شروط جديدة لانتخاب «المير»

التّـوافـق وإنهاء حالات الانسداد

زهراء - ب

يمهّد التعديل المدرج على قانون البلدية الطريق لإضفاء التوافق والتوازن داخل المجالس المحلية المنتخبة، بحيث يتيح الحرية لأعضاء هذه المجالس لانتخاب من يترأس المجلس البلدي، وينهي عهد «رأس القائمة» المعتمد في القانون السابق، والذي تسبّب في انسداد أكثر من 700 بلدية، بسبب خلافات تفجّرت بين المنتخبين بالرغم من عقد تحالفات سرعان ما انهارت وعطّلت عمل المجالس وجمدت المشاريع التنموية والتكفل بانشغالات المواطنين، ولكن يحتاج هذا القانون حسب آراء قيادات أحزاب سياسية إلى تعديل «جوهري» يعيد الصلاحيات للمنتخب المحلي حتى لا تبقى مسؤولياته منحصرة في رفع القمامة وإصلاح مصابيح الإنارة العمومية.
 يضع الأمر رقم 21-13 المؤرخ في 31 أوت 2021، يعدّل ويتمّم بعض أحكام القانون رقم 11-10 المؤرخ في 22 جوان 2011 المتعلق بالبلدية، شروطا جديدة لانتخاب رئيس المجلس الشعبي البلدي، في ظرف 8 أيام بعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات، بدل 15 يوما.
وجاء في الأمر المعدل لقانون البلدية، أنّ الوالي يستدعي المنتخبين قصد تنصيب المجلس الشعبي البلدي خلال الثمانية أيام التي تلي إعلان النتائج النهائية للإنتخابات، على أن يجتمع المجلس الشعبي البلدي حسب المادة 64 مكرر تحت رئاسة المنتخب الأكبر سنا، قصد انتخاب رئيسه خلال الخمسة أيام التي تلي تنصيب المجلس، ويتم وضع مكتب مؤقت للإشراف على الانتخاب يتشكل من المنتخب الأكبر سنا ويساعده المنتخبان الأصغر سنا، على أن يكونوا غير مترشحين، ويستقبل المكتب المؤقت الترشيحات لانتخاب الرئيس و يقوم بإعداد قائمة المترشحين.
الأغلبية المطلقة أو الدور الثاني
 بالعودة إلى جوهر التعديل المدرج على نص القانون السابق، تمّ الأخذ بعين الاعتبار النظام الانتخابي الجديد المعتمد و القائم على القائمة المفتوحة، بحيث يشترط القانون الجديد أن يكون المترشح لتولي رئاسة المجلس الشعبي البلدي من القائمة الحائزة على الأغلبية المطلقة للمقاعد، مثلما تنص عليه المادة 65.
ووضع الأمر احتمالات أخرى لانتخاب «المير»، بحيث يمكن للقائمتين الحائزتين على 35 بالمائة على الأقل من المقاعد حالة عدم حصول أي قائمة على الأغلبية المطلقة للمقاعد، تقديم مرشح، وفي حالة عدم حصول أي قائمة على 35 بالمائة على الأقل من المقاعد يمكن جميع القوائم تقديم مرشح عنها، ويكون الانتخاب سريا ويعلن رئيسا للمجلس الشعبي البلدي المترشح الذي تحصل على الأغلبية المطلقة للأصوات.
وإذا لم يحصل أي مترشح على الأغلبية المطلقة للأصوات، يجري دور ثان بين المترشحين الحائزين المرتبتين الأولى والثانية، ويعلن فائزا المترشح المتحصل على أغلبية الأصوات.
تجمّع أمل الجزائر: تعديل منصف
 تصف رئيسة حزب تجمع أمل الجزائر، فاطمة الزهراء زرواطي، في تصريح لـ «الشعب ويكاند»، التعديل المدرج على قانون البلدية بـ «المنصف والمنطقي»، كونه أخذ بعين الاعتبار نظام القائمة المفتوحة التي ألغت العمل بـ «متصدّر القائمة» الذي كان يتولى رئاسة المجلس الشعبي البلدي آليا.
وقالت «حسب النظام السابق كان متصدّر القائمة الفائزة هو من يتولى رئاسة المجلس الشعبي البلدي بعد فرز النتائج، أما في ظل وجود القائمة المفتوحة وفي ظل تكافؤ الفرص والمحافظة على هذه الميزة التي أضيفت للقوائم، من الضروري أن يمر رئيس المجلس عن طريق انتخاب من طرف الأعضاء الذين تفرزهم العملية الانتخابية وهذا منطقي جدا».
وأضافت أن هذا الإجراء «سيضفي نوعا من الاستقرار على المجلس ونوعا من التفاهم والتوافق داخل المجلس ويكرس المبدأ الديمقراطي، ومبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين كل الأعضاء ويضعهم على نفس قدم المساواة».
