توزيع «المنحة» في العطلة لتخفيف أعباء التّمدرس
يرى فاعلون في قطاع التربية، أنّ تكاليف الدخول المدرسي عصفت بمجانية التعليم في بلادنا، وهذا بالنظر لكثافة البرنامج الذي انعكس سلبا على حجم الأدوات المدرسية المطلوبة سنويا، والتي استنزفت جيوب الأولياء، خاصة أمام الارتفاع الكبير الذي تجاوز 10 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية.
تحوّل الدخول المدرسي إلى هاجس حقيقي لدى الأولياء بسبب غلاء الأدوات المدرسية الناتج عن كثافة البرنامج، ما يستدعي حجم كبير من الأدوات المدرسية في جميع الأطوار، خاصة المتوسط والثانوي، ليدفع الأولياء فاتورة منهاج مكثف وأدوات مدرسية تفوق قدرة الأولياء ذوي الدخل المتوسط والمحدود.
مراجعة المنهاج حل
أكّد أمين العام لتنسيقية التعليم الابتدائي تلمساني بلال في تصريح لـ «الشعب»، أنّ التنسيقية نقلت الواقع الصعب الذي يعيشه التلميذ والأستاذ والولي من خلال تراكم المشاكل التي انعكست سلبا على سيرورة الحياة المدرسية، وهذا بسبب الحشو الكبير في البرنامج، ما خلق عجزا في تطبيق البرامج التي طالبنا بتقليصها قبل أزمة «كورونا».
وقال المتحدث، إنّ الدخول المدرسي المكلف ينعكس سلبا على جميع الأطراف الفاعلة في العملية التعليمية، فالولي يعاني والأستاذ محرج بسبب الطلب والتلميذ يجد نفسه ضعيف أمام عدم قدرة الأولياء على توفير متطلباته الضرورية، وهنا نجد أنفسنا أمام مطلب تخفيف البرنامج، الذي يعني بالضرورة تخفيف الكتب المدرسية والأدوات التي زادت تكلفتها بـ 10 بالمائة.
ولمس الأمين العام استجابة الوزارة ضمنيا لمطالبهم من خلال اجتهادها في تقليص الحجم الساعي، ولكن الملاحظ أن محفظة التلميذ لم تأخذ الحيز اللازم لتخفيفها، خاصة مع غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية، ما جعل الأولياء يساندون طرح التنسيقية الصادر سنة 2019، هذا إلى جانب تصريحات علماء النفس الذين أرجعوا سبب ارتفاع نسبة التسرب المدرسي والآفات الاجتماعية في المدارس، إلى الضغوطات التي لم يتأقلم معها التلميذ والمتمثلة في كثافة البرنامج، ثقل المحفظة والحشو الكبير في الدروس، ما يجعل الوزارة أمام حتمية إشراك الأستاذ مباشرة في حل مشاكل القطاع.
وأكّد المتحدّث، أنّ الجزائر من بين البلدان التي تمتاز بمجانية التعليم، وهذا مشجّع من اجل مواصلة الدراسة، غير أنّ التعقيدات التي شهدتها العملية التعليمية والمدرسة على وجه الخصوص جعلت التعليم مكلّف جدا، ما جعلنا نطالب ـ استطرد ـ كتنسيقية بتحسين ظروف تمدرس للتلاميذ والأساتذة، وهذا من خلال إيفاء الوزارة بالالتزامات التي افتكتها التنسيقية بختمها سنة 2019، وعلى رأسها المرسوم الرئاسي 266/14 ورفع القدرة الشرائية، حيث لم تمس الزيادات في القطاع منذ 2008 رغم ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.
وبخصوص موضوع دمج الكتب في كتاب واحد، فقد اعتمدت عديد الدول المتقدمة هذا الطرح، ما سهل على التلميذ التأقلم في الربط بين الدروس ومحاور والمواد، ومن الناحية الاقتصادية هو وسيلة لتقليص الكتب وتخفيف ثقل المحفظة المدرسية، الأمر الذي فرض على الأولياء مرافقة التلاميذ من وإلى المدارس، ما عرقل الحياة اليومية للكثير من الأولياء.
وعليه، ناشد الأمين العام لتنسيقية التعليم الابتدائي، بلال تلمساني، الوزارة الوصية إيجاد حلول قريبة الأجل من أجل استغلال التكنولوجيا في التطبيق والتواصل لرقمنة المدرسة، والتخفيف في الأدوات والوسائل المعتمدة سابقا لتحقيق جودة التعليم.
«سناسا»: المدرسة الرّقمية..الحل
قال الأمين العام لنقابة المشرفين والمساعدين التربويين، عبد الهادي احمد، في اتصال بـ «الشعب»، إنّ الدخول المدرسي يشهد تحضيرات محلية ومركزية من السلطات ووزارة التربية الوطنية، مديرياتها وجميع الأطقم التربوية والإدارية جراء ما خلفته الجائحة من تأثيرات نفسية، اجتماعية وحتى اقتصادية من حيث تكليف الأولياء بكتب وأدوات مدرسية يعجز الكثير عن اقتنائها.
يحدث هذا - يقول المتحدث - على ضوء تهاوي القدرة الشرائية التي ألقت بتبعاتها على مختلف فئات المجتمع، خاصة ذوي الدخل المتوسط والضعيف من أولياء التلاميذ الذين لديهم أبناء يدرسون في مختلف الأطوار التعليمية، الأمر الذي أنهك جيوبهم، خاصة وأن سعر أصغر كراس يفوق 50 دينارا.
وقال المتحدث في سياق موصول، إنّ ارتفاع تكلفة الأدوات المدرسية التي تجاوزت الـ 10 بالمائة هذه السنة أثّرت على مجانية التعليم بشكل جعل الأولياء يناشدون السلطات من اجل تخفيف ثقل المحفظة المدرسية، المناهج والبرامج، مشيرا إلى أن الأمر يستدعي دراسة مقنّنة وفق ورشات تتشكل من مختلف القطاعات، التضامن والنشاط الاجتماعي التربية الوطنية ممثلة بأهل الاختصاص من مفتشي مواد وفاعلين في القطاع وشركاء اجتماعيين، وكذا وزارتي الصحة والمالية للوصول إلى حلول ترضي الأطراف الفاعلة.
وبخصوص ثقل المنهاج وكثافة البرامج - يضيف المتحدث – أن الأمر يحتاج إلى إصلاحات جذرية لتدارك الإشكال الذي ألقى بظلاله على التلميذ من حيث المستوى التربوي والعلمي، وعلى الأستاذ الذي ضاع أمام برنامج مكثف، والأولياء الذين أتعبتهم مصاريف الأدوات المدرسية في بداية السنة، ودروس الدعم إلى غاية نهاية الموسم الدراسي.
وأكّد المتحدث، أنّ الكثير من أرباب الأسر يواجهون متاعب كبيرة من الناحية المادية، خاصة في الوضع الحالي المتزامن مع تداعيات أزمة كورونا وما خلفته من آثار على عديد الأسر التي تصارع لتوفير الوسائل الضرورية لأبنائها، حيث لا تقتصر على الأدوات المدرسية فحسب بل تعدّتها إلى الكتب المدرسية والألبسة.