توجّه الدولة والسلطات العمومية جهودها على مدار السنة، للحفاظ على الصحة العمومية للمواطنين، من خلال ضبط ومراقبة الحركة التجارية وتكثيف حملات التحسيس والتوعية لمواجهة خطر التسممات الغذائية، في وقت يحذر فيه الأخصائيون في الطب وجمعيات حماية المستهلك من أضرار الملوّنات والمضافات الغذائية التي تعد أكثرها من أهم العوامل المسبّبة للسرطان و الأمراض المستعصية.
يقول الدكتور محمد جبلي طبيب عام بمصلحة الأوبئة لمعسكر، أنه بالرغم من تداعيات الجائحة الصحية وتأثيرها العام على تسيير قطاع الصحة، إلا أن هناك حرص شديد على السلامة الغذائية للمواطنين، التي تعد أولوية من أولويات الصحة العمومية، مشيرا أنه من أجل تحقيق السلامة الغذائية لابد من تحلي المواطن بثقافة استهلاكية، خاصة خلال الظرف الصحي الراهن، إذا ما علمنا أن التسمّمات الغذائية والاستهلاك العشوائى يؤثر بدوره على مناعة الجسم وقدرته على مقاومة وباء كوفيد 19.
وأضاف الدكتور محمد جبلي، أنّ التسمّمات الغذائية وتناول الأغذية الملوثة بالجراثيم والفطريات والبكتيريا، تتسبب في أزيد عن 100 مرض بداية من الإسهال والاضطرابات الهضمية إلى الأمراض السرطانية، التي يشكل علاجها عبئا ثقيلا على ميزانية الدولة.
وأضاف متحدث «الشعب»، أنّ التسمّم الغذائي الناجم عن استهلاك أغذية أو مياه وعصائر ملوثة، ينتج غالبا عن سلسلة الانتاج والتوزيع، التي يعود عليها الحمل الأكبر من مسؤولية التسمّمات الغذائية التي تسجل دوريا وحتى الأمراض الناجمة عنها على المدى المتوسط والبعيد، على غرار الإستعمال المفرط للملونات والمضافات الغذائية الاصطناعية المسرطنة والسكاكر، زيادة على ظروف تخزين واستهلاك الأغذية في البيوت، مشيرا أن على المستهلك مراعاة ظروف التخزين والتبريد واستهلاك الأغذية، علما أنّ بعض حالات التسمّمات الغذائية تسببها أغذية أنتجت بشكل سليم.
وأكد الدكتور جبلي محمد، أنّ المستهلك هو الحلقة الأضعف في سلسلة السلامة الغذائية، بسبب غياب ثقافة الاستهلاك والتغذية السليمة، التي يمكن تحقيقها لمجرد الانتباه لمكونات المادة الغذائية الموجهة للاستهلاك ومعرفة رموز المواد الاصطناعية التي تدخل في تركيبة بعض الأغذية وكذا مراقبة تاريخ صلاحيتها، وتشجيع زراعة الخضر باستعمال الأسمدة الطبيعة بدل الأسمدة الكيميائة التي تظهر آثارها ومخاطرها على صحة الإنسان- على المدى البعيد، وهو الأمر الذي يتوقف على وضع خطط لدعم الفلاحين والمنتجين للخضر والفواكه الطبيعة «بيو ».
غـاز البوتـان والسكاريـن لتكبــير حجـم البطيـخ
يعد البطيخ الأحمر من الفواكه التي صارت تستبعدها الأسر بولاية معسكر عن قائمة الفواكه المفضلة والمرغوب فيها، بسبب اكتسابه لسمعة سيئة، تتعلق بإخضاع الفاكهة لنوع من التحايل خلال فترات السقي، حيث يذكر الكثيرون ممّن لهم صلة بواقع الفلاحة وإنتاج البطيخ الأحمر أن البطيخ الأحمر المنتج محليا وعوض توفير حصص كافية وكبيرة من مياه السقي الضرورية لمراحل إنتاجه، صار منتجوه يعمدون إلى ضخ كميات من غاز البوتان في أحواض وقنوات السقي الفلاحي للحصول على الحجم الكبير وإكسابه اللون الأحمر وبالتالي جني محصول البطيخ قبل نضجه، إضافة إلى وضع كميات من الأسمدة الخطرة لنفخ البطيخ في فترة قصيرة، أو نقع بذور البطيخ قبل الغرس في مادة السكارين « السكر الصناعي» وحتى المازوت إضافة إلى طرق أخرى متعددة قد تذهل المختصين ولا تعجز الفلاحين خاصة إذا ما تعلق الأمر بإنتاج البطيخ الأحمر الذي يستهلك من مياه السقي أربعة أضعاف وزنه ويدر أرباحا مضاعفة لمنتجيه.
وحسب تجربة أحد المهتمين بالمجال الفلاحي ومجال زراعة البطيخ الأحمر، فإن السواد الأعظم من الفلاحين المنتجين لهذه الفاكهة الموسمية، يلجؤون إلى ضخ مقدار من غاز البوتان المعبأ في القارورات العادية داخل صهريج للسقي الفلاحي وهي كمية كفيلة لجني محصول البطيخ الأحمر بأحجام كبيرة وفي فترة قصيرة، وحسب المتحدث فإن أعراض هذه الطريقة تبدو على حبة البطيخ بعد شقها، حيث تنبعث منها رائحة شبيهة بالمازوت والغاز فيما يميل لون لب الفاكهة إلى التلف ويظهر أنه غير صالح للاستهلاك.
وأشار محدثنا أن الكثير من الناس تنبهوا لهذا الفعل وهذه الطريقة المشينة والمغشوشة في سقي البطيخ الأحمر وصاروا يعزفون عن شرائه ويمتنعون عن تناوله، في إشارة إلى وجود وعي استهلاكي خاطف يرتبط خصيصا بالامتناع عن تناول الخضر والفواكه التي يتم سقيها بالمياه القذرة أو باستعمال مثل هذه التقنيات الخبيثة.