شهد قطاع التكوين المهني والتمهين بباتنة تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة عكسه العدد الكبير للمقبلين على مراكز التكوين، وكذا التخصصات الكثيرة التي يتم فتحها كل دخول مهني جديد، في انتظار فتح مراكز تكوين للمرأة الماكثة بالبيت والمرأة الريفية بما يتماشى وخصوصية المنطقة، بحسب ما أفاد به رئيس جمعية شباب أصدقاء بلدية باتنة سمير بوراس.
ألّح بوراس في تصريح لـ «الشعب» على أهمية منح المزيد من الفرص للمرأة الريفية والماكثة بالبيت بصفة عامة وبمناطق الظل بصفة خاصة لخلق قوّة منتجة بالمجتمع من خلال مرافقة هذه الفئة المهمة وإدماجها في عالم الشغل وتحقيق ذاتها عبر إطلاق تكوينات نوعية تطالب بها هذه الفئة في مختلف المجالات خاصة مهن الخياطة والحلاقة والخزف والحلي التي تعتبر من أنجح التخصصات بولاية باتنة مكنت العنصر النسوي من استحداث بدائل ثروة جديدة وإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة ساعدت على تحقيق الاكتفاء الذاتي المحلي في عدة مجالات كالفلاحة والصناعة التحويلية والصناعات التقليدية وغيرها بحسب بوراس الذي أكد عدة تجارب ونماذج ناجحة للمنخرطين في جمعيته.
حرص على تكوين المرأة الريفية
ولعل ما ساهم في إقبال الشباب بباتنة على التكوين المهني والتمهين بحسب بوراس هو إنشاء وزارة منتدبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لدى الوزير الأول مهمتها مرافقة مثل هذه المبادرات والأفكار في ولوج عالم الشغل عبر مختلف صيغ الشغل الموجودة.
ساهمت هذه الوزارة المنتدبة، يضيف بوراس، بقوة في منح فرص لإنشاء مؤسسات شبابية لخريجي مراكز التكوين المهني وكذا إنشاء دور المرافقة وإشراك جمعيات المجتمع المدني للاستشارة والإثراء، مثمنا دور الرئيس تبون في إعطاء هذه الوزارة الدور الذي تستحق لتكون قاطرة للمؤسسات الناشئة التي أصبحت عصب الاقتصاد في كل دول العالم.
أوضح بوراس وهو ناشط جمعوي له تجارب كثيرة في مجال مرافقة الشباب في سوق العمل عبر جمعيته «شباب أصدقاء بلدية باتنة» أن مسؤولي قطاع التكوين المهني أصبحوا على دراية بالتكوينات، وفق الحاجيات المعبر عنها من طرف المستعملين وسوق الشغل، وهو ما يحرص في جمعيته على القيام به من خلال إرساء شراكة حقيقية بين مختلف المؤسسات ذات الصلة على غرار عقد اتفاقية مهمة بين الجمعية وقطاعات البيئة، الثقافة، وغرفة الصناعة التقليدية و الحرف بباتنة من أجل تكوين الشباب وكذا دفعهم نحو التسجيل في مراكز التكوين على أمل أن تفتح الجمعية مدرسة للتكوين بناء على هذه الاتفاقية كمشروع طموح.
باعتبار أن التكوين المهني قطاع هام واستراتيجي و يدخل ضمن اهتمامات الشباب وخاصة الفئة العمرية بين 15 و 30 لأنه في الأساس يهدف للحصول على بعض المهارات والكفاءات أو ترسيخ مكتسبات مدرسية ومهنية غايته تحسين القابلية للتشغيل وأداة لتأهيل كفاءات الأفراد، وهذا ما سعينا إليه من خلال مختلف نشاطاتنا في هذا الصدد لعل أهمها صالون للتشغيل والتكوين بالتنسيق مع معهد الوقاية والأمن الصناعي بمشاركة متعاملين وقطاع التشغيل وحرفيين.
اعتبر محدثنا بصفته ممثل للمنظمة الجزائرية للبيئة و المواطنة بالمكتب الولائي باتنة، أن نظام التكوين المهني والتهمين بالمنطقة يخضع لخصوصيتها وامكانياتها الطبيعية والإنتاجية بحيث يرتبط بعملية انتقاء دقيق للمهن تماشيا وفرص الشغل المتاحة معرّجا على تجربة الجمعية بالشراكة والتنسيق مع مديرية الصيد البحري الجهوية سطيف ممثلة في مديرها توفيق بوتوشنت، عقب إبرام اتفاقية من أجل التكوين في مهن تربية المائيات نظرا لتوفر باتنة على إمكانيات خاصة فيما تعلق بسد كدية لمدور بتيمقاد وأيضا طبيعة المنطقة الفلاحية وارتباطها الوثيق ببناء أحواض مائية لتسهيل العملية، مثمنا تجاوب مختلف مدراء القطاعات بالولاية مع مبادرات الجمعية على رأسهم مدير التكوين المهني باتنة.
دعوة لخيار المقاولاتية
كما أوضح بوراس حرص «أصدقاء بلدية باتنة» على دعم استراتيجية الدولة الجديدة في قطاع التكوين المهني والتمهين القائمة على تقريب خدمات القطاع من بعض فئات الشباب المحرومة في المناطق النائية أو الريفي، ناهيك عن تكييف عروض التكوين مع النمو الاقتصادي والاجتماعي.
وبخصوص إقبال خريجي الجامعات على مراكز التكوين المهني فأشار بوراس لـ «الشعب»، إلى أن التكوين المهني هو ضمان لتأهيل مهني مباشر لكل شاب فهو بالضرورة يمنحه فرصة مباشرة للحصول على منصب عمل بسهولة في القطاع الاقتصادي الصناعي في ظل إقبال منقطع النظير للمستثمرين على خلق مصانع أو وظيفة مستقلة أو تحسين كفاءاته المهنية أثناء فترة التشغيل، مما جعل العديد من متخرجي الجامعات يتوجهون نحو التكوين المهني كخيار بديل في ظل شح المناصب المرتبطة بتكوينهم الأكاديمي والذي يكون في الغالب بعيدا كل البعد على ما توفره مدنهم من فرص للعمل فلو اعتبرنا مثلا باتنة كعاصمة للذهب والانتشار الهائل للورشات الخاصة بصناعته، فإنه يسجل نقص حاد في تحيين تكوينات أكاديمية تساهم في تطوير هذه الصناعة والتي بالمقابل نجدها متوفرة بكثرة في قطاع الصناعات التقليدية والحرف مثلا.
ترتكز الجهود، بحسب ما وقفنا، عليه خلال عدة نشاطات نظمتها الجمعية على دعوة الشباب المتكونين للتوجه بقوة نحو خيار المقاولاتية وإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة بالتنسيق مع مختلف أجهزة دعم التشغيل الموجودة لاستحداث مؤسسات من شأنها صناعة الثروة ومناصب عمل خاصة تلك التي تتناسب مع خصوصيات المنطقة وتتماشى مع متطلبات سوق العمل بالنسبة لشباب الولاية.