يرى فاعلون في قطاع التربية، أن قرارات مجلس الوزراء تعكس في شقها المتعلق بالتربية والتعليم، حرص الدولة واهتمامها بالدخول المدرسي، وسعيها من أجل توفير الظروف المادية والمعنوية التي تضمن تمدرسا جيدا، مثمنين في ذات السياق قرار تخفيف المحفظة المدرسية حيث لا يجب أن تتجاوز 10 بالمائة من وزن التلميذ يقول المختصون.
يطرح مشكل ثقل المحفظة المدرسية كل دخول مدرسي وهذا لما لها من تأثير سلبي على صحة الأطفال بسبب الوزن الزائد الذي يفوق في بعض الأحيان وزن التلميذ نفسه، ويتسبب في إصابته بأمراض كثيرة ،ما جعل الاولياء والنقابات تطالب بايجاد حل لهذه المعضلة، حيث اقترحت تخفيف البرنامج في بعض المواد.
«سناداب»: تخفيف المناهج حل لمعضلة المحفظة
قال الأمين العام لنقابة مديري التعليم الابتدائي عبد الكريم قعيد في تصريح لـ»الشعب»، إن النقابة عبرت عن موقفها مرارا وتكرارا فيما يخص النقاط التالية واقترحت التخفيف من ثقل وزن المحفظة، وأن تكون الأخيرة لا تتجاوز 10% من وزن التلميذ، وهذا بدمج بعض النصوص والتخفيف من برنامج بعض المواد وإبقاء بعض الكتب بالقسم وللمختصين التربويين آراء مختلفة حول الموضوع .
وأفاد بخصوص النقل المدرسي، « إن النقابة تقترح استقلالية المدرسة عن البلدية وتأسيس مؤسسة عمومية مستقلة بذاتها مهمتها التكفل بكل الخدمات المدرسية ،موضحا بشأن تلقيح مستخدمي القطاع أن» سناداب»تقترح التسريع في العملية ،مع عدم الإلزامية وضرورة توفير كل الوسائل الوقائية خاصة في المدارس الابتدائية .
وعرج الأمين العام إلى معاناة شريحة الصم والبكم وغيرها من الفئات بسبب غياب مدارس خاصة بهم،حيث اقترحت توسيع المرافق المتخصصة في تعليم الصم البكم لتشمل أيضا أمراض التوحد والتلاميذ الذين يعانون من ضغوطات نفسية نتيجة الانفصال الأسري أو نتيجة الكوارث الطبيعية .
ودعت نقابة مديري المدارس الابتدائية، كل الاطراف الفاعلة في قطاع التربية من أساتذة وعمال إلى ضرورة التحضير الجيد للدخول المدرسي، وخاصة الجماعات المحلية من أجل انجاح الموسم الدراسي الذي يواجه تحديات ورهانات كبيرة .
تمدرس آمن للتلاميذ
من جهته، أكد الناشط التربوي كمال نواري ، في تصريح لـ «الشعب»، أن بيان مجلس الوزاراء في شقه الخاص بقطاع التربية الوطنية جاء في وقته، وهو دليل على أن الدخول المدرسي هو في صميم الاهتمامات ودليل على متابعة تحضير دخول مدرسي آمن عن قرب، وبالتالي فإن كل الأوامر والتوجيهات تصب في صالح التلاميذ ومستخدمي القطاع.
الحديث عن حلول فورية لثقل المحفظة المدرسية، يطرحه الأولياء كل سنة دراسية، ما يستدعي توفير خزائن داخل المؤسسات لوضع الكتب المدرسية بها بدل نقلها يوميا، وكذا توحيد مواقيت التلاميذ حتى لا تحمل كل الكتب بل يحمل معه الكتب التي يحتاجها صباحا أو في المساء فقط.
وعن قرار توفير النقل المدرسي بالعدد الكافي، قال إن الأمر ضروري، خاصة في مناطق الظل التي تعاني الإشكال بسبب المخططات الاستثنائية التي يدرس فيها تلاميذ الطورين الثاني والثالث حتى الخامسة مساء، الأمر الذي يستوجب تنظيم تنقلاتهم وفق مواقيت دراستهم مع ضرورة احترام كل القواعد المرتبطة بالنقل الجماعي من طرف التلاميذ. وثمّن كمال نواري قرار إطلاق المدرسة الوطنية العليا لتكوين الأساتذة المختصين في تعليم الصم البكم، هذه الفئة التي تعاني كثيرا في ظل غياب مراكز ومدارس التكفل بها، وهي بحاجة إلى التفاتة من أجل تطوير قدراتها العلمية والتربوية، هذا إلى جانب قرار استحداث كتب «البراي» في مادتي الرياضيات والعلوم لأول مرة في الجزائر الذي يعد مكسبا حقيقيا.
