كشف أستاذ الاقتصاد وباحث منتدب بجامعة نانتشانغ بالصين الشعبية الخبير ‘‘ نور الدين جوادي’’، عقب الإفراج عن مشروع مخطط عمل الحكومة، أنّ نجاعة أداء «الدبلوماسية الاقتصادية الجزائرية» في المرحلة الراهنة باعتبارها القوّة الناعمة لمشروع الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، مرهون بمدى اعتماد مخطط عمل واضح المعالم وثلاثي الأبعاد.
أكد الدكتور جوادي لـ‘‘الشعب’’، أنّ جودة أداء الدبلوماسية الاقتصادية متغيّر مهم في رؤية التصدير خارج المحروقات، إذ جمعت الجزائر مؤخرا كل إمكاناتها المتاحة بما فيها «الدبلوماسية الاقتصادية» ضمن مخطط الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي عموماً، وسياسة فك الارتباط مع النفط على مستوى التجارة الخارجية، لتحصد 05 مليار دولار أمريكي كصادرات خارج مجال النفط.
وأشار الدكتور نور الدين بأنّ الدبلوماسية الاقتصادية أهملت لعقود، بالرغم من أنّ الدراسات العلمية الرصينة والتجارب الدولية الناجحة تثبت أنّها من أهم آليات تطوير الإنتاج الوطني، ورفع وتنويع الصادرات، معتبرا نجاعتها مرهون بمدى اعتماد مخطط عمل واضح المعالم وثلاثي الأبعاد.
تفعيل الإعلام وتعميق الرقمنة
يرى نور الدين جوادي على الأمد القريب، وفي أقل من سنة، ضمن أوّل الأبعاد التي اقترحها، أنه يجب تكثيف الحملة الإعلامية للتعريف بمهام «الدبلوماسية الاقتصادية»، من خلال وسائل الإعلام المرئية والسمعية والمكتوبة بما فيها العامة والخاصة، ووسائط الإعلام البديل، وعبر وسائل الخدمة الجوالة الموجّهة للمصدرين، إضافة إلى ضرورة تعميق رقمنة الخدمات المقدّمة من طرف «مكتب الإعلام وترقية الاستثمارات والصادرات»، واعتماد تطبيقات الهاتف الجوال، وخدمات الرسائل القصيرة وغيرها، وهو النمط الحديث جدّا الذي يجعل المعلومة في متناول المتعاملين الاقتصاديين في أيّ وقت وأيّ مكان، بقدر ما يسمح للدبلوماسيين بتلقي مباشر للمعلومات، الاستفسارات، والمقترحات بشكل أوسع.
كما يجدر بالدبلوماسيين الاقتصاديين وفي أسرع وقت عبر وسائل إلكترونية حديثة إحصاء كل صفقات التصدير سارية التنفيذ أو قيد الإبرام، وتجميع المعلومات حول «المناقصات الدولية» في الدول المستهدفة، خاصة منها التي تتعلق بمنتجات تمتلك فيها الجزائر قدرة تنافسية، وإتاحتها على الإنترنت، وتبليغ المصدرين بها عبر الخدمات الرقمية، ومن ثم مرافقة المصدر والعمل بشكل مستعجل لإنجاح صفقاته، وتحويلها إلى «عمليات تصدير» ضخمة ومتوسطة، وطويلة الأمد، وهذه العملية سوف تُمكّن على الأمد القصير من رفع حجم وقيمة الصادرات خارج المحروقات، بقدر ما تسهم في تشجيع المتعاملين المعنيين بتكثيف جهود التصدير.
قاعدة بيانات ومعلومات دقيقة وشاملة
وحسب الدكتور جوادي على الأمد المتوسط، خلال أقل من 03 سنوات في ثاني الأبعاد، لابد من برمجة حملة واسعة وممنهجة لتنظيم «معارض تجارية» طويلة الأمد في الخارج، والتركيز على معارض (B2B). إضافة إلى إنشاء، استكمال وإتاحة قاعدة بيانات ومعلومات دقيقة، شاملة، ومحينة للمتعاملين الاقتصاديين المحليين والأجانب، بحيث تتضمن ترجمة رسمية للنصوص القانونية المنظمة لعمليتي الاستيراد والاستثمار للدول المستهدفة إلى اللغات الوطنية والعكس، ليتمكن المتعامل من فهمها بسهولة. وبها كذلك «البطاقية الوطنية للمنتجات القابلة للتصدير»، إضافة إلى «بطاقية الاحتياجات السلعية والخدمية للدولة المستهدفة» حسب تسمية الدكتور لهذه البطاقية، وترجمتها إلى اللغات الوطنية إن وجدت، إضافة إلى «أطلس التصدير» الذي هو عبارة عن خريطة أفضل 20 إلى 30 وجهة تصدير للمنتج الجزائري خارج المحروقات، وكل ذلك يسهم كثيراً في تحديد دقيق للملامح الرئيسية لـ «البرنامج الوطني للتصدير».
وعلى الأمد المتوسط أيضاً، يضيف المتحدث، ضرورة تعميم وتعميق التكوين المتخصص للدبلوماسيين والمتعاملين الاقتصاديين على حدّ سواء، وحتى بقية الشركاء الاجتماعيين ذوي الصلة بالتجارة الخارجية والاستثمار، ذلك من خلال تنظيم الدورات التكوينية، الندوات والأيام الدراسية، الملتقيات العلمية، وأيضاً من خلال توسيع دائرة «الاستشارة العلمية والمهنية»، وتحرير الدبلوماسية الاقتصادية من طابعها الإداري، وإشراك عميق للخبراء والأكاديميين، وفعاليات المجتمع المدني، والشركاء التجاريين والاجتماعيين من غرف التجارة والصناعة، الفلاحة والسياحة، والاتحادات وأرباب العمل وغيرها، على المستويين الوطني والخارجي لتجميع الآراء والمقترحات في إطار احترافية الدبلوماسية الاقتصادية.
إعداد دراسات المنتجات المتخصصة
على الأمد البعيد لأكثر من 03 سنوات، يرى الخبير ضمن ثالث الأبعاد التي اقترحها، أهمية وضرورة إعداد ما يُعرف بدراسات «المنتجات المتخصصة»، بحيث يُعنى كل بحث بدراسة سلعة أو خدمة محددة بهدف مساعدة المصدّر على فهم السوق المستهدفة، وكيفية ولوجها، كما تقدم تلك الدراسات معلومات عامة حول اقتصاد الدولة المستهدفة، بالإضافة إلى نظرة عامة على قطاع الإنتاج بها، وتركز أيضًا على كمية الطلب في السوق المستهدف، وحجم المنافسة في السوق، وتفضيلات المستهلكين، وتوفر قائمة بالمشترين المحتملين للتواصل معهم لتسهيل الدخول إلى ذلك السوق.
وأضاف جوادي أنّ «الدبلوماسية الاقتصادية» وجودة أدائها متغير مهم في رؤية التصدير خارج المحروقات، لكن يبقى كل ذلك مرهونا كلياً بنقطتين أساسيتين هما القضاء على البيروقراطية والفساد، وتعديل قانون الاستثمار وقانون الصرف الأجنبي المتعلق بالمصدرين، وزرع وتطوير ثقافة التصدير لدى المتعامل الجزائري
أستاذ الاقتصاد بجامعة نانتشانغ، نور الدين جوادي:
«الدبلوماسية الاقتصادية» للتصدير خارج المحروقات
سفيان حشيفة
شوهد:325 مرة