كرونولوجيا انتشار السّلالة «الأخطر» في الجزائر

«دلتا» أثار الرّعب على مدى شهرين كاملين

ف - كلواز

 بالرغم من الكارثة الصحية التي عاشتها الهند بسبب «إطاحة» المتحور «دلتا» بمنظومتها الصحية، كان على الجزائريين انتظار شهر ماي ليتأكدوا من تسجيل اول إصابة بالسلالة المتحورة «دلتا»، لتتسارع وتيرة انتشارها لتدخل الجزائر جويلية الماضي موجة ثالثة أحكمت «دلتا» قبضتها عليها، لتعيش وضعا وبائيا بمعطيات جديدة مرتبطة أساسا بخائص الجينية للمتحور الشرس.

 عندما أعلن معهد باستور في الـ 3 ماي الماضي أنه تم الكشف لأول مرة عن 6 حالات من السلالة الهندية في ولاية تيبازة، قلّل الجزائريون من خطورة متحور ارتبط اسمه بصور الموت في الهند، وعجزت تحذيرات المنظمة العالمية للصحة من شدّ انتباههم لأخذها على محمل الجد، خاصة وأن السلالة الجديدة تتميز بسرعة انتشار أكبر مقارنة بالسلالات الأخرى من فيروس كورونا، إذ يبلغ متوسط العدوى لدى شخص مصاب بالفيروس الأصلي 2.5، في حين أن المصاب بالمتحور «دلتا» يمكن أن ينقل العدوى من 5 إلى 8 أشخاص آخرين.
لم تمنع التحذيرات من استمرار الجزائريين في حياتهم بصفة طبيعية، فالأرقام اليومية انخفضت إلى اقل من 100 إصابة، لذلك وضعوا الكمامة والإجراءات الوقائية جانبا واستعدوا لعطلة صيفية تعوّض ما فاتهم السنة الماضية بسبب الغلق، فتخفيف الحجر المنزلي منحتهم جرعة زائدة من الاطمئنان والثقة في ان فيروس كورونا انتهى، لامبالاة واستهتار ستجعلان الجميع يدفع الثمن غاليا بعد شهرين فقط من اول إصابة بسلالة «دلتا».
تصاعد مريب وتراخ مثير للقلق
بعد أقل من شهر من بيان معهد باستور، وفي الـ 30 ماي تم تسجيل 269 إصابة جديدة بفيروس كورونا، لتواصل تصاعدها خلال شهر جوان حتى تصل 1109 الإصابة جديدة في الـ 15 جويلية بعد سبعة أشهر من وصولها هذا الرقم في نوفمبر 2020، ومع بلوغ الألف إصابة جديدة في الـ 24 ساعة، كان لا بد من اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي لموجة ثالثة أعلن معهد باستور في 25 جويلية أن السلالة المتحوّرة الهندية «دلتا» أضحت الأولى انتشارًا في الجزائر بنسبة 71 بالمائة، متوقعًا أن تبلغ نسبة 90 بالمائة خلال الأسابيع التي تليها.
استدعى الوضع الوبائي المقلق اجتماع اللجنة العلمية لمتابعة ورصد انتشار فيروس كورونا في الجزائر، حيث أعلنت وزارة الصحة حالة الاستنفار القصوى في المستشفيات التي عرفت عجزا في استيعاب حالات الإصابة الجديدة بسبب حالة التشبع الكامل بالمرضى خاصة في الولايات التي عرفت انتشارا كبيرا للمتحور «دلتا» كالعاصمة، وهران، تيبازة وتيزي وزو، زاده ارتفاع الطلب على الأوكسجين تأزما.
لتكون حصيلة الإصابات في الـ 28 جويلية الماضي صدمة موجعة للجزائريين، حيث تمّ تسجيل 1928 إصابة جديدة في الـ 24 ساعة، رقم أرعب الجزائريين والسلطات المعنية، لأن ارتفاعه أكثر يعني انهيار المنظومة الصحية بهزيمة قاتلة أمام «دلتا»، لذلك كانت عتبة الـ 2000 إصابة نقطة تحوّل مهمة في تعامل المواطن مع متحور أعلنته منظمة الصحة العالمية «الأخطر».  
ذروة كانت بداية نزول المنحنى التصاعدي، ليعود في اليوم الموالي الى أكثر من 1500 إصابة حتى 29 جويلية الماضي، لتستمر في النزول الى حين بلوغها عتبة الـ 300 إصابة شهر سبتمبر الجاري، في استقرار واضح للوضع الوبائي في الجزائر.