يرى الناشط التربوي في الجانب الصحي، أن ما جاء به الاجتماع دليل على أهمية عملية التلقيح لمستخدمي قطاع التربية وهذا لمنع انتشار الفيروس في الوسط المدرسي، حيث سخرت السلطات كل الوسائل التي تضمن السير الحسن للعملية على غرار وحدات الكشف والمتابعة و طب العمل خلال عطلة الصيف لتلقيح موظفي القطاع، والعملية مستمرة الى غاية اليوم.
قرارات تنعكس على التلاميذ والمستخدمين
صرح الخبير التربوي بن زهير بلال لـ»الشعب»، أن الدخول المدرسي يشهد اهتماما كبيرا من أعلى هرم في السلطة، وهو ما يعكس القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء المنعقد، أول أمس، والذي أفرج عن قرار متابعة ملف ثقل المحفظة والعمل على إيجاد الحلول الكافية من أجل التخفيف منها، وأيضا قضية التلقيح التي أصر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على ضرورة تطعيم جميع منتسبي القطاع من أجل دخول مدرسي آمن، وكذا مسألة النقل المدرسي خاصة في المناطق النائية التي تولي الدولة عناية فائقة بها من أجل تمدرس عادل للجميع.
المتأمل في هذه القرارات- يقول المتحدث - يدرك مدى الاهتمام الذي توليه السلطات للدخول المدرسي، غير أن هكذا قرارات تحتاج إلى آليات لتجسيدها فعليا، حيث يرى أنه لا يوجد أي طريقة للتخفيف من ثقل المدرسة، إلا عن طريق إصلاح المناهج الدراسية واستبدالها بمناهج تساير التطور التكنولوجي الحاصل مع المحافظة على الثوابت الوطنية.
ومن جهة أخرى لابد من تعزيز التعلم الإلكتروني من لوحات رقمية وسبورات ذكية للتخفيف فعلا من ثقل المحفظة، لأن العالم يشهد تحولا متسارعا في هذا المجال، خاصة مع الأوضاع التي أفرزتها مرحلة كورونا، حيث أصبح التعليم الالكتروني ضرورة ملحة.
وبالنسبة للنقل المدرسي-يضيف بن زهير بلال- نلمس التطور والتحسن في هذا المجال، لكن يبقى بحاجة إلى مؤسسة وطنية تعنى بهذه الوظيفة، وظيفة النقل المدرسي من أجل أكبر ضمان وتحسين لهذه الخدمة التي يحتاجها أبناءنا بكثرة خاصة في المناطق البعيدة التي يفتقر فيها المتمدرسون لأبسط الحقوق.
أما في الجانب الصحي، فلا يشك أحد بضرورة التلقيح، خاصة وأن العالم مجمع كله حول ضرورة التطعيم من أجل العودة للحياة العادية وليس فقط تمدرس آمن ،مؤكدا أهمية التسريع في العملية لتحقيق المناعة الجماعية ومنع تفشي الوباء في المؤسسات التربوية، لأن هذا يعرقل مسار العملية التعلمية.
وثمن الخبير التربوي بن زهير بلال القرارات التي ينتظر مستخدمي القطاع تطبيقها ميدانيا، آملا من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أن يعني عنايته الكريمة بقطاع التربية ومنتسبيها والتكفل بجميع انشغالاتهم المادية والاجتماعية وتحسين ظروفهم المهنية وكذا قدرتهم الشرائية، فلا يمكن الحديث عن تعليم إلكتروني والأستاذ بحاجة إلى بطاقة إلكترونية تسمح له من سحب راتب لائق يحفظ كرامته.
من جهتهم، رواد الفضاء الأزرق من منتسبي القطاع ومن لهم علاقة بالتربية، ثمنوا القرارات واعتبروها الحل للكثير من المشاكل، إلا أنهم طالبوا التعجيل بتطبيقها ميدانيا، لأنه من المفروض أن يحضر لها بثلاث أشهر قبل الدخول المدرسي، أي في نهاية الموسم الفارط سواء على مستوى قطاع التربية أو الجماعات المحلية من حيث إعداد الكتب، اقتناء اللوازم المدرسية وغيرها من الأمور الضرورية.
والأهم في كل هذا يقول الناشط رضا عامر إداري بابتدائية، المناهج والبرامج التي كانت محل انتقاد كبير جدا، في حين نجد دولا أخرى أعادت النظر في المحفظة المدرسية منذ شهور، واعتمدت دمج المواد الضرورية في كتاب واحد لمدة شهر، وكل شهر يتم تغيير الكتاب حسب البرنامج المسطر.
وبخصوص عامل الوقت، رأت أستاذة اللغة الفرنسية بابتدائية بغليزان، منال سماري، أن الوقت غير كاف لإعادة النظر في كل هذا، مع العلم أن العنصر المهم في هذه الحلقة، هو تحضير المعلم والأستاذ وإشراكه في كل تغيير، ومع ذلك يجب التسريع في تجسيد القرارات خدمة لمصلحة التلميذ والأستاذ.
وعليه، أكد هؤلاء أن هذه القرارات بحاجة إلى وقت كاف لتطبيقها على أرض الواقع، حتى تنعكس إيجابا على المنظومة التربوية.