ثمن أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق ببودواو جمال درويش في حديث لـ»الشعب» مشروع قرار رئيس الجمهورية بتخصيص منحة لفائدة البطالين، معتبرا « المشروع مكسبا لفئات واسعة من المجتمع تعاني شبح البطالة وبالأخص الطلبة وخريجي معاهد التكوين من حاملي الشهادات، مع ذلك تبقى الكثير من التحديات في طريق تجسيد القرار بسبب حساسية الملف وصعوبة إعداد بطاقية وطنية لتحديد الشخص البطال من غيره ممن ينشطون في أعمال حرة كالتجارة والفلاحة غير المصرح بهم لدى الضمان الاجتماعي.
أكد جمال درويش أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق لبومرداس، «أن قرار تخصيص منحة لفائدة البطالين بحاجة إلى آليات تطبيقية ودراسة متأنية تستدعي تضافر جهود جميع الهيئات والوزارات ذات الصلة بملف التشغيل الحساس من أجل التدقيق وإحصاء جميع الفئات المستهدفة من المشروع من حيث السن، المدة وأيضا القيمة المالية التي تعتبر مهمة تماشيا مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة.
وأضاف الباحث المتخصص في تحليل السياسات العامة»أن القرار لم يحدد بعد الفئة الاجتماعية المعنية بمنحة البطالة هل هم الطلبة وخريجي معاهد التكوين المهني من حاملي الشهادات والمشاريع الذين يبحثون عن منصب عمل، أم يشمل باقي الفئات الاجتماعية الأخرى المتعددة في المجتمع وهم أيضا بحاجة إلى هذه المنحة كفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، النساء الأرامل والمطلقات بدون مصدر وغيره من الشرائح الأخرى، إضافة إلى إشكالية صرف المنحة من حيث المدة وهل هي محددة في الزمان أم متواصلة إلى غاية إيجاد منصب عمل من قبل الشخص البطال»؟.
في سؤال عن تقديره لطريقة إعداد البطاقية الوطنية للبطالين واستحداث جهاز مراقبة من أجل ضمان شفافية العملية، اعترف أستاذ العلوم السياسية بصعوبة المهمة وضرورة التنسيق بين مختلف الوزارات والقطاعات العامة والخاصة للمساهمة في عملية الإحصاء وتطهير قوائم التشغيل وطالبي العمل من أجل إعداد بطاقية وطنية شاملة تساعد بعد ذلك في تحديد دقيق للأشخاص المعنيين، وبالتالي إمكانية متابعة الملف وتسييره بشكل جديد من قبل الهيئات التي ستشرف لاحقا على تسييره.
استفادة من التجارب
ركز الأستاذ جمال درويش في مستهل حديثه على أهمية مشروع إعداد قانون خاص بمنحة البطالة، والاستفادة من باقي التجارب السابقة في عدد من الدول الرائدة التي تملك باعا طويلا في مجال تسيير قطاع الشغل وطريقة التكفل بالبطالين، وأشار بالذكر في هذا الخصوص إلى تجربة الولايات المتحدة الأمريكية التي حددت صنفين من البطالين، الفئة الأولى تشمل الأشخاص الباحثين عن عمل لأول مرة ممن بلغوا السن القانوني وأغلبهم من الطلبة.
أما الصنف الثاني حسب تصريح الأستاذ فيشمل الأشخاص الذين فقدوا وظائف العمل بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية الأخيرة بعد جائحة كورونا التي تسببت في توقف الكثير من المؤسسات الاقتصادية نتيجة تراجع النشاط والركود الاقتصادي الذي وسع من نسبة البطالة، لكن الحالة الجزائرية التي نحن بصدد مناقشتها، فإن الفئة الأولى هي المستهدفة من القرار، من خلال تخصيص منحة مرافقة ومساعدة في التنقل والبحث عن عمل، وبالخصوص الطلبة الذين هم بحاجة إلى إعانة مالية للتحرك، في انتظار آليات تطبيقه في الميدان.
كما أشار أستاذ العلوم السياسية إلى نقطة مهمة أخرى تتعلق بمدونة البطالين وكيفية إعداد البطاقية الوطنية والإجراءات القانونية المتعلقة بمتابعة المخالفين من أصحاب التصريح الكاذب، وهنا ألح الباحث «إلى ضرورة إشراك القطاع الخاص أيضا في مجال البناء والأشغال العمومية، التجارة، الفلاحة ومختلف الأنشطة الحرة التي تستقبل عشرات العمال اغلبهم ناشطين دون تصريح أو تغطية اجتماعية لكنهم في الأصل يصنفون مع الطبقة الشغيلة وليس العاطلة»، مع إعطاء أمثلة كثيرة عن حالات التحايل على القانون الذي قد يواجهه المشرع الجزائري ومسير الملف تعاني منها عديد الإدارات العمومية كقطاع التربية فيما يخص منحة 5 آلاف دينار التي تصرف على التلاميذ المعوزين وصعوبة تحديد نشاط الأولياء من أصحاب المهن الحرة غير المقننة.