«دلتا»..المغامرة ممنوعة
 الانتشار المرعب للسلالة المتحورة «دلتا « شهري جويلية وأوت تطلّب العودة للمرة الثالثة الى تشديد تدابير الحجر الصحي، حيث أعلنت الحكومة في بيان لها في الـ 25 جويلية الماضي، تشديد الإجراءات المتخذة لمكافحة انتشار فيروس كورونا في البلاد، وذلك بعد جلسة لمجلس الوزراء تقرر فيها تطبيق حزمة من الإجراءات لمواجهة ارتفاع الإصابات الناجم عن انتشار المتحور «دلتا»، من ضمنها تمديد حظر التجوال الليلي لمدة 10 أيام إضافية من الثامنة مساء الى السادسة صباحا، إغلاق القاعات الرياضية ومراكز الشباب والمراكز الثقافية والمساحات الترفيهية خاصة الشواطئ في 35 ولاية، وكذا تعليق النقل الحضري العام والخاص خلال نهاية الأسبوع في جميع أنحاء البلاد.
جاء التشديد في تدابير الحجر المنزلي بعد أن قرّر الوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، تمديد إجراء الحجر الجزئي المنزلي لمدة 10 أيام على مستوى 24 ولاية بزيادة 10 ولايات، ابتداء من 19 جويلية، في إطار تسيير الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة كوفيد-19.
لتعلن المستشفيات العاصمة حالة الاستنفار القصوى بعد أن امتلأت بحالات الإصابة الجديدة، حيث تقرر إعادة تفعيل مخطط مجابهة الفيروس بوضع بقية الأقسام الطبية تحت تصرف حالات كورونا، ليكشف وزير الصحة عبد الرحمان بن بوزيد، في الـ 2 اوت الماضي اعتماد برتوكول علاجي جديد موحد بالجزائر للتكيف مع متحور «دلتا».
حالة الترقب التي خلقتها موجة ثالثة السلالات المتحورة سيدة الموقف فيها، أفضت الى اتخاذ السلطات خطوة استباقية لتطويق تفشيها وانتشارها عبر التراب الوطني، حيث قامت بتحويل الفضاءات العمومية في معظم الولايات من ساحات وحدائق ومساجد إلى فضاءات مفتوحة للتلقيح ضد الفيروس، وسط تزايد إقبال المواطنين على عملية التلقيح.
عنصر «المفاجأة»
 في تصريح لوزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد الرحمن بن بوزيد قال: «إن السلالة دلتا فاجأتنا في وقت ضيق، وإن كنا ننتظر الموجة الثالثة، خاصة أن الدول في الموجة الرابعة»، عنصر المفاجأة لم يكن مرتبطا بغياب التخطيط، فقد توقع المختصون دخول الجزائر في موجة ثالثة شهر جويلية الماضي، لكن وعلى خلاف الموجتين السابقتين، كان لـ «دلتا» الكلمة الأخيرة في لااستقرار الوضع الوبائي في الجزائر، فازدياد الطلب على الاوكسجين أدخل الجزائريين في ازمة حقيقية استدعت مسارعة الدولة لاستيراد المكثفات وتوفير مولدات الأكسجين لتغطية العجز المسجل في المستشفيات.
ومع ارتفاع عدد الإصابات وبلوغها رقما قياسيا لم تسجله الجزائر منذ بداية انتشار الجائحة بـ 1927 إصابة، أصبح واضحا وجليا أنّنا أمام وضع وبائي مقلق، زاده انتعاش سوق «تجار الازمات» شدة وحدة، وعلى ضوء غياب سياسة صحية استشرافية وتزايد معدل الإصابات اليومية تجاوز 1500 إصابة جديدة، كان على الجميع تحمل مسئولياته من أجل إخراج «دلتا» من دائرة الاستغلال السياسي و»الربحي» لضرب الجزائر.
فكان لجوء الدولة الى استيراد المكثفات ومولدات الاوكسجين حلا استعجاليا لتسيير ازمة مرتبطة أساسا بأهم خاصية جينية للمتحور «دلتا» في كونه السلالة الاكثر عدوى، لتفادي ازمة أخرى قد تكون اشد في موجة رابعة مرتقبة للسلالة المتحورة «مو».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024