وأشارت إلى أن المجالس المحلية المنتخبة منذ عهد الحزب الواحد لم تكن تعرف التنافس، ولكن بعد التعددية وبروز التنوع الكبير بين الأحزاب ظهر نوع من الانسداد في بعض البلديات، وبالتالي تعطلت الكثير من مصالح المواطنين وهزل عمل المجلس الذي يفترض أن يقوم على كل انشغالات المواطنين، على حد قولها.
وقالت «هذا الأمر جعلنا نشهد خروقات كثيرة منها انفراد رئيس المجلس بكثير من القرارات التي أوصلته إلى المحاكم والسجون، وبروز تفسخ العمل الجماعي، كما أن المداولات أصبحت مجرّد اجتماع شكلي لا غير، واللجان أفرغت من عملها الأساسي إلى أعضاء دون إعطائها الأهمية الكبيرة لأنها هي المسؤولة على كثير من انشغالات المواطنين في كل المجالات، وهو ما شهدناه في التجربة السابقة ثم مررنا بتجربة تشكيل المجالس من الأغلبية، وهذا نقص بعض التوتر والمشاكل التي كانت موجودة داخليا، واليوم نمر إلى تحسين أكبر وإلى ديمقراطية داخل المجالس».
وترى زرواطي أن «المشكل ليس في من ننتخب، لأن نوعية المجلس المنتخب تأتي من حسن اختيار ليس فقط الكفاءات بل من يملك حس المسؤولية والقادر على إدارة شؤونها لأن الكفاءة تكون بتوفر الإرادة والقدرة على تحمل المسؤولية والتحلي بالنزاهة، وتقترن بحس التشاركية لتقديم الأحسن للمواطنين لأنه في نهاية الأمر المجلس الذي يفرزه الصندوق الانتخابي يقوم على خدمة جميع مواطني البلدية بما فيهم الذين لم يصوتوا عليهم»، لذلك يجب التخلص مثلما قالت «من عقدة الانتماء لجهة أو خدمة من انتخب فقط، ونبقى في عملية إهدار الوقت وإقصاء لعدة سنوات، فهذه الممارسات خلفت كوارث تنموية رهيبة يصعب سدها وتحتاج سنوات أخرى للتكفل بها».
وشدّدت زرواطي على ضرورة أن يكون العنصر البشري في مستوى التحديات الحالية لأنّ عدة بلديات اليوم تحصي مناطق ظل داخل إقليمها بسبب الإخلاء بالمسؤولية أو عدم القدرة على تحملها للإقلاع بهذا الإقليم أو عدم وجود رؤية حقيقية، وعدم امتلاك المجلس كل الآليات الممكنة ورؤية وإستراتيجية تتكيف مع متطلبات واحتياجات كل الوقت.
وقالت «يجب التخلص من العنصر البشري الرديء، الذي مازال يقضي مصالحه الشخصية بأي طريقة ولو بالممارسة الانتخابية».
جيل جديد: انسجام بين نمط الانتخاب والتّسيير
 من جهته، يعتبر رئيس حزب جيل جديد سفيان جيلالي التعديل الوارد في قانون البلدية «مكمّلا» لقانون الانتخابات حتى يعطي انسجاما ما بين نمط الانتخابات في المجالس المحلية ونمط تسيرها، مادام أن الاختيار للمواطن يكون بالقائمة المفتوحة وليس متصدر قائمة.
ويضفي هذا التعديل - يضيف المتحدث - توازنا على المجلس لأنه يتيح لأعضاء المنتخبين اختيار من يقوم برئاسة المجلس ونوابه، و»هذا ربما يعطي أكثر توازنا داخل المجالس الشعبية البلدية»، وقد يقضي على أشكال الانسداد وغياب التوافق داخل المجلس خاصة بين من يرأسه و الأعضاء.
وأبرز أن التعديل يعزّز الخيار الديمقراطي والتوافق ولكن من جهة أخرى لا يلغي إمكانية وجود الفساد داخل المجلس، وهذا يمكن تفاديه مثلما قال «بقرارات وتعديلات أخرى يمكن أن تأتي في المستقبل بإعادة النظر في قانون المجالس المحلية البلدية و الولائية، وهو ما تنتظره التشكيلات السياسية لإصلاح كل منظومة تسيير المجالس المحلية لتفادي ظواهر الفساد».
حركة النهضة: فك عقدة الإنسدادات
 يتّفق الأمين العام لحركة النهضة يزيد بن عائشة، مع رؤساء التشكيلات السياسية السابقة الذكر، في أن التعديل المدرج على قانون البلدية «سيفك عقدة الانسدادات» التي تحدث أثناء توزيع المقاعد، لأن القانون المعدل يحتمل عدة حالات لتولي رئاسة المجلس الشعبي البلدي من بينها شرط الحصول على الأغلبية المطلقة، أو نسبة 35 بالمائة وهذا يمكن أن يساعد على حل الانسداد على رأس المجالس المحلية والبلدية، وتجنب الكثير من المشاكل.
