوجية السريعة، أكّد أستاذ الإعلام بجامعة تيزي وزو، “أنّ التّعدد في وسائل الإعلام وتنوّع الممارسة هو أمر طبيعي وقيمة مضافة لجمهور وسائل الإعلام، الذي يجد نفسه أمام تنوع إعلامي وثراء في المعلومات وتنوعها بتعدد المصادر والقنوات. بالمقابل يبقى هذا التنوع والتعدد بابا للمنافسة لترقية المحتوى ومضامين وسائل الإعلام بما يخدم الجمهور ورغباته، التي تملك قدرا كبيرا في تحديد توجهات الوسيلة الإعلامية الخاضعة لهذه الرغبة من حيث نوعية المحتوى، وعليه فإنّ مستقبل الصحافة بصفة عامة يتجه نحو التنوع وليس الإقصاء.
كما طالب أستاذ الإعلام بجامعة تيزي وزو، وسائل الإعلام التقليدية وخاصة منها الصحافة المكتوبة في الجزائر بـ “ضرورة مواكبة هذه الثورة المعلوماتية والتكنولوجية وعدم البقاء على الهامش، وأهمية التوفيق والتكامل بين النوعين”، مضيفا “أن مسألة التوفيق هو الطرح الأنسب لهذه المعادلة لأن حتى التجربة الغربية في مجال الصحافة الورقية أثبتت مكانة هذه الأخيرة، وأن جمهورها ثابت ولا يمكن إقصاؤه من خلال التنكر للصحافة الورقية، ما يعني واجب الوصول إلى مرحلة استثمار التقنية في الإعلام من خلالها توظيفها لتقديم الإضافة لوسائل الإعلام التقليدية”.
في تعليقه عن تهمة التراجع والأفول التدريجي للصحافة الورقية وتراجع دورها من حيث درجة التأثير على الجمهور المتلقي انطلاقا من التجربة الجزائرية، ردّ الباحث بقوله “ليس هناك إحصائيات دقيقة تثبت الادّعاء أنّ الصحافة الورقية تراجعت من حيث الانتشار والتأثير على الرغم من التوجه الكبير نحو الصحافة الالكترونية، لكن ما زالت الورقية تضمن مكانتها في الساحة الإعلامية الوطنية وحتى الأجنبية، وهي نفس التجربة التي خاضتها سابقا رفوف المكتبات، فبالرغم من وجود كتب الكترونية وانتشار المكتبات الافتراضية، إلا أن المكتبات الورقية لا زالت تحافظ على مكانتها وخصوصيتها لدى شريحة واسعة من القراء، وهناك تجارب عدة لصحف عالمية كبرى استطاعت التوفيق ما بين النسخة الالكترونية والورقية من خلال التزاوج، باعتماد الموقع الالكتروني أو النسخة الالكترونية كأداة ووسيلة للترويج للمؤسسة الإعلامية وعناوين أولى للتفاصيل اللاحقة في الورقية”.
وخلص الباحث المتخصّص في المجال الإعلامي، إلى أنّ التحديات التي تواجه الإعلام الالكتروني كأزمة المصداقية من حيث المصادر وضعف التحكم في أخلاقيات الممارسة داخل هذا الفضاء الإعلامي الواسع، قد يؤثّر سلبا على تطور المؤسسة الإعلامية وانتقالها مستقبلا وعدم قدرة الكثير من الدول التحكم في مسار هذا التطور السريع، ما يستلزم تبنّي استراتيجية متكاملة من حيث الاهتمام أكثر بالتكوين لفائدة الصحافيين وتحيين التشريعات الإعلامية للتحكم أكثر في القطاع.