بدأ العد التنازلي لعيد الأضحى المبارك الذي يفصلنا عنه يوم واحد فقط، في ظل تسجيل استقرار في الأسعار، وعزوف عن الشراء في أسواق المواشي بسبب تدني القدرة الشرائية للكثير من المواطنين.
تلجأ الكثير من العائلات ذات الدخل الضيف في هذه المرحلة، لإحياء شعيرة النبي إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، بالإعتماد على ‘‘الكريدي’’ لكل المبلغ المحدد للأضحية، أو تقديم تسبيق كدفعة أولى حسب قدرة المشتري المالية يتراوح بين 8000 و12000 دينار جزائري.
فلاحون ومربّون كعادتهم كل سنة، أتاحوا في إطار التكافل الاجتماعي بيع كباش بـ «الكريدي» للعائلات التي لا تسمح ظروفها الإجتماعية والمادية الحالية بشراء أضحية، لكن يقتصر انتشار مثل هذه المبادرات في الأحياء والقرى التي يقطن فيها البائع والمشتري معا، إذ يكون البائع على دراية ومعرفة بوضعية القاطنين، خاصة الأشخاص المعروف عنهم احترام آجال التسديد حسب اتفاق الطرفين.
وفي جولة استطلاعية قادتنا إلى بلدية حاسي خليفة الواقعة على بعد 30 كلم شمال مدينة الوادي، تقرّبنا من أحد مزارع الفلاحين التي تحتوي إسطبلا لتربية الأغنام، حيث أكّد صاحبها لجوئه لترويج عدد من الأضاحي بـ «الكريدي» لكل المبلغ لأشخاص معروفين باحترام آجال التسديد حسب الإتفاق، أو «الفاسيلتي» بتحديد مبلغ مسبق يدفعه المشتري لا يتعدى في كل الأحوال 20 بالمائة من سعر الأضحية، والباقي يضبط ويسدد في أشهر قليلة. كما أشار محدثنا أن هناك فلاحين اشتروا أضاحي بـ «الكريدي»، على أن يتم تسديد ثمنها بالكامل بعد حصاد محصولهم القادم، وفق ما تم التفاهم عليه قبل البيع، وذلك مراعاة لظروفهم الإجتماعية والمادية في هذه المرحلة.
وقد رافقنا أحد الزبائن في المزرعة، الذي قام باختيار الكبش المناسب له متجاوزا وزن 31 كلغ، وشرع في التفاوض مع البائع، الذي أشار له بسعر حوالي 44 ألف دينار جزائري، وهو ما لم يقبله الزبون واعتبره سعرا لا يناسبه، طالبا كبشا أقل وزنا في حدود 35 ألف دينار جزائري، وكان له ذلك بعد اختيار آخر في حدود المبلغ الذي يحوزه.
زبون آخر قمنا بمعاينة شرائه لكبش من نفس المكان، علمنا لاحقا أنه فلاح وعلى علاقة مهنية واجتماعية بالبائع، حيث طلب منذ البداية شراء كبش بوزن في حدود 30 و35 كلغ، على أن يتم تسديد المبلغ بالكامل خلال فترة حصاد المحصول بعد أشهر قليلة، وتمت الصفقة بالموافقة بين الطرفين بمبلغ 48 ألف دينار جزائري بكبش وزنه حوالي 34 كلغ.
وعن أسباب لجوئه لشراء كبش بالكريدي، قال ذات الزبون بأن مصاريف المناسبات الأخيرة كشهر رمضان وعيد الفطر قضت على مدخراته المالية، وهو ما حتّم عليه شراء كبش ودفع ثمنه لاحقا، مشيرا إلى أنه في كل مناسبة عيد أضحى عندما لا يتوفر لديه مال، يلجأ إلى أقرب الفلاحين المربّين للغنم في منطقته لشراء أضحية بـ «الكريدي».
وشهدت أسواق المواشي ونقاط البيع المؤقتة بولاية الوادي قبل حلول موعد العيد بيومين، تراجع طفيف في الأسعار، بسبب العرض الوفير من الأغنام وباقي أصناف الماشية «عجول، ماعز»، وتسجيل عزوف شريحة من المواطنين عن الشراء، يعود لانخفاض القدرة الشرائية الذي يبقى هاجس الأسواق ولو انخفضت الأسعار.