وأشار بن عائشة إلى أنّ تعديل القوانين جاء للتكيف مع ما ورد في الدستور وحتى يكون فيه انسجام مع القوانين الجديدة، مرافعا لصالح إدراج تعديلات تكون في اتجاه صلاحيات المنتخبين على المستوى القاعدي وتوسع صلاحياتهم بما يعزّز قدرتهم على تحقيق التنمية على مستوى المحلي، وإعطاء دور أساسي لرئيس البلدية والمنتخبين من أجل تعزيز الرقابة الشعبية والتمثيل الشعبي، الذي يصبح له دور مهم في مجال مراقبة التنمية، خاصة ما تعلق بتحقيق التنمية على مستوى المؤسسات القاعدية في البلد ويتعلق الأمر بالبلدية والولاية.
ويذهب العضو القيادي في جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف في هذا الاتجاه، حيث قال في تصريح لـ «الشعب ويكاند»، إن «قانون البلدية والولاية بحاجة لتعديل جوهري» لأن هذه القوانين مثلما ذكر «وضعت في 2012 من طرف العصابة التي نزعت صلاحيات كل المنتخبين المحليين وصلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي، وأسندتها إلى الإدارة حتى تبقى تمارس مهمتها التي تريدها وتبقى تنهب المال العام، ثم انتشر الفساد على المستوى الوطني والمجالس المنتخبة المحلية وأصبح المنتخب المحلي عمله الوحيد هو رفع القمامة والمصابيح، أما الأمور المتعلقة بخدمة المواطنين مثل توزيع السكن والتنمية وتحسين الوضع الاجتماعي للمواطنين، هذا كله تمت مركزته على مستوى الإدارة لتبقى تتعامل مع المواطن ليس مباشرة وتتصرّف في أموره ولكن باسم المنتخبين المحليين».
فالمواطن - يضيف بن خلاف - يأتي يطلب حقه عند المسؤول المحلي أو رئيس البلدية، ولكن هذا المسؤول ليس له الصلاحيات كي يلبي طلبه، ومن ثمة إدراج تعديل جوهري فيما يخص الصلاحيات المنوطة بالمنتخبين المحليين، خاصة رئيس المجلس الشعبي البلدي بات أكثر من ضرورة.
ويصف بن خلال هذا التعديل بـ «المستعجل» ولكن يلغي الطريقة القديمة التي كانت معتمدة في القانون السابق، وأدت إلى انسداد أكثر من 700 مجلس، وعليه سيحل هذا التعديل مشكلة انتخاب رئيس البلدية ولا يحل المشاكل الأخرى المتعلقة بالصلاحيات، لذلك «يبقى قانون البلدية والولاية بحاجة إلى تعديل جوهري وعميق إذا أردنا فعلا أن نعطي صلاحيات لرئيس البلدية كي يقوم بدوره في التنمية وخدمة المواطنين إلى غير ذلك».
الباحث مقراني: نهاية الصّراعات الداخلية
بغض النظر عن الطابع الإستعجالي لإدراج تعديل على قانون البلدية، واقتصار ذلك على تحديد طريقة انتخاب رئيس البلدية فقط، و تكيفه مع المتغيرات الجديدة المدرجة الدستور و قانون الانتخابات، إلا أن ما جاء به الأمر رقم 21-13 المؤرخ في 31 أوت 2021، يعدّل ويتمم بعض أحكام القانون رقم 11-10 المؤرخ في 22 جوان 2011 المتعلق بالبلدية، سينهي حسب الباحث في الشؤون السياسية والقانونية محمد مقراني في تصريحه لـ «الشعب ويكاند»، «صراعات داخلية بين القوائم» شهدتها المحليات السابقة، ووصلت إلى حد حرمان صاحب المنصب الأول من الفوز برئاسة المجلس الشعبي البلدي في ظل سياسة التحالفات التي تتبعها الأحزاب لخدمة مصالحها على حساب اختيارات المواطنين، لكن باعتماد نظام القائمة المفتوحة فإن الاختيار الشعبي سيغلق الباب أمام كل محاولات الانسداد والتلاعبات التي اعتمدتها بعض الدوائر بهدف تعطيل المشاريع، مثلما قال.
وأوضح مقراني أن التعديل الجديد منح عديد الاحتمالات بتفصيل تام وكامل، حيث أن المترشح الفائز بأكثر عدد من الأصوات لا يمكن مصادرة حقه مثلما اعتادت الأحزاب فعله عبر إسقاط صاحب الريادة من خلال تشكيل تحالفات، وقد أغلق هذا التعديل كل الأبواب أمام أي محاولة إسقاط أو مخططات الإطاحة بصاحب الريادة، مشيرا إلى أن هذا القانون تم العمل به في سنة 2012 للانتخابات الولائية وكانت ثماره جد مرضية لأنها أنصفت أصحاب الالتفاف الشعبي، وأنقذتهم من شبح التلاعبات